بالجلسات السابقة، وهو ما يطرح تساؤلات آخرى عن مدى جدية هذا القرار؟
بعدما اتخذت رئاسة مجلس نواب الشعب ومكتبه قرارا الأسبوع الفارط مفاده اقتطاع 100 دينار، من منحة النواب عن كل غياب من أشغال اللجان القارة والخاصة وكذلك الجلسة العامة، أجرى نواب الشعب أول امتحان لهم على مستوى الحضور والانضباط في اشغال الجلسة العامة المنعقدة أول أمس بمقر مجلس نواب الشعب والمخصصة للمصادقة على جملة من مشاريع القوانين الأساسية.
لكن في المقابل، يبدو أن هذا القرار لم يكن قرارا رادعا بالنسبة لنواب الشعب الذين واصلوا في غياباتهم بعدما كان يعتقد الرأي العام أن هذه الجلسة العامة ستشهد حضورا لا مثيل له عقب إصدار قرار الاقتطاع.
المتابع لأشغال الجلسة العامة على امتداد يوم أول أمس الثلاثاء يلاحظ أن الحضور في الجلسة العامة تقلص من مناقشة قانون إلى آخر اي أن عدد النواب تقلص شيئا فشيئا من الجلسة الصباحية إلى غاية الجلسة المسائية، وهو ما يتضح من خلال عملية التصويت الالكتروني وبالأيدي على ستة مشاريع قوانين.
تقلص نسب التصويت يعكس حضور النواب
وبالعودة إلى عملية التصويت على مشاريع القوانين أول أمس وباحتساب عدد الأصوات بين الرافض والمؤيد والمحتفظ، يتضح أن عدد النواب الحاضرين لم يتغير كثيرا مقارنة بالجلسات العامة السابقة والتي دائما ما تسجل حضورا يتراوح بين 111 و130 نائبا تقريبا. مشروع القانون الأول المصادق عليه في بداية الجلسة الصباحية بلغ عدد الحضور 157 نائبا، ثم تقلص قبل منتصف النهار من خلال رفض المصادقة على مشروع القانون الثاني بحضور 136 نائبا، ونفس الأمر تقريبا في مشروع القانون الثالث بحضور 138 نائبا. في المقابل، وبعد استراحة الظهيرة أي بين الجلسة الصباحية والمسائية، تراجع عدد النواب إلى 132 نائبا في المصادقة على مشروع القانون الرابع، ثم انخفض من جديد في مناقشة مشروع القانون الخامس ليبلغ عددهم 125 نائبا، لينخفض مرة أخرى في الجلسة الليلة في مناقشة مشروع القانون الأخير إلى 122 نائبا.
من الملاحظ أن عدد النواب دائما ما ينحصر في أقل من 150 نائبا تقريبا، من جملة 217 نائبا وهو ما يؤكد أن القرار لم يكن له وقعا أو انعكاسا على سلوك النائب في البرلمان. كما أن تذبذب نسب الحضور ارتفاعا وانخفاضا يؤكد أن النائب لا يمكنه مواصلة كافة أشغال الجلسة العامة، رغم أن المتعارف عليه في الحياة البرلمانية أنه قبل عملية التصويت يتم ضرب الجرس عديد المرات لالتحاق كافة النواب بالجلسة العامة.
قرار لم يدخل حيز التنفيذ
قرار اقتطاع 100 دينار من منحة النائب في حالات الغيابات، يعتبره البعض غير مجدٍ إضافة إلى أنه لم يدخل حيز النفاذ حسب ما اعتبره البعض من النواب ما لم يقع التنصيص عليه في النظام الداخلي لمجلس نواب الشعب والمنتظر تنقيحه مع نهاية السنة البرلمانية الثانية في الصائفة المقبلة. هذا العامل يؤكد بدوره أسباب عدم تفاعل النواب مع هذا القرار، على غرار وجود بعض المحاولات للطعن في محتواه، ولعل أبرز مثال على ذلك تدخل النائب عن حزب المبادرة الوطنية أحمد السعيدي في نقطة نظام صلب الجلسة العامة أكد خلالها رفضه قرار رئيس المجلس اقتطاع 100 دينار من منحة كل نائب عن كل يوم تغيب فيه عن أشغال المجلس، مشيرا إلى أن النائب ليس عاملا في حظيرة حتى يعامل بهذه الطريقة على حد قوله.
ما الفرق بين الغائب والمعتذر؟
وفي سياق آخر، لا يزال هذا القرار يفتقد إلى التفاصيل باعتبار أن أغلب النواب المتغيبين عن مختلف أشغال مجلس نواب الشعب دائما ما يصنفون ضمن المعتذرين أي أنهم يقدمون حجة غياب. وبالدخول إلى الموقع الإلكتروني لمجلس نواب الشعب نلاحظ أن آخر قائمة حضور منشورة للجلسات العامة بتاريخ 16 فيفري 2016، وكافة النواب المتغيبين تقريبا معتذرون، وبذلك لا يصنفهم المجلس كغائبين.
لكن في المقابل، فإن هذا القرار كان له وقع طيب على بعض الكتل ككتلة حركة النهضة التي تنشر يوميا في مكتبها قائمة نوابها الحاضرين والمتغيبين عن أشغال اللجان، على أن يتم تعميم هذا الإجراء في كافة الكتل والعمل على تحسيس النواب بأهمية الحضور في أشغال مجلس نواب الشعب.