تشريعية تتعلق بمنع الفحص الشرجي بصدد الإعداد في اللمسات الأخيرة. الجدل القائم حاليا بين النواب حول الانعكاسات السلبية على تونس بخصوص ما ورد في التقرير، مما جعلهم يفكرون بتسريع تمرير المبادرة في أقرب الآجال.
بعد إصدار منظمة «هيومن رايتسووتش» تقريرا عن السلطات التونسية تعدد فيه الاتهامات اليها والمتمثلة أساسا في مواصلتها جبر وقسر المواطنين المثليين على الخضوع الى الفحوص الشرجية إضافة الى مصادرة هواتفهم الخاصة دون رضاهم من أجل الولوج الى رسائلهم الخاصة ومعطياتهم الشخصية ومعالجتها واستعمال النيابة العمومية لها من أجل ادانة المواطنين على أساس ميولهم الجنسية.
انتقدت المنظمة جملة محاكمات أشخاص بموجب الفصل 230 أو الفصل 226، الذي يجرم «الاعتداء على الأخلاق الحميدة». وبالإضافة إلى انتهاك حقوق الخصوصية، و قد شملت هذه الحالات رفعا للعديد من التجاوزات القانونية والإجرائية المتكررة والمسلطة بصفة الية اذا تبين أن المتهم أو اللاجئ الى العدالة ذا توجه جنسي مثلي، على غرار الجبر والقسر في حالات لا يضبطها القانون التونسي، الهرسلة النفسية والاعتداءات الجسدية المتكررة، حرمان المتهمين من حقوقهم الأساسية على غرار حق الولوج الى القضاء والعدالة والحق في الحصول على المحامي منذ لحظة الإيقاف وغيرها من الممارسات المخالفة للمبادئ الأساسية لحقوق الانسان وجملة الضمانات الدستورية والتشريعية المكفولة بمختلف القوانين الأساسية.
مضمون التنقيح
تقرير يأتي في وقت تستعد فيه مجموعة من النواب عن مختلف الكتل البرلمانية لتقديم مبادرة تشريعية تتعلق بمنع الفحص الشرجي، تهدف إلى إلغاء الفصل 230من المجلة الجزائية، الذي ينص على «اللواط أو المساحقة إذا لم يكن داخلا في أي صورة من الصور المقرّرة بالفصول المتقدّمة يعاقب مرتكبه بالسجن مدة ثلاثة أعوام». شرح الأسباب بالنسبة لوثيقة مشروع القانون الذي لم يتم إيداعه بعد في مكتب المجلس، اتخذ المبدأ الأساسي المتمثل في عدم التمييز و على ان المواطنين والمواطنات متساوون في الحقوق بقطع النظر عن اختلافاتهم بما في ذلك توجههم الجنسي وهي القراءة المتفق عليها في فقه كل الهيئات الدولية المشرفة على إنفاذ الصكوك الدولية التي اعتبرت أن المبدأ المذكور يشمل أيضا منع التمييز على أساس الميولات الجنسية». في هذا الإطار، قال رئيس لجنة التشريع العام والنائب عن كتلة الائتلاف الوطني كريم الهلالي لـ«المغرب» أن المسألة موكولة إلى لجنة الحقوق والحريات، إلا أن ما يهم الآن أن يتم تغيير مجلة الاجراءات الجزائية وملائمتها مع مقتضيات الدستور، ليس من خلال الفصل المذكور فقط، بل يجب أن تكون القراءة أشمل حتى يتسنى مراجعتها بأكملها والتقليص من العقوبات البدنية. وأضاف أنه من الأفضل عدم الاقتصار في كل مناسبة على فصل معين دون غيره، حيث يجب أن يتم تجميع كافة الفصول التي لا تتناسب مع مبادئ الديمقراطية والحريات والحقوق من أجل تنقيحها وتغييرها.
في انتظار المبادرة التشريعية
من جهة أخرى، فإن مشروع القانون وبالرغم من تشبث عديد النواب بضرورة تمريره خلال السنة البرلمانية الأخيرة من عمر مجلس نواب الشعب قبل الانتخابات التشريعية القادمة، فقد تمت الموافقة عليه إلى حد الآن من قبل 5 نواب عن كتلة حركة نداء تونس و5 نواب عن كتلة الحرة لمشروع تونس وعدد من النواب المستقلين، في انتظار مزيد تجميع إمضاءات أخرى من قبل نواب عن مختلف الكتل البرلمانية، خاصة من قبل نواب حركة النهضة حتى يمر مشروع القانون إلى الجلسة العامة بسلاسة بعد النقاش حوله في لجنة الحقوق والحريات. وفي هذا الإطار، قالت النائبة عن الكتلة الحرة لمشروع تونس خولة بن عائشة لـ«المغرب» ان النواب بصدد التشاور حاليا قبل إيداع مشروع القانون بصفة رسمية سواء من خلال التنصيص على إلغاء الفصل كليا أو التنصيص على منع و تجريم ممارسة الفحص الشرجي الذي تصنفه كل المنظمات الدولية كوسيلة من وسائل التعذيب و زجر الولوج و معالجة المعطيات الشخصية للأشخاص المشتبه فيهم على أساس ميولهم الجنسية المثلية, ليلغى بذلك مفعول الفصل 230 من المجلة الجزائية استنادا على المبادئ الدستورية السامية للدولة التونسية، واعتبرت أن النقاشات لا تزال حاليا مع بعض الكتل البرلمانية ورفقة النائب المستقل ياسين العياري على أن يتم عقد سلسلة من اللقاءات والاستماعات إلى منظمات المجتمع المدني في الأيام القادمة.
تخوفات وضغوط
منظمات المجتمع المدني والجمعيات التونسية والأجنبية تواصل ضغوطاتها على مجلس نواب الشعب خلال المدة الأخيرة من خلال عقد مجموعة من اللقاءات مع مختلف ممثلي الكتل البرلمانية، خاصة من بين أعضاء لجنة الحقوق والحريات، من أجل تفادي الفحوص الشرجية القسرية على حد تعبيرهم، وذلك على صلة مباشرة باصدار التقرير النهائي للجنة الحريات الفردية والمساواة ما يمثل خطوة إلى الأمام في مجال تطوير الحقوق. اغلب نواب الشعب رفضوا التعليق على الموضوع، واعتبار أن المبادرة التشريعية لا يمكن أن تناقش إلا داخل لجنة الحقوق والحريات، في ظل وجود بعض التخوفات من إحالتها على أنظار اللجنة إلا أنها قد تبقى في الرفوف دون النظر فيها مثلها مثل عديد المبادرات التي أحدثت جدلا في مناسبات سابقة كالمبادرة المتعلقة بمنع النقاب في الساحات والفضاءات العمومية المقدمة حينها من قبل مجموعة من النواب عن مختلف الكتل البرلمانية.