تأخير الإجابة عن الأسئلة الشفاهية والكتابية لنواب الشعب: من مساءلة حقيقية إلى خدمة في صالح الوزراء

تمتاز الأسئلة الشفاهية والكتابية المقدمة من قبل نواب الشعب إلى أعضاء الحكومة بطابع رقابي ضمن مهام السلطة التشريعية، حتى بات النواب يتسارعون لتقديم الأسئلة. إلا أن هذه الصيغة فقدت قيمتها في ظل انقضاء الآجال المحددة للإجابة عن الأسئلة من قبل الوزراء المعنيين

وهو ما جعل نواب الشعب يصفون هذه العملية بالصورية والشكلية تقتضي ضرورة تنقيح النظام الداخلي.
في إطار المهمة الرقابية على أعمال الحكومة، يعقد مجلس نواب الشعب يوم الثلاثاء القادم جلسة عامة خصصت لأول مرة للإجابة عن كافة الأسئلة الشفاهية التي كان قد تقدم بها نواب الشعب إلى أعضاء الحكومة، والبالغ عددها 44 سؤالا موجها إلى 21 وزيرا. ويذكر أن الفصل 96 من الدستور ينص على «الحق لكل عضو من مجلس نواب الشعب أن يتقدم إلى الحكومة بأسئلة كتابية أو شفاهية». لكن في المقابل، فقد تحولت الأسئلة من صيغة المساءلة والرقابة إلى خدمة أو جواب في صالح الوزراء، في ظل التأخير عن المدّة الزمنية المخصصة للإجابة عن الأسئلة الشفاهية منها والكتابية.

تفشي ظاهرة الأسئلة الشفاهية والكتابية
قرار تخصيص جلسة عامة في الغرض، يأتي على إثر تنامي ظاهرة الأسئلة الشفاهية والمكتوبة بين النواب، حتى بات أعضاء الشعب يتنافسون لتقديم الأسئلة قبل الآخر حول مواضيع عدة .
خصوصا وأن البعض يعتبرها صورية وشكلية وليست لها أية قيمة وذلك بالاستناد إلى أجوبة الوزراء في مناسبات سابقة. توصيف البعض للأسئلة بالصوري كالنائب عن حركة الشعب زهير المغزاوي الذي أكد لـ«المغرب» أنه إلى حد الآن تبقى المسألة شكلية تنتهي بمجرد انتهاء السؤال في الجلسة العامة رغم أن الهدف منها تنوير الرأي العام.

من جهة أخرى، ورغم أن النص القانوني أي الفصل 146 من النظام الداخلي يحدد الأسئلة الشفاهية والآجال المنصوص عليها للإجابة على الأسئلة، إلا أن هناك عديد الأسئلة المقدمة من قبل النواب بقيت في الانتظار لشهور دون رد، حتى فقد موضوع السؤال قيمته. وفي هذا الإطار اعتبر النائب عن التيار الديمقراطي نعمان العش في تصريح لـ«المغرب» أن العمل الرقابي للمجلس يتمثل في بعض الآليات منها الأسئلة الشفاهية والكتابية لأعضاء الحكومة في ما يتعلق بالقرارات التي يتخذونها وبعض المسائل التي تهم اختصاصهم، مشيرا إلى أن جدية السؤال تكمن في قدرة النائب على الاستقصاء وكيفية طرح السؤال، حتى لا يكون السؤال محل البحث عن الظهور الإعلامي. لكن في المقابل، فإن هناك عديد الأسئلة بقيت مركونة في الرفوف لأكثر من شهر وهو تمش تنتهجه إدارة مجلس نواب الشعب للتقليص من عدد الأسئلة والعمل على حجب التواصل بين النواب والحكومة، وهو ما يجبر النواب على سحب أسئلتهم في بعض الأحيان باعتبارها دائما ما تكون حينية وتفقد قيمتها مع كل تأخير.

وبالعودة إلى نص الفصل 146 «لكل عضو أن يتقدم خلال جلسة عامة بأسئلة شفاهية لأعضاء الحكومة على أن يوجه إعلاما كتابيا إلى رئيس المجلس يبين فيه موضوع أسئلته وعضو الحكومة المعني بالإجابة. ويتم إعلام الحكومة بمواضيع الأسئلة وموعد الجلسة العامة المخصصة للإجابة عنها على أن تكون في أجل أقصاه خمسة عشر يوما، ويتم تلقي جواب الحكومة خلال نفس الجلسة العامة. وللنائب أن يعقب مرة واحدة على جواب عضو الحكومة، ويمكن لأي عضو تقدم بأسئلة شفاهية أن يسحبها أسبوعا على الأقل قبل موعد الجلسة العامة».

«الوزير يجد الوقت الكافي لتلافي الإشكال قبل الإجابة عن السؤال»
الأسئلة الشفاهية والكتابية أمام تأخير الإجابة عنها في ظل طول الإجراءات الإدارية حيث يرسل النائب نص السؤال إلى مكتب المجلس الذي يحيله بدوره إلى رئاسة الحكومة ثم إلى الوزير المختص، يفقد السؤال قيمته ويعطي إمكانية للوزير لتلافي ذلك الإشكال من خلال اتخاذ الإجراءات المناسبة قبل الإجابة عن السؤال في جلسة عامة أو الإجابة كتابيا، وهو ما جعل البعض من الكتل البرلمانية ككتلة آفاق تونس على سبيل المثال تقدم مقترحا في الغرض لتنقيح النظام الداخلي. وفي هذا الإطار صرح نائب رئيس كتلة آفاق تونس كريم الهلالي لـ»المغرب» أن المجلس لا يطبق النظام الداخلي في ما يتعلق بآجال الأسئلة الشفاهية والكتابية وهو ما يجعل الأسئلة ليس لها معنى، لذلك قدمت كتلة آفاق مقترح تعديل للنظام الداخلي يشدد على ضرورة عقد جلسة عامة مرة في الأسبوع أو كل 15 يوما لتقديم الأسئلة والجواب عليها حينيا باعتماد طريقة «سؤال – جواب».

الجلسة العامة المنتظر عقدها يوم الثلاثاء القادم ستنظر في جملة من الأسئلة الشفاهية، والتي قد تحدث جدلا بين النواب باعتبارها مخصصة للغرض لأول مرة، فالأسئلة السابقة تم تداولها في إطار جلسات عامة مخصصة للمصادقة على مشاريع القوانين والتي تتزامن مع حضور الوزير المعني بمشروع القانون فيتم استغلال حضوره للإجابة عن سؤال تم طرحه سابقا وهو ما ساهم بدوره في إفقاد السؤال الأهمية التي يكتسيها.

الفصل 118 من النظام الداخلي فقد أهميته
من الآليات الموجودة في مجلس نواب الشعب في إطار العمل الرقابي ومتابعة مشاغل الجهات وطرح القضايا المستعجلة الفصل 118 من النظام الداخلي، والذي يمكن النائب من توجيه كافة الأسئلة، وينص الفصل «إذا رغب أحد النواب في التحدث في أمر هام ومستعجل، فعليه أن يقدم ذلك في صيغة مكتوبة تبين موضوع الطلب، وعلى الرئيس أن يأذن بالكلام في آخر الجلسة». لكن في المقابل، فقد استغنى اغلب النواب عن هذا الفصل باعتبار أنه لا يتم بثه في المباشر أو يبث على النقل الأرضي الذي لا يشاهده احد باعتبار انتشار النقل الرقمي وبالأقمار الصناعية. هذا الأمر يعسر على النائب إيصال صوته إلى الجهات المعنية أو المسؤول المختص ليكون مجبرا على التكثيف من الأسئلة الشفاهية والكتابية، حسب ما أكده عدد من نواب الشعب لـ«المغرب».

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115