المصادقة على إحداث لجنة تحقيق حول الفيضانات التي جدت في ولاية نابل، بالاضافة إلى المصادقة على مشروع القانون المتعلق بالقضاء على جميع أنواع التمييز العنصري دون أي تعديل يذكر. ومن المنتظر أن يستكمل البرلمان المصادقة على مشروع قانون هيئة حقوق الانسان أعضاء المحكمة الدستورية خلال هذا الأسبوع.
انطلقت الجلسة العامة بحضور الوزير المكلف بالعلاقة مع مجلس نواب الشعب إياد الدهماني والوفد المرافق له، حيث تم التصويت على تغيير جدول الأعمال بتقديم النقطة المتعلقة بالمصادقة على إحداث لجنة تحقيق برلمانية حول الفيضانات التي جدّت في ولاية نابل بـ 91 نعم 02 إحتفاظ و06 رفض، بعدما كان من المنتظر أن تتم مناقشة مشروع القانون المتعلق بالقضاء على جميع أنواع التمييز العنصري.
المصادقة على إحداث لجنة تحقيق
وعلى إثر ذلك تمت المصادقة على إحداث لجنة تحقيق برلمانية حول الفيضانات التي جدّت في ولاية نابل بــ 124 نعم 02 إحتفاظ و02 رفض، بعد تقديم عدد من النواب من مختلف الكتل البرلمانية البالغ عددهم 75 نائبا عريضة وستسعى اللجنة من خلال أعمالها وبعد ضبط تركيبتها إلى النظر في عدم إبلاغ المرصد الوطني للأحوال الجويّة في الوقت المناسب رغم أنه كان على علم بالأمطار الطوفانيّة وبتحذيرات المراصد الأجنبية مما كان سيحد كثيرا من الأضرار البشرية و المادية، وأيضا في ملف الفساد الذي يخص هشاشة البنية الأساسية وخاصة منها الطرقات المنجزة حديثا. هذا وقد دعا البعض من نواب دائرتي نابل 1و2 إلى إعلان الولاية كجهة منكوبة، والبحث في الخسائر خصوصا وأن جميع ولايات تونس تتساوى في سوء البنية التحتية، الأمر الذي يتطلب التسريع في عقد جلسة حوار مع رئيس الحكومة.
مشروع قانون مناهضة التمييز العنصري
وفي الجزء الثاني من جدول الأعمال، انطلقت الجلسة العامة في مناقشة مشروع القانون المتعلق بالقضاء على جميع أنواع التمييز العنصري، الذي يضم 11 فصلا، يهدف بالأساس إلى القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري ومظاهره حماية لكرامة الذات البشرية وتحقيقا للمساواة بين الأفراد في التمتع بالحقوق وأداء الواجبات وفقا لأحكام الدستور والمعاهدات الدولية المصادق عليها من قبل الجمهورية التونسية. ويضبط هذا القانون الإجراءات والآليات والتدابير الكفيلة بالوقاية من جميع أشكال ومظاهر التمييز العنصري وحماية ضحاياه وزجر مرتكبيه. تلحق بالوزارة المكلفة بحقوق الانسان لجنة وطنية تسمى «اللجنة الوطنية لمناهضة التمييز العنصري» تعنى بجمع ومتابعة مختلف المعطيات ذات العلاقة وبتصور واقتراح الاستراتيجيات والسياسات العمومية الكفيلة بالقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري.
وبما أن تجريم التمييز العنصري مضمن بالفصل 21 من الدستور، فقد ثمن نواب الشعب خلال النقاش العام، المشروع بما هو تتويج لمسيرة نضالية طويلة قام بها العديد من مكونات المجتمع المدني، حيث قالت النائبة عن كتلة الائتلاف الوطني هاجر بالشيخ أحمد أن الممارسة اليومية أثبتت وجودا فعليا للتمييز العنصري في البلاد على أساس البشرة والانتماء، لكن بالرغم من أهمية سن مثل هذه القوانين لكنها تبقى غير كافية من أجل تغيير العقليات في اتجاه ارساء احترام الحقوق والحريات ونبذ التمييز والاحتقار والانتصار لثقافة المساواة بين الجميع، خصوصا مع تواصل تفشي ظاهرة التمييز التي يبدو أنها متأصلة في ثقافة التونسيين منذ الطفولة عبر التفوه بالعبارات النابية وعدم احترام الاختلاف، بالإظافة لتفشيه في الإعلام وفي الانتدابات.
النقاش العام تطرق بالأساس إلى إشكاليات تطبيق القوانين على أرض الواقع في ظل إيجابيات المضامين التي يحملها، حيث قال النائب عن كتلة حركة نداء تونس عماد أولاد جبريل أن المشكلة ليست مشكلة تشريع وإنما مشكل العقليات المبنية على التمييز العنصري التي يجب أن تتغير، متسائلا في ذلك عن آليات تطبيق تجريم جميع أنواع التمييز العنصري باعتبار أن أغلب القوانين المتعلقة بضمان حقوق الأقليات لا تطبق. وأضاف أن هناك قانونا متعلق بانتداب 1 % في الوظائف من أصحاب الإعاقة لم يطبق إلى حد الآن، مطالبا الحكومة بتطبيق القوانين المتعلقة بالمساواة في الوظائف وفي جميع الحقوق.
ضرورة تطبيق الجانب الزجري
كما تضمنت تدخلات النواب الجانب الزجري من مشروع القانون وبعض الفصول، حيث قال النائب عن غير المنتمين نذير بن عمو أن الإشكال يكمن في كيفية مجابهة الميز العنصري في مشروع القانون الأساسي عبر عقوبات سجنية مختلفة يعكس توجه السلطة في سن عقوبات سالبة. في حين بينت النائبة عن كتلة حركة النهضة جميلة دبش كسيكسي أن العديد لا يريد ان يعترف بوجود تمييز عنصري في تونس متخذة من حادثة الطلبة الكنغوليين دليلا على وجود التمييز وما تعرضت له نجيبة الحمروني النقيبة السابقة للصحفيين، مشيرة إلى أن التمييز العنصري له أشكال متعددة مباشرة وغير مباشرة على غرار نبذ التحرش على أساس الميز العنصري. كما أكدت على أن التشريع لا يجب أن يخضع لترضية جهات داخلية أو أجنبية دون الأخذ بعين الاعتبار الواقع الداخلي وتغيير الثقافة السائدة، خصوصا وأن مفهوم الضحية غائب في الفصل 2 من مشرع القانون، بالاضافة إلى أن الجانب الزجري مهم في ردع المعتدين، مطالبة في ذلك في إطار حق النفاذ إلى المعلومة بمدّنا بالمناشير التي كانت تصدر في شأن اصحاب البشرة السوداء لإقصائهم من مناصب القرار، مع مطالبتها أيضا إلحاق اللجنة التي سيقع إحداثها حسب مشروع القانون والتي ستعنى بالقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري بالهيئة العليا لحقوق الإنسان.
وفي رده على تساؤلات النواب، قال الوزير المكلف بالعلاقة مع المجلس إياد الدهماني أن مشروع القانون الأساسي المتعلق بالقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري مهم جدا يهدف إلى وضع حد لانكار هذه الظاهرة باعتبار أن النظام الديمقراطي لا يبنى دون حرية الأفراد وإرساء المساواة في ما بينهم. كما أضاف أن المشروع يعتبر تطبيقا لبعض أحكام الدستور في علاقة بارساء منظومة الحقوق والحريات والمساواة، لكنه لا يقطع مع الثقافة السائدة بل يساهم في تغييرها.
المصادقة على الفصول
واستأنفت الجلسة العامة، أشغالها من خلال المصادقة على الفصل 1 في صيغته الأصلية بعد رفض كافة المقترحات التعديلية المقدمة من قبل الكتل البرلمانية، بالاضافة إلى الفصول من 2 إلى 5 ضمن الباب المتعلق بالوقاية. وبلغت الجلسة الفصول 6 إلى 8 ضمن الباب المتعلق بالاجراءات، دون أي تعديل يذكر بالاضافة إلى الفصول 9 و10و11 المتعلقين بالعقوبات. وفي الأخير تمت المصادقة على مشروع القانون برمته دون أي تعديل يذكر في أي فصل من الفصول وذلك بـ 125 نعم، 5 محتفظين، وصوت وحيد رافض.