بالسياسي وليس استعدادا لعقد الدورة النيابية الخامسة مثلما اعتقده البعض. فقد ألقت الازمة والخلافات بين الشاهد وحركة نداء تونس بظلالها على هذا اللقاء، الذي حاول فيه الناصر لعب دور الوسيط من أجل إيجاد مخرج ولا تتعطل بذلك العجلة التشريعية.
يبدو أن اللقاء الذي جرى يوم أمس بقصر باردو بين كل من رئيس مجلس نواب الشعب محمد الناصر ورئيس الحكومة يوسف الشاهد لم يخصص بالأساس من أجل مناقشة جدول أعمال الدورة النيابية القادمة، أو مشاريع القوانين ذات الأولوية بالنسبة للحكومة، وإنما تم استغلاله من أجل حلحلة الأزمة بين الشاهد وحزبه حركة نداء تونس. المشاريع القادمة بالنسبة لمجلس نواب الشعب تبدو غير مهمة إن تواصل الخلاف بين الفرقاء السياسيين، باعتبار أن المجلس سيواصل في طريقه الخلافي دون اي نتائج تذكر.
محاولة لحلحلة الأزمة
الاجتماع بين الشاهد والناصر، وإن قدماه إعلاميا حسب البلاغ الصادر عن رئاستي الحكومة والمجلس، بأنه تنسيقي بالأساس من أجل مناقشة الأوضاع العامة بالبلاد، إلا أن الكواليس تشير الى عكس ذلك، حيث تطرق الاجتماع الى إمكانية توسط الناصر لحلحلة الأزمة الحاصلة بين حزب نداء تونس ورئيس الحكومة والتطورات الأخيرة داخل البرلمان بعد استقالة عدد من نواب النداء وإنضمامهم لكتلة الائتلاف الوطني المحسوبة على الشاهد بالإضافة إلى إمهال الهيئة السياسية لحركة نداء تونس الشاهد 24 ساعة لتبيان موقفه من الحزب، وتأثيرها على المشهد السياسي والوضع العام للبلاد.
إمكانية أن يلعب محمد الناصر دور الوساطة بين الشاهد والنداء لحل الإشكال القائم، ليس بالغريب فرئاسة المجلس تبحث عن تحسين صورتها أمام الراي العام التي اهتزت في أكثر من مناسبة نتيجة غياب التوافقات بين الكتل البرلمانية، والخلافات الحاصلة مع كثرة الغيابات الامر الذي تسبب في تأجيل المصادقة على جملة من مشاريع القوانين الهامة، بالاضافة إلى عدم استكمال تركيز الهيئات الدستورية. كما أن الناصر يستعد لانجاح الدورة النيابية الجديدة، من خلال وضع استراتيجية قد تساهم في تسريع نسق العمل التشريعي، وذلك في حالة فض الخلافات القائمة بين الحكومة والنواب خاصة نواب كتلة حركة نداء تونس والحرة لمشروع تونس، اللذين بدورهما في صدام مع كتل أخرى مساندة لحكومة الشاهد، ونعني بذلك بالأخص كلا من كتلة حركة النهضة والائتلاف الوطني.
اجتماع سياسي بامتياز
الناصر يبدو أنه استفسر عن نفس الأسئلة التي ناقشتها الهيئة السياسية لحزب نداء تونس المجتمعة أول أمس، أهمها الاستفسار عن علاقة الشاهد بكتلة الائتلاف الوطني التي تشكّلت مؤخرا وتضمّ نوابا استقالوا من كتلة حركة نداء تونس إلى جانب طلب الاستفسار عما يروج حول اعتزامه تكوين حزب سياسي لخوض الانتخابات التشريعية والرئاسية في 2019، عن طريق نفس الكتلة، إضافة إلى طلب الاستفسار عن علاقته السياسية بحركة النهضة التي تدعمه وتسانده. تحويل وجهة الاجتماع من اجتماع يخص علاقة العمل الحكومي بالعمل البرلماني، انتقده نواب المعارضة الذين اعتبروا أنه من غير المعقول استغلال المناصب التشريعية العليا من أجل فض أزمة حزبية داخلية بحتة. لكن في المقابل، فإن وجهات النظر تختلف فالأزمة الحكومية وما يحصل داخل كتلة حركة نداء تونس، قد يلقي بظلاله على أشغال مجلس نواب الشعب، مما يستوجب التدخل العاجل من قبل رئيس المجلس محمد الناصر الذي يمثل في نفس الوقت حركة نداء تونس.
السيناريوهات المحتملة
كما تطرق اللقاء إلى الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والاستعداد لانطلاق الدورة النيابية القادمة كما تناول اللقاء ملف الطاقة والإقالات الأخيرة في وزارة الطاقة والمناجم والطاقات المتجددة، مع تسجيل رفض كل من الطرفين تقديم أي تصريح إعلامي عقب نهاية اللقاء. ويُذكر أن هذا اللقاء تم بناء على دعوة وجهها الناصر للشاهد. لكن حسب البلاغ الرسمي لمجلس نواب الشعب فإن اللقاء تناول الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية وما تتطلّبه من حوار مسؤول بين جميع الأطراف لإيجاد الحلول الكفيلة بتجاوز الصعوبات التي تمر بها البلاد، وجعل المصلحة الوطنية فوق كل اعتبار بهدف إعادة الثقة في المستقبل وبعث الأمل في صفوف الشباب وتعزيز التضامن بين مختلف فئات المجتمع التونسي.
الخطوة التالية تبقى في انتظار المهلة التي حددتها الهيئة السياسية لحركة نداء تونس والمقدرة بـ 24 ساعة من أجل الاجابة عن كافة الاستفسارات قبل اتخاذ القرار سواء بطرد الشاهد من نداء تونس أو إيجاد مخرج يرضي الأطراف. لكن في المقابل، فإن السؤال المطروح حول كيفية تدخل الناصر من أجل حلحلة الأزمة سواء بطلب تمديد المهلة وتمكين الشاهد من وقت إضافي من أجل التفكير، أو التدخل لفائدته مع رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي، او البحث عن مخرج توافقي يرضي كافة الاطراف بين الكتل البرلمانية من جهة وبين حركة نداء تونس من جهة أخرى.