بفتح تحقيق في الغرض. في المقابل، اختار بعض النواب تسييس المسألة واتهام الحكومة ليتحول النقاش إلى نقاش سياسي بامتياز. كما ناقش النواب مشروع قانون يتعلق بقرض تم تأجيله في مناسبات سابقة.
الجلسة العامة انطلقت من خلال النقاش حول العملية الإرهابية الأخيرة التي جدت في ولاية جندوبة حيث طالب نواب الشعب بضرورة النظر في كافة حيثيات الحادثة، وانتقاد التصريحات السياسية التي اعتبرها البعض فرصة من أجل تصفية الحسابات. هذا وقد دعا النائب عن الكتلة الحرة لمشروع تونس محمد الطرودي، رئيس الجمهورية الباجي قايد السبسي الى تحديد المسؤوليات بعد العملية الارهابية، مطالبا بضرورة التوقي من الاختراقات في المؤسسة الأمنية وخاصة صلب الحرس الوطني.
الانتقادات من قبل النواب بوجود تقصير أمني تسبب في الحادثة الإرهابية، حيث قالت النائبة عن كتلة حركة نداء تونس فاطمة المسدي أنّ العملية الإرهابية بجندوبة أظهرت تداعيات الفراغ الأمني ونوعا من التقصير والاستهزاء بأرواح الأمنيين، داعية إلى تحديد المسؤوليات والتتبع القضائي لكل من يثبت تورطه مع العناصر الإرهابية. وحملت المسدي الحكومة مسؤولياتها، حيث كان من المفروض أن تكون وزارة الداخلية في أتم الاستعداد.
نقاشات سياسية
غياب الاستعدادات صلب وزارة الداخلة من بين أهم المواضيع التي تحدث عنها نواب الشعب، حتى أن النائب عن كتلة الاتحاد الوطني الحر يوسف الجويني اعتبر أنه لا وجود لوزارة الداخلية، مجددا دعوته السابقة في اجتماع اللجنة الخاصة للأمن والدفاع أول أمس باستدعاء الخبