حقوق الانسان بعد بلوغها الفصل 32 من جملة 60 فصلا، إلا أن الجلسة المسائية لم تنعقد من أجل مزيد التوافق حول بعض الفصول، إضافة إلى اجتماعات رؤساء الكتل من أجل التوافق حول انتخاب أعضاء المحكمة الدستورية.
إنطلقت الجلسة بحضور الوزير المكلف بالعلاقة مع مجلس نواب الشعب إياد الدهماني، مباشرة بالمصادقة على فصول مشروع القانون الأساسي المتعلق بهيئة حقوق الإنسان بعدما تم إجراء النقاش العام في جلسة عامة عقدت خلال شهر جويلية الفارط. ويهدف مشروع القانون الذي يضم 60 فصلا إلى ضبط مهام وصلاحيات الهيئة وتركيبتها والتمثيل فيها وطرق انتخابها وتنظيمها وسبل مساءلتها. وتعتبر الهيئة دستورية مستقلة تتمتع بالشخصية القانونية والاستقلالية الإدارية والمالية مقرها تونس العاصمة. ويرمي مشروع القانون إلى إحداث هيئة حقوق الانسان طبقا لما نص عليه الدستور في فصله 128 « تراقب هيئة حقوق الإنسان احترام الحريات وحقوق الإنسان، وتعمل على تعزيزها، وتقترح ما تراه لتطوير منظومة حقوق الإنسان، وتُستشار وجوبا في مشاريع القوانين المتصلة بمجال اختصاصها. تحقق الهيئة في حالات انتهاك حقوق الإنسان لتسويتها أو إحالتها على الجهات المعنية. تتكون الهيئة من أعضاء مستقلين محايدين من ذوي الكفاءة والنزاهة، يباشرون مهامهم لفترة واحدة مدتها ستّ سنوات».
رفض مقترح تعديل كتلة الجبهة الشعبية
وبعد المصادقة على عنوان مشروع القانون، تم رفض مقترح تعديل مقدم من قبل كتلة الجبهة الشعبية في حدود الفصل 1 المتعلق بتعريف الهيئة، لتتم المحافظة على الصيغة الأصلية للفصل.هذا وتواصل رفض مقترحات التعديل حتى تلك المقدمة من قبل جهة المبادرة في الفصل 2، لتتم المصادقة على الفصول من 2 إلى 4 بصيغتها الاصلية. وتندرج هذه الفصول ضمن باب الأحكام العامة توضح معنى طبيعة الهيئة التي تمارس مهامها تجاه جميع الأشخاص الطبيعيين والمعنويين داخل التراب التونسي وبالتعاون مع الهيئات المستقلة الوطنية والاقليمية المختصة في هذا المجال.
مهام الهيئة وصلاحياتها
كما تمت المصادقة على الفصل 5 المتعلق بتعريف جملة من المصطلحات على غرار انتهاك حقوق الإنسان الذي يعتبر كل إجراء أو فعل أو امتناع عن فعل يشكل اعتداء على حق من الحقوق المضمونة بالدستور وبالاتفاقيات الدولية أو الإقليمية التي صادقت عليها تونس، بالاضافة إلى كيفية رصد حقوق الإنسان وتعريف مصطلحي التحقيق و حالة الاستضعاف. وبهذا بلغت الجلسة العامة الباب الثاني المتعلق بمهام الهيئة وصلاحياتها والقسم الأول في مراقبة احترام حقوق الانسان وحمايتها حيث تمت المصادقة على الفصل 6 بعد تغيير بسيط على مستوى الصياغة ينص على أن تتعهد الهيئة بأي مسألة تتعلق باحترام وحماية وتعزيز حقوق الانسان والحريات.
لكن في المقابل، تمت المصادقة على مقترح تعديل حكومي في الفصل 7 يتعلق بتمكين الهيئة بصفة دورية ودون سابق إعلام من زيارة أماكن الاحتجاز ومراكز الايقاف ومواقع الايواء والمؤسسات السجنية والإصلاحية وكل أماكن الحرمان من الحرية والمؤسسات التربوية والشباب والاجتماعية والصحية والاقتصادية والثقافية والمهتمة بالفئات الهشة وذوي الاعاقة. كما تمت المصادقة على الفصل 8 في صيغته الأصلية الذي يلزم كافة المؤسسات بالتعاون مع الهيئة، مقابل تعديل الفصل 9 بالتنصيص على نشر التقارير للعموم، مع المحافظة على صيغة الفصل 10. وعدلت الجلسة العامة في الفصل 11 بتعويض المطة 2 من الفصل حيث يمكن للهيئة متابعة تنفيذ توصيات الهيئات الدولية، مقابل الحفاظ على صيغة الفصلين 12، 13 اللذين يشددان على ضرورة استشارة الهيئة في مشاريع القوانين ذات الصلة وايضا في التقارير التي تنجزها الحكومة.
المحافظة على صيغة الفصول
ومع بلوغ القسم الثالث المتعلق بالمهام التحقيقية تمت المصادقة على الفصل 14 الذي يعطي أحقية الهيئة في إجراء التحقيقات اللازمة بالتنسيق مع كافة الهياكل المعنية، ثم الفصلين 16،15 الذي يحدد طبيعة التشكيات وكيفية التعامل معها وفي حالات الانتهاكات الجسيمة. هذا وقد تم تعديل الفصل 17 في الفقرة 2 «لا يمكن معارضة الهيئة بسرية المعطيات إلا في إطار الاستثناءات المتعلقة بالنفاذ إلى المعلومة»، إلى جانب قبول مقترح تعديل من قبل الجبهة الشعبية بالتنصيص على أنه يمكن للهيئة الحصول على المعلومات المحمية بالسر الطبي المهني الخاصة بعلاقة المحامي بحريفه والطبيب بمريضه إذا تعلق الأمر بالانتهاك. ومع الحفاظ على صيغة الفصول 19، 20 و22،23،24،25 مقابل تعديل الفصل 21 بعد قبول مقترح حكومي بإدراج جملة في آخر الفصل «حماية المسار المهني للشهود عند حالات انتهاك حقوق الانسان والحريات».
تركيبة مجلس الهيئة
ومع هيمنة التوافقات على أغلبية الفصول، بلغ نواب الشعب الباب الثالث المتعلق بتنظيم الهيئة من خلال المصادقة على الفصول 26، 27 يتعلقان بالنظام الداخلي للهيئة، لترفع على إثرها الجلسة بطلب من ممثل الكتلة الحرة لمشروع تونس حسونة الناصفي من أجل التشاور. ومع استئناف الجلسة تمت المصادقة على الفصل 28 بعد تعديله من قبل الحكومة يحدد تركيبة مجلس الهيئة بـ 9 أعضاء يقدمون ترشحهم إلى مجلس نواب الشعب ويتم انتخابهم من قبل الجلسة العامة في أصناف كل من قاض إداري وعدلي، محام، طبيب، مع إشتراط أقدمية بـ 10 سنوات في مجال اختصاصهم، و5 أعضاء يمثلون الجمعيات المعنية من بينهم مختص في علم النفس، مختص في حقوق الطفل، مختص في المجال الاقتصادي والاجتماعي مع أقدمية أيضا بـ 10 سنوات. كما تمت المصادقة على الفصل 29 المتعلق بشروط الترشح، ثم الفصول ،31،30 المتعلقين بفتح باب الترشحات.
تأجيل انتخاب أعضاء المحكمة الدستورية
وقد تم رفض تعديل حكومي في الفصل 32 يتعلق بكيفية الطعن في قرارات اللجنة البرلمانية، لترفع على إثرها الجلسة الصباحية. وبالتزامن مع انعقاد الجلسة العامة، اجتمع رؤساء الكتل البرلمانية لبحث كيفية التوافق حول الثلاثة أسماء التي سيتم إنتخابها. هذا ويبدو أن التوافقات انحصرت في بداية أشغال الاجتماع بين نفس الأسماء السابقة التي تم ترشيحها وهي كل من سناء بن عاشور عن صنف الأساتذة الجامعيين والعياشي الهمامي بصفته ممثلا عن المحامين وعبد اللطيف البوعزيزي عن غير المختصين في القانون. لكن في المقابل، تم إقرار تأجيل الجلسة العامة الانتخابية التي كان من المفروض أن تنعقد صباح اليوم، إلى حين تحديد موعد آخر من قبل مكتب المجلس الذي قد ينعقد صباح اليوم ومزيد فسح المجال أمام رؤساء الكتل من أجل التشاور في ما بينهم.
وتشير بعض الكواليس إلى أن السبب الحقيقي وراء تأجيل الجلسة العامة مغادرة إياد الدهماني الوزير المكلف بالعلاقة مع البرلمان مقر المجلس وطلب تاجيل الجلسة الى وقت لاحق لم يتم تحديده باعتبار التزامات مع رئيس الحكومة يوسف الشاهد، الامر الذي اثار امتعاض النواب باعتبار انه من المفروض أن يتم الانتهاء من المصادقة على مشروع القانون يوم امس واغلب الفصول هي فصول توافقية، حتى أن بعض نواب المعارضة ربطوا المسألة بعدم المصادقة على مقترحي التعديل المقدمين من قبل الوزير المذكور.