التي تنعكس مباشرة على إعادة توزيع الحصص في هياكل المجلس. قرار الاتحاد الوطني الحر الاندماج مع كتلة حركة نداء تونس، مقابل الخروج من كتلة الائتلاف، سيزيد من ضبابية المشهد البرلماني، ويؤثر على طبيعة التوافقات المنتظرة في المصادقة على مشاريع القوانين وحول استكمال تركيز الهيئات الدستورية.
بعد إعلان رئيس حزب الإتحاد الوطني الحر سليم الرياحي سحب كتلة حزبه النيابية من الائتلاف الوطني في كلمة ألقاها خلال إفتتاح المجلس الوطني الإستثنائي للحزب بسوسة، معتبرا أن نية دخول كتلة الحزب مع كتلة الائتلاف الوطني هدفها تسريع تمرير القوانين في البرلمان وتكوين المحكمة الدستورية وانتخاب رئيس لهيئة الانتخابات لكنها حادت عن تلك الاهداف واصبحت تمثل مشروع حزب حكومي. قرار يبدو أنه كان مفاجئا لكتلة الائتلاف الوطني، خصوصا وأنها كانت تستعد يوم أمس لصياغة برنامجها والإعلان عنه بصفة رسمية أمام وسائل الإعلام.
عودة الترتيب بين الكتل
جاءت إعادة خلط الأوراق من جديد في وقت حساس بالنسبة لكتلة الائتلاف الوطني باعتبار أن البرلمان يوشك على تنصيب اللجان القارة والخاصة مع مفتتح السنة النيابية الخامسة وذلك حسب تمثيلية الكتل النيابية. ففي حالة انسحاب نواب الوطني الحر سابقا من الائتلاف والمقدر عددهم بـ 12 نائبا، فإن كتلة الائتلاف الوطني سيصبح عدد نوابها 35 نائبا، لتعود بذلك كتلة حركة نداء تونس إلى المرتبة الثانية.
السؤال المطروح حاليا هو هل سيتم إعادة توزيع الحصص من جديد باعتماد التمثيلية الجديدة للكتل البرلمانية، أم أن مكتب المجلس سيحافظ على نفس الحصص التي وزعها سابقا مع العلم أنه من المنتظر الإعلان عن تركيبة اللجان القارة والخاصة وعضوية مكتب المجلس خلال جلسة عامة يوم الجمعة 19 أكتوبر القادم كما أنه حسب النظام الداخلي فإن الاستقالة تدخل حيز النفاذ مع مضي 5 أيام، أي أنها ستكون سارية المفعول يوم 20 أكتوبر القادم. ومع هذا قد تسعى كتلة حركة نداء تونس إلى إعادة توزيع الحصص من جديد باعتبارها تحصلت على حصص أقل من السنة النيابية الفارطة اثر موجة الاستقالات التي شهدتها مؤخرا.
تسابق وتلاحق بين الكتل
المسألة باتت بمثابة التسابق والتلاحق في مجلس نواب الشعب بين الكتل البرلمانية، حيث ستعود كتلة الائتلاف الوطني إلى المرتبة الثالثة بعد انسحاب نواب الوطني الحرّ منها والتحاقهم بكتلة نداء تونس، الأمر الذي يجعل المسألة مفتوحة على كل الاحتمالات. سنة برلمانية خامسة وأخيرة، تنطلق وسط أجواء مشحونة، في وقت تسعى رئاسة المجلس إلى كسب التوافقات بين الكتل من أجل تسهيل أشغالها خصوصا في ظل التحديات الكبرى منها المصادقة على عدة مشاريع اقتصادية وتنقيح قانون الانتخابات والاستفتاء ومشروع إعادة توزيع الدوائر الانتخابية، بالاضافة إلى مشروع قانون المالية التكميلي للسنة الحالية، ومشروع قانون المالية لسنة 2019، مع استكمال تركيز الهيئات الدستورية أهمها انتخاب أعضاء المحكمة الدستورية، والعمل على فك معضلة الهيئة العليا المستقلة للانتخابات.
مشروع الائتلاف الوطني، بعدما اعتبره البعض هيمن على دواليب البرلمان، يجد نفسه من جديد في موقع أقل مما كان يطمح إليه وذلك بالتزامن مع عقده لاجتماع من أجل الإمضاء على ميثاق الكتلة، استكمال توزيع المسؤوليات والعضوية باللجان القارة والخاصة، وعرض برنامج الكتل. إلا ان هذه المفاجأة قد تجعله يعيد التفكير من جديد في خطة عمله داخل البرلمان الذي باتت أشغاله اليوم تتأثر بالقضايا السياسية والمشاكل الداخلية للأحزاب. مكتب المجلس في اجتماعه القادم سينظر في المسألة برمتها، المنتظر طرحها من قبل الكتل مما قد يؤجل الإعلان عن تركيبة هياكل المجلس محل التجديد، ليؤجل معه جدول أعماله للفترة القادمة.
ضبابية المشهد البرلماني
المشهد البرلماني بعدما تغير، يعود من جديد إلى سابق عهده لكن بتركيبة جديدة ليزداد ضبابية أمام كثرة الاستقالات من الكتل، وقد تهيمن على أشغال الجلسة العامة المنتظر عقدها صباح اليوم من أجل استكمال المصادقة على ما تبقى من مشروع القانون المتعلق بهيئة حقوق الانسان، المشاكل والخلافات بين نواب الاتحاد الوطني الحر وزملائهم سابقا في كتلة الائتلاف الوطني، وكتلة حركة نداء تونس خصوصا وأن التبادل بالتهم انطلق مباشرة في وسائل الإعلام في ما بينهم منذ الإعلان عن قرار الاندماج. كتلة الائتلاف الوطني قررت تأجيل ندوتها الصحفية التي كان من المنتظر أن تعقد صباح أمس، وذلك من أجل دراسة المواقف، لتكون الأيام القليلة القادمة كفيلة بالخروج بموقف موحد أو الإعلان عن مشروع سياسي جديد مثلما ما يدعو إليه نوابها.
كتلة حركة نداء تونس من أكثر المستفيدين بهذا الاندماج في انتظار البحث عن مخرج لإعادة نوابها المستقيلين منها، ومزيد التشاور مع كتلة الحرة لمشروع تونس من أجل الانضمام إليها وتوسيع تمثيلية كتلتها، إلا أنها ستكون مجبرة على لملمة مشاكلها السياسية حتى لا تعاد موجة الاستقالات أو خروج الحر من جديد أو أيضا فشل المفاوضات مع بعض النواب من أجل الانضمام.