بعد استقالة 5 نواب من الكتلة الحرة لمشروع تونس ومن الحزب أيضا، عديد التساؤلات تطرح حول أسباب الاستقالة خصوصا بعد البيان الصادر عن الحزب الذي ينفي فيه قطعا كل الأسباب التي ذكرها النواب المستقيلون وهم الصحبي بن فرج، مروان فلفال، سهيل العلويني، هدى سليم، وليلى الشتاوي. وفي هذا الإطار يتحدث النائب المستقيل مروان فلفال في حوار لـ«المغرب» عن الأسباب الحقيقية للاستقالات وعن مستقبلهم في مجلس نواب الشعب.
• لماذا قدمت استقالتك من الكتلة ومن الحزب؟
الاستقالة جاءت بعد تفكير عميق ومراجعة شاملة ونقاشات مطولة، حيث طرح الموضوع من قبل الانتخابات البلدية وذلك بهدف اعادة هيكلة الحزب بطريقة متطورة ومن أجل البحث عن صيغة حديثة للتحالفات التي يجب أن تكون مدروسة ولا تتعارض مع مبادئنا، وتضمن الهدف الأساسي المتمثل في توحيد العائلة الوسطية الاصلاحية والتقدمية. بالاضافة الى أننا دعونا إلى مراجعة الخط السياسي الذي لم يساهم في ان يكون الحزب والكتلة فاعلين اساسيين في الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد الاجتماعية منها والاقتصاية والتي لا يستطيع احد انكارها، لقد كانت رغبتنا في لعب دور حقيقي من أجل المساهمة في الخروج من هذه الأزمة.
وقد تجلت المسألة بصيغة واضحة خلال النقاش حول قرار تصويت الكتلة لصالح منح الثقة إلى وزير الداخلية من عدمه. هذا لا يعني أن الكتلة تعتبر الكتلة الافضل في البرلمان، بالرغم من أنها تتمتع بالكفاءات إلا أنهم مكبلون أمام الإصلاحات التي من الممكن أن يقدموها باعتبار ان الخط السياسي للحزب لم يساهم في اعطاء الكتلة دورها ومكانتها التي تستحقها.
القرار لم يكن سهلا في علاقة بالتصويت على منح الثقة إلى وزير الداخلية من عدمه، لكن في بعض الأحيان الديمقراطية تفرض عادة ان تناقش مثل هذه المسائل في أطر داخلية، اذا كانت الاغلبية لم توافق، فهناك خياران، أولهما الرأي الأغلبي يدعو الى التحفظ، لكننا كنا مع التصويت لصالحه. ربما هذا الاختلاف قد ساهم في الانسحاب على امل اللقاء في توحيد من جديد لجميع القوى الوطنية الوسطية في اطار مشروع يساهم في خلق مشروع سياسي.
• الحزب اصدر بيانا نفى فيه كل الاتهامات التي وجهتموها، ما رأيك في ذلك؟
لا استطيع التعليق باعتبار أن كافة الزملاء في حركة مشروع تونس، اناس ذوو كفاءة عالية، وليس لدي اي موقف ضد زملائي وهم أحرار في مواقفهم.
• هل هناك نية للتراجع عن الاستقالة، أو شرط تسعى إليه مقابل عودتكم إلى الكتلة والحزب؟
لا تزال مساعينا في تواصل من أجل التوحيد والالتقاء على حزام سياسي وحول برنامج اصلاح شامل مهما كان الموقع الذي كنا فيه. أنا اعتبر أن الأولويات الحالية تتمثل أساسا في المشاكل الاقتصادية والاجتماعية باعتبار أن البلاد الآن في مفترق طرق، إما الذهاب في سياسة الإصلاحات من أجل اعادة بناء الدولة الوطنية بعيدا عن التجاذبات السياسية وحالات الانشقاق التي لا تفيد بطبيعة الحال العائلة الديمقراطية والتوازنات السياسية وتنعكس سلبا على الاصلاحات. كما أن الازمة السياسية تساهم في عدم تسهيل مهمة بروز الاصلاحات او انطلاقها، اليوم نحن ندفع كلفة تاخر 5 سنوات من الاصلاحات على مستوى المؤسسات والمالية العمومية والصناديق الاجتماعية والخدمات العمومية كالنقل والصحة والتعليم.
