في انتظار نواب الشعب على مستوى اللجان القارة والجلسات العامة. أولويات كانت موضوعة في جدول أعمال السنة النيابية الفارطة، قد تكون بحاجة إلى إعادة ترتيبها في حالة وصول مشاريع حكومية جديدة أو حسب التطورات التي قد تشهدها السلطتان التشريعية والتنفيذية.
بالرغم من أن مجلس نواب الشعب لم يحسم أمره في إقرار دورة برلمانية استثنائية، أو استكمال ما تبقى من العطلة البرلمانية التي تنتهي يوم 1 أكتوبر القادم، إلا أنه يسعى إلى إعادة ترتيب أولوياته على مستوى مشاريع القوانين والمهام التي بقيت عالقة منذ السنة النيابية الفارطة. مشاريع القوانين المستعجلة جاء فيها طلب من قبل الحكومة من أجل انهاء المصادقة عليها في أقرب الآجال، إلا أن الأزمة التي مر بها البرلمان مؤخرا نتيجة تذبذب مواقف الكتل البرلمانية إزاء حكومة الوحدة الوطنية بين رحيلها وبقائها تسببت في تأجيل المصادقة على عديد مشاريع القوانين، وعدم استكمال انتخاب أعضاء المحكمة الدستورية وتأجيل انتخاب رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، قد تعرف انفراجا بعد نجاح التصويت على منح الثقة لوزير الداخلية والتي اعتبرها البعض بمثابة المساندة الضمنية لحكومة يوسف الشاهد وعودة الحزام السياسي الداعم لها. مجلس نواب الشعب يواجه عديد التحديات في استكمال المصادقة على جملة من مشاريع القوانين المستعجلة، والبعض منها محدد بآجال من قبل الحكومة، بالرغم من استيفائها، إلا أنه مطالب بانهاء النظر فيها مباشرة مع عودة النواب إلى مقاعدهم في اللجان القارة والجلسات العامة.
مشاريع قوانين مستعجلة
مشاريع القوانين المستعجلة كان قد قدمها رئيس الحكومة يوسف الشاهد في لقائه الأخير مع مكتب مجلس نواب الشعب من أجل المصادقة عليها في القريب العاجل، وتبجيلها على حساب مشاريع القوانين المحالة على أنظار اللجان حاليا. مشاريع القوانين المستعجلة جاءت نتيجة تعهد الحكومة والتزاماتها مع دول أخرى، من بينها مشروع قانون الفائدة المشطة وقانون الصرف وقانون الميزانية وأيضا قانون سجل المؤسسات الذي تم الطعن في دستوريته مؤخرا وقانون جديد لتنقيح مكافحة الإرهاب وقانون محكمة المحاسبات، ومشروع قانون لحماية المعطيات الشخصية.
التحدي الأكبر يتمثل بالأساس في مناقشة مشاريع القوانين المذكورة في اللجان البرلمانية، سواء من خلال المصادقة على فصول مشروع القانون والتي يبدو أنّ عددها كبير جدا نظرا لأهمية المشاريع، فعلى سبيل المثال يضم مشروع قانون حماية المعطيات الشخصية أكثر من 120 فصلا، بالاضافة إلى عقد جلسات الاستماع حولها ثم تمريرها إلى الجلسة العامة من أجل المصادقة عليها. كما سيسعى البرلمان الى الحسم في معضلة الهيئات الدستورية ومن بينها استكمال انتخاب أعضاء المحكمة الدستورية بعد فشله في الجلسة العامة الأخيرة مما قد يجبره على إعادة النظر في المبادرة التشريعية التي قدمتها الحكومة من أجل التقليص في عدد الأصوات التي يجب أن يتحصل عليها المترشح من أجل انتخابه وذلك بهدف تسهيل المهمة أمام النواب، ثم استكمال النظر في ملفات الترشح لعضوية هيئة الحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد، بالاضافة إلى تجديد ثلاثة أعضاء من مجلس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، وانتخاب رئيس لها على إثر تأجيلها في مناسبة سابقة.
الحسم في بعض المشاريع
عديد المشاريع تحظى باستعجال النظر من قبل الحكومة من أجل استكمالها، بالرغم من حسم البعض منها على مستوى اللجان كتنقيح مشروع قانون مكافحة الارهاب، كما أن لجنة الحقوق والحريات والعلاقات الخارجية، قد حسمت في مشروع قانون القضاء على التمييز العنصري، حيث من المنتظر أن تستكمل النظر في مشروع قانون حماية المعطيات الشخصية وذلك بعد استكمال جلسات الاستماع إلى مختلف الأطراف في الغرض، ثم تستكمل النظر في مشروع قانون يتعلق بهيئة الاتصال السمعي البصري. ومن المنتظر أيضا أن تنظر لجنة الفلاحة والأمن الغذائي والتجارة والخدمات ذات الصلة في مشروع قانون السجل التجاري في حالة وصول الطعن من قبل الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين. لكن في المقابل، فإن الخلاف حاليا لا يزال حول مشروعي القانون المتعلق بمحكمة المحاسبات والميزانية، نتيجة تعدد المقترحات حول عدد من الفصول خصوصا صلب لجنة المالية والتخطيط والتنمية التي لم تحسم إلى حد الآن في علاقة السلطة التشريعية بالتنفيذية على مستوى تنفيذ الميزانية وإعدادها ومراقبتها بالنسبة للبرلمان.
إعادة ترتيب الأولويات
الأولويات المذكورة التي تتطلب ضرورة إعادة ترتيبها صلب اللجان القارة وتنظيمها في جدول أعمال الجلسات العامة، قد تعرف بدورها تغييرات وتزيد من الصعوبات والتحديات التي تعترض البرلمان، في حالة ورود جملة من مشاريع القوانين الجديدة والمستعجلة من قبل الحكومة. هذا كله دون الحديث عن ضغط الكتل البرلمانية من أجل تمرير مبادراتها التشريعية كتلك المتعلقة بسبر الآراء وتجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني. كل هذه العوامل قد تجعل من السنة البرلمانية الأخيرة سنة صعبة نتيجة الإرث الثقيل من السنة الفارطة، أمام تواصل التجاذبات السياسية، إلى جانب تعدد جلسات المسائلة والأسئلة الشفاهية والجلسات العامة المخصصة لمناقشة أوضاع الجهات بحضور الفريق الحكومي.