بالتزامن مع توزيع أبواب الميزانية على اللجان: جلسة عامة للتنديد بالعملية الإرهابية بشارع الحبيب بورقيبة

ألقت العملية الإرهابية التي جدت بشارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة بظلالها على أشغال الجلسة العامة

المنعقدة يوم أمس بمجلس نواب الشعب، إذ طالب نواب الشعب بضرورة توحيد الصفوف بين الفرقاء السياسيين والتوافق تجنبا لتكرار مثل هذه السيناريوهات. وفي نفس الوقت، تواصل غياب نواب كتلتي نداء تونس والحرة عن الجلسة العامة، بالرغم من المصادقة على مشروع القانون، وتوزيع أبواب الميزانية على اللجان.
انطلقت الجلسة العامة يوم أمس بمقر مجلس نواب الشعب، بعد تعديل جدول أعمالها من خلال تخصيص الجزء الأول لتقديم ممثلي الكتل البرلمانية تضامنهم مع جرحى العملية الإرهابية التي جدت بشارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة، والتنديد بمثل هذه العمليات. وافتتح رئيس مجلس نواب الشعب محمد الناصر الجلسة العامة من خلال كلمة ألقاها، أكد خلالها على ضرورة التضامن بين التونسيين والتونسيات والأخذ بعين الاعتبار نتائج العملية الإرهابية، باعتبار أن الوحدة تمثل السبيل الوحيد الذي من خلاله يمكن أن تجاوز هذه الصعوبات، مشيرا إلى أن مكتب المجلس اقترح أن يتم إدراج نقطة ضمن جدول الأعمال لإعطاء الكلمة للنواب للتعبير عن تضامنهم على إثر الأحداث الأخيرة.

أهمية الوحدة الوطنية
تدخلات نواب الشعب اقتصرت على ممثلين اثنين عن كل كتلة برلمانية، حيث اعتبرت المعارضة أن ما حصل أول أمس يعتبر رمزيا ورسالة واضحة للطبقة السياسية وللحكومة. وقال رئيس الكتلة الديمقراطية سالم الأبيض أن الرأي العام لم يعد يتفاعل مع قضايا الإرهاب، حيث يوجد نوع من البرودة الشاملة في التعامل مع مثل هذه القضايا، موضحا أن العملية الإرهابية نفّذت في العاصمة وعن بعض أمتار من مقر وزارة الداخلية، الأمر الذي يؤكد أن الإرهابيين يعبّرون عن إمكانية اختراق أعتى الحصون كوزارة الداخلية. كما أضاف أن العملية الإرهابية تحمل بعدا رمزيا يكمن في القدرة على إختراق مؤسسات الدولة، مطالبا في ذلك المؤسسات الأمنية بمزيد اليقظة والأخذ بعين الاعتبار أن الإرهاب يتغذى من الفقر والبطالة والتهميش.

بعض التدخلات تطرقت بالأساس إلى العوامل المساعدة لاستقطاب الشباب إلى العمليات الإرهابية، والمتمثلة أساسا مثلما قال سالم لبيض في الفقر والتهميش، حتى أن النائب عن الكتلة الحرة لمشروع تونس صلاح البرقاوي اعتبر أن منفذة العملية تعكس جانبا من المجتمع خاصة وأنها حاملة لشهادة عليا وعاطلة عن العمل، مؤكدا على أنه لا فرق بين الأمنيين الذين يقفون في شارع الحبيب بورقيبة وأولئك الذين يتواجدون في الجبال أين يختبئ الإرهاب. وطالب البرقاوي بالوحدة الوطنية في وقت تفتقر الطبقة السياسية إلى كيفية توحيد الخطاب وتوحيد تصور واضح لمستقبل تونس، خصوصا وأن المهرجانات الخطابية لا تفيد في شيء ولا يمكن أن تساهم في التوحد في ظلّ الخلافات العميقة بين مختلف الفرقاء السياسيين.

بين الجبهة الشعبية وحركة النهضة
مطلب الوحدة الوطنية بين مختلف الأطياف السياسية في وقت تعيش فيه البلاد أزمة سياسية خانقة، تبنته المعارضة بدورها، حيث اعتبر النائب عن الجبهة الشعبية عمار عمروسية : أن الوحدة الوطنية مطلوبة حول مقاومة الإرهاب، واصفا المناخ السياسي الحالي بالـ«متعفّن»، مع وجود أطراف خارجية تتدخل في الشؤون الداخلية لتونس على حد تعبيره. كما بين أن مقاومة الإرهاب تمرّ بالضرورة عبر كشف الحقيقة، حيث يجب على المسؤولين السياسيين أن يعتذروا للشعب لأن لهم مسؤولية فيما يحدث، والعمل على فتح الملفات بشجاعة. في حين قال رئيس الكتلة أحمد الصديق أن كل من يضع يده مع صندوق النقد الدولي والشركات متعددة الجنسيات والمنظمات الدولية يعتبر شريكا في إستهداف البلاد، معربا في ذلك على أن عملية شارع الحبيب بورقيبة عملية مركّبة باعتبار أن هناك مجموعات لاتزال تنشط في ظل وجود نية لكتم الحقيقة وطمسها، من خلال الضغط على الجهاز الأمني وهرسلته.
في هذا الإطار، اعتبرت تصريحات نواب الجبهة الشعبية موجهة إلى نواب كتلة حركة النهضة، في إشارة إلى ملف اغتيال الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي وما حام مؤخرا حول وجود جهاز السري داخل الحركة، الامر الذي جعل رئيس كتلة حركة النهضة نور الدين البحيري يؤكد على أن هناك من المسؤولين السياسيين يصرّون على مواصلة التحريض والضغط على أجهزة الدولة في علاقة بملف الشهيدين بلعيد والبراهمي، لكن مطلب الحركة بالاساس يكمن في ضرورة التمسك بالوحدة الوطنية الصماء ودعم المؤسستين الأمنية والعسكرية.

ضرورة توفير القوانين اللازمة
من جهة أخرى، أدان نواب كتلة الائتلاف الوطني العملية الإرهابية، حيث قالت النائبة عبير العبدلي أن معنويات التونسيين والتونسيات مرتفعة من خلال إلتفافهم حول المؤسسة الأمنية والامنيين في شارع الحبيب بورقيبة. وأضافت أنه لا يمكن مقاومة الإرهاب بالجانب الأمني فقط، حيث لابد من وحدة الصفّ بين مختلف الفرقاء السياسيين، ساندها في ذلك رئيس الكتلة مصطفى بن أحمد الذي أكد على أهمية الابتعاد عن رمي التهم جزافا والتحلي بروح المسؤولية من قبل المسؤولين السياسيين. في حين اقتصر تدخل رئيس كتلة حركة نداء تونس سفيان طوبال على اعتبار أن الإرهاب هو الفكر المتطرف مما يستوجب على الدولة تعزيز مجهوداتها، مطالبا في ذلك المجتمع المدني أن يدعم الفكر التقدمي وعلى المجلس ان يشرّع القوانين الكفيلة بحماية الأمنيين. كما انتقد طوبال ما اعتبره الحملة الموجّهة ضد رئيس الجمهورية الباجي قائد السياسي، حيث اعتبر أن تصريحه الأخير عقب العملية الإرهابية واضح وهو بمثابة التحذير.

المصادقة على مشروع قانون
ومع نهاية تدخلات نواب الشعب، واصلت الجلسة العامة مناقشة مشروع قانون يتعلق بالموافقة على اتفاقية قرض مبرمة في 07 أفريل 2017 بين الجمهورية التونسية والوكالة الفرنسية للتنمية لتمويل مشروع تهيئة الجذع المركزي للمترو ومحطة الترابط بساحة برشلونة، حيث تمت المصادقة عليه برمته بـ 90 نعم 02 إحتفاظ و11 رفض، بعدما اقتصرت الجلسة العامة الفارطة على النقاش العام فقط. وقد شهدت الجلسة العامة، عودة نواب كتلة حركة نداء تونس إلى مقاعد الجلسات العامة لكن اقتصرت مشاركتهم على تسجيل الحضور دون التصويت، وهي نفس المسألة بالنسبة لنواب الكتلة الحرة لمشروع تونس، وذلك على خلفية إصرارهم على ضرورة أن تقدم الحكومة موقفها بخصوص استكمال هيئة الحقيقة والكرامة لمهامها من عدمها.

توزيع أبواب الميزانية على اللجان
وفي سياق آخر، وزع مكتب مجلس نواب الشعب خلال اجتماعه يوم أمس ابواب ميزانية الدولة لسنة 2019 على اللجان التشريعية، حيث ستتولى لجنة التشريع العام مناقشة ميزانيات كل من وزارة العدل المجلس الاعلى للقضاء والمحكمة الدستورية، في حين تتولى لجنة الحقوق والحريات والعلاقات الخارجية مناقشة ميزانيتي رئاسة الجمهورية ووزارتي الشؤون الخارجية والدينية، أما لجنة المالية والتخطيط والتنمية يتختص بميزانيات وزارات المالية والتنمية والاستثمار والتعاون الدولي واملاك الدولة والشؤون العقارية ومجلس نواب الشعب. كما ستنظر لجنة الفلاحة والامن الغذائي والتجارة والخدمات ذات الصلة في ميزانيات وزارات الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري، التجارة، النقل، السياحة والصناعات التقليدية، ثم لجنة الصناعة والطاقة والثروات الطبيعية والبنية الاساسية والبيئة، ستصادق على ميزانيات وزارات الصناعة والمؤسسات الصغرى والمتوسطة، تكنولوجيا الاتصال والاقتصاد الرقمي، التجهيز والاسكان والتهيئة الترابية، على أن تختص لجنة الصحة والشؤون الاجتماعية بوزارة الصحة، الشؤون الاجتماعية، المرأة والأسرة والطفولة. في حين تنظر لجنة الشباب والشؤون الثقافية والتربية والبحث العلمي في ميزانيات وزارة الشؤون الثقافية، شؤون الشباب والرياضة، التربية، التعليم العالي والبحث العلمي، التكوين المهني والتشغيل. وبالنسبة للجنة تنظيم الادارة وشؤون القوات الحاملة للسلاح ستهتم بوزارات الداخلية، الدفاع الوطني، الشؤون المحلية والبيئة ورئاسة الحكومة. واخيرا ستقتصر لجنة النظام الداخلي والحصانة والقوانين البرلمانية والقوانين الانتخابية على مناقشة ميزانية الهيئة العليا المستقلة للانتخابات.

منهجية مناقشة تنقيح القانون الانتخابي
وبعد تنصيبها أول أمس من قبل رئيس المجلس، عقدت لجنة النظام الداخلي والحصانة والقوانين البرلمانية والقوانين جلسة عمل للتداول حول منهجية عملها بخصوص مشروعي القانون المتعلقين بضبط مقاييس تقسيم الدوائر الانتخابية وتحديد عدد مقاعدها، وتنقيح وإتمام القانون الأساسي المتعلق بالانتخابات والاستفتاء. وفي بداية الجلسة تمّ التشاور حول الجهّات التي تنوي اللجنة الاستماع اليها، حيث اقترح النائب عن حركة النهضة الحبيب خضر الاستماع الى جهة المبادرة والى الهيئة العليا المستقلة الانتخابات على اساس انّه قانونيا لابّد من الاستماع اليها باعتبارها الجهة التي ستنفذ القانون. في حين قال النائب عن نفس الكتلة ناجي الجمل أن المشروع يحظى بطلب استعجال نظر، حيث لابّد من تحديد الاجال النهائية للمصادقة عليهما دون اضاعة الوقت في الاستماعات. كما اعتبر النائب عن كتلة حركة نداء تونس شاكر عيادي أنه يجب الاستماع الى أخصائيين في القانون الدستوري، مشيرا إلى أن الاعتماد فقط على التوصيات الكتابية لربح الوقت لايكفي ويتطّلب الأمر استدعاءهم لجلسة استماع، موضحا أنه على قدر تشريك الاطراف يكون القانون تشاركيا ويمثّل جميع الاطراف. وتمّ الاتفاق في نهاية الجلسة على الاستماع الى جهّة المبادرة الى جانب الهيئة العليا المستقلة للانتخابات يوم الخميس القادم وعلى اثرها سيتم تحديد بقية الجهات المستمع اليها دون غلق باب الاستماعات.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115