• كيف ذلك؟
لقد تاخرت الاصلاحات وتعطلت ولم تجد الحزام السياسي الداعم لها، ووصلنا إلى أزمة، رغم أن المؤشرات الاقتصادية تبدو ايجابية في بداية السنة الا ان المشاكل الهيكلية منها الاقتصادي بالأساسي لا تجعل التونسيين يقطفون ثمارا او يروا تحسنا جديا فبالتالي فإن النقطة الاساسية هي الاتفاق على فتح حوار جدي ومسؤول حول حزمة الاصلاحات الاقتصادية في المالية العمومية ، وهنا اتحدث عن اصلاحات المالية الكبرى ووضع المديونية ومنظومة الدعم والاجراءات الايجابية.
في ما يخص المؤسسات العمومية يجب العمل على فتح حوار مع الاطراف الاجتماعية للخروج من وضعية الجمود في المؤسسات التي اصبحت في جزء منها تمثل عبئا على الدولة واهدار فرص لتنميتها وتطويرها. كما أن وضعية الصناديق الاجتماعية تنعكس سلبا على قطاع الصحة، نتيجة تاخر الاصلاح فيها وبالتالي هذا يتطلب اصلاحات سريعة. في ما يخص الخدمات العامة هناك اليوم ازمة هيكلية ولم تعد ازمة ظرفية بل يجب اعادة تصور كبير لهذه القطاعات واصلاح شامل لها يكون على المدى المتوسط والبعيد، تتطلب ضرورة القدرة على المواصلة في نهج الاصلاح دون التفكير في الحسابات السياسية الضيقة وان يكون التفكير أيضا عميقا من أجل الخروج من الازمة وليس الوصول إلى الكراسي.
الاختلاف لا يفسد للود قضية باعتبار اننا حتما سنلتقي على نفس الاسس والمبادئ التي اسسنا عليها الحزب لانه لا خيار لنا الا التوحيد. اعتبر اليوم ان الوضع افضل من سنة 2017 لكن النتائج غير ملموسة وهذا بالتاكيد يتطلب وقتا، حتى يلمس المواطن نتائج النمو الاقتصادي، من خلال مواصلة الحرب على الفساد الاقتصادي والاداري ومكافحة التهريب والتصدي للقطاع الموازي الذي يكلف الدولة خسائر كبرى.
• من يتحمل المسؤولية في خروج النواب من الحزب والكتلة؟
أنا لا احمل المسؤولية لاحد لكن على الجميع ان يراجع مسؤولياته ومواقفه، انا أعتبر المسؤولية جماعية بالأساس وليست مسالة افراد، لاننا أمنا بمشروع مبني على مبادئ وذهبنا فيها منذ انتخابات 2014، لكن الاختلاف في الراي والخلافات الشخصية قد تجاوزناها، فالمسالة ليست معركة زعامات لان البلاد في حاجة الى عمل مشترك من أجل الخروج من الازمة.لا يوجد لي خلاف شخصي مع الامين العام للحزب حيث ستبقى العلاقة يسودها الاحترام بالرغم من الخروج، فالاختلاف في المواقف بالأساس وليس لاختلافات شخصية، حيث أن الكفاءات في كتلة الحرة لم يٌسمح لها بلعب دورها الحقيقي والمشاركة في صنع القرار السياسي.
• هل هناك من سيستقيل من النواب مستقبلا ؟
الالتحاق بنا او عدم الالتحاق ليس مشكلا، المهم ان يأتي اليوم الذي نتوحد فيه.
• وأين ستكون وجهتكم، تكوين كتلة جديدة أم العودة إلى نداء تونس أو البحث عن أخرى؟
مازلنا في نقاشات، المسالة ليس الانتقال من كتلة الى كتلة، المسالة الاصلاح والاتفاق حول مشروع، ولا يزال هذا الموضوع طور النقاش في ما يتعلق بصيغة تواجدنا وهو نقاش متقدم إلى حد الآن حيث أن الفكرة الذهاب في مشروع كبير من اجل توحيد العائلة لا يستثني أي طرف سياسي من مكونات هذه العائلة على شرط القيام بالمراجعات اللازمة التي تضمن شروط النجاح.