مكتب مجلس نواب الشعب، بدأت أغلب الكتل في عقد أيامها البرلمانية من أجل تنظيم بيتها الداخلي وإعادة تشكيلها من جديد على ضوء التغييرات الحاصلة صلب المشهد البرلماني. وفي انتظار استكمال بقية الكتل وأبرزها كتلة حركة النهضة اختيار ممثليها، تبدو الأمور محسومة لتكون الأولويات القصوى تنظيم جدول أعمال البرلمان للفترة القدمة.
قبل انتهاء آجال تقديم الكتل البرلمانية لممثليها في رئاسات اللجان المقررة يوم 10 أكتوبر القادم، وذلك بعد توزيع مكتب المجلس الحصص بين مختلف الكتل إثر تغير المشهد البرلماني والتمثيليات من حيث عدد النواب، انطلقت الكتل النيابية في عقد أيامها البرلمانية خلال عطلة نهاية الأسبوع الفارط بعد إجراء تقييم شامل لمختلف أعمالها على مر السنوات النيابية الأربع. تحديد الأسماء التي ستمثل كتلها في مختلف أشغال البرلمان، لن يتغير كثيرا مقارنة بالسنوات الفارطة باستثناء تغيير اللجان فقط.
تواصل معضلة حركة نداء تونس
كتلة حركة نداء تونس كانت من بين الكتل الأولى التي اختارت ممثليها في عضوية مكتب المجلس ورؤساء اللجان، لكنها في نفس الوقت لم تتمكن من تجنب نزيف الاستقالات وذلك بعد استقالة النائب محمد الصوف وعضو المكتب المكلف بالإعلام والاتصال سابقا نتيجة رفضه لتنحيته من هذا المنصب معتبرا أن الكتلة لم تعد فضاء ممكنا لتمثيل حزب نداء تونس. الأيام البرلمانية انطلقت من خلال فتح باب الترشحات لـ4 مناصب، لعضوية مكتب كتلة حركة نداء تونس، وقد تم إعادة انتخاب رئيس كتلة نداء تونس سفيان طوبال على رأس الكتلة البرلمانية للحركة. كما تم فرز الترشحات المقدمة من النواب أعضاء الكتلة وذلك تحت إشراف أعضاء مكتب الكتلة هدى تقية، أميرة الزوكاري، نورة العامري ومحمد عبد اللاوي.
وقد أفرزت عملية الاختيار تنصيب النائبة أنس الحطاب على رأس اللجنة الخاصة لشهداء الثورة وجرحاها وتنفيذ قانون العفو العام والعدالة الانتقالية، وأيضا النائبة أسماء أبو الهناء رئيسة اللجنة القارة لتنظيم الإدارة شوؤن القوات الحاملة للسلاح، بالإضافة إلى شاكر العيادي رئيسا للجنة القارة للنظام الداخلي والحصانة والقوانين البرلمانية والقوانين الانتخابية. وبخصوص عضوية مكتب المجلس فقد تم اختيار مساعد رئيس مكلف بالإعلام فيصل خليفة، وشكيب باني مساعد رئيس مكلف بالتصرف. وفي هذا الإطار، أكّد رئيس كتلة نداء تونس بمجلس نواب الشعب سفيان طوبال أن أولياتهم تتمثل في الإسراع في تركيز المحكمة الدستورية وانتخاب رئيس هيئة الانتخابات وتقديم ملاحظات ومقترحات الحركة بخصوص مشروع قانون المالية لسنة 2019. كما تم انتخاب مكتب المجلس الذي يضم كلا من عدي تقية، عماد أولاد جبريل، نجلاء السعداوي، محمد عبد اللاوي، أميرة الزوكاري، نورة العامري.
واعتبرت الكتلة في بيان صادر لها أنه سيتم العمل على تجنب الانقسامات والتجاذبات من خلال التسريع في ما تبقى من المؤسسات الدستورية والعمل مع جميع الكتل في كافة المهام المنوطة بعهدة البرلمان، إلى جانب دعوة مكتب المجلس لإعطاء الأولوية للنظر في القوانين التي من شأنها دفع التنمية والاستثمار وبعث مواطن الشغل للتقليص من نسبة البطالة والفقر وتدهور المقدرة الشرائية للمواطن. كما تم تكليف فريق عمل صلب الكتلة مكلف بتقديم مقترحات وتوصيات للحكومة حول مشروع قانون المالية للسنة القادمة، قبل انعقاد المجلس الوزاري الخاص ليتضمن إجراءات تدعم الإصلاحات الاقتصادية وتراعي البعد الاجتماعي وتساهم في مقاومة الفساد.
ترتيب كتلة الائتلاف الوطني
من جهة أخرى، تمكنت كتلة الائتلاف الوطني من ترتيب بيتها الداخلي بعد عقد أيام برلمانية بمدينة نابل تم على إثرها انتخاب رؤساء اللجان البرلمانية وممثلي الكتلة بمكتب مجلس نواب الشعب حيث انتخب عبد الرؤوف الماي مساعدا لرئيس مجلس النواب مكلفا بالتونسيين بالخارج ومحمد الأمين كحلول مساعدا للرئيس مكلفا بالعلاقات الخارجية، وكريم الهلالي رئيسا للجنة التشريع العام، سهيل العلويني رئيسا للجنة الصحة والشؤون الاجتماعية، عبير العبدلي رئيسة لجنة التنمية الجهوية، الناصر الشنوفي رئيسا للجنة الانتخابية. واعتبر مصطفى بن أحمد رئيس الكتلة البرلمانية الإئتلاف الوطني، بأنّ استكمال تركيز المؤسسات الدستورية يعد من أبرز أولويات عمل الكتلة، مضيفا أنه سيتم العمل على إيجاد توافق يضمن تجاوز التعطيلات التي تمنع استكمال تركيزها، وذلك بالتشاور مع مختلف الكتل بالبرلمان، على غرار الدفع نحو استكمال الإصلاحات التشريعية في عديد المجالات وخاصة منها الاقتصادية، بالإضافة إلى مجلة الجباية وقوانين الطوارئ الاقتصادية، بالإضافة إلى تداول مقترحات الكتلة وتفاعلها حول قانون المالية لسنة 2019.
كما تم إحداث ميثاق يضم المبادئ العامة التي تنظم العلاقات داخل الكتلة، وضبط نظام داخلي لها سيعتمد خلال السنة البرلمانية الجديدة، مشيرا إلى توزيع المهام داخل مكتب الكتلة واللجان التشريعية والخاصة الممثلة لها صلب هياكل مجلس النواب. هذا وقد ناقش أعضاء الكتلة خلال الأيام البرلمانية أولويات عمل الكتلة خلال هذه السنة البرلمانية ومنها مشاريع القطع مع حالة التعطيل التي يشهدها مجلس نواب الشعب، وكيفية الدفع نحو الاستقرار السياسي وتسريع العمل النيابي. كما تم انتخاب مكتب الكتلة التي يضم كلا من درة اليعقوبي نائبة الرئيس، مروان فلفال، مروى بوعزي، طارق الفتيتي، الصحبي بن فرج، علي بالنور.
بين المحافظة على نفس التركيبة والانتظار
في المقابل، حافظت بعض الكتل البرلمانية على نفس تركيبتها ككتلة الجبهة الشعبية على سبيل المثال، إلا أنها من المنتظر أن تعقد أيامها البرلمانية خلال الأيام القليلة القادمة التي ستخصص حسب ما صرح به النائب الجيلاني الهمامي إلى برنامج العمل البرلماني فقط، باعتبار أن الكتلة تسعى إلى الحفاظ على استقرارها من خلال التعويل على نفس التركيبة. وبهذا سيحافظ النائب نزار عمامي على منصب مساعد الرئيس المكلف بالرقابة على تنفيذ الميزانية ويبقى النائب طارق البراق رئيسا للجنة الشباب والشّؤون الثقافية والتربية والبحث العلمي ، في انتظار اختيار منصب رئيس لجنة شؤون ذوي الإعاقة والفئات الهشة التي كانت برئاسة كتلة الحرة، والمنجي الرحوي رئيسا للجنة المالية والتخطيط والتنمية. في حين من المنتظر أن تعقد الكتلة الديمقراطية أيامها البرلمانية صباح اليوم من أجل اختيار ممثليها في هياكل المجلس محل التجديد، وهي عضوية مساعد الرئيس المكلف بشؤون النواب.
كتلة حركة النهضة بدورها لم تعقد أيامها البرلمانية إلى حد الآن من أجل اختيار منصبي مساعد الرئيس المكلف بالعلاقات مع السلطة القضائية والهيئات الدستورية، و مساعد الرئيس المكلف بالعلاقات مع المواطن ومع المجتمع المدني، وأيضا رؤساء اللجان شؤون التونسيين بالخارج، الأمن والدفاع، الحقوق والحريات والصناعة والفلاحة، حيث من المنتظر أن تعقد الكتلة صباح اليوم اجتماعا حسب ما صرح به النائب ناجي الجمل من أجل اختيار ممثليها. هذا ومن المنتظر أيضا أن تحافظ كتلة الحرة لمشروع تونس على نفس التركيبة حيث سيكون النائب حسونة الناصفي مساعد الرئيس المكلف بالعلاقات مع الحكومة ورئاسة الجمهورية. هذا ولا تزال كتلة الولاء للوطن في طور النقاش بخصوص اختيار من يمثلها في مختلف المسوؤليات.
بعد اختيار ممثلي الكتل البرلمانية في هياكل المجلس، يبدو أن البرامج التي وضعوها خلال الأيام البرلمانية متشابهة تماما، لكن في المقابل يبقى السؤال المطروح حول مدى عودة سياسة التوافق في البرلمان بعد أزمة دامت لفترة تسببت في تعطيل جملة من مشاريع القوانين والأعمال الهامة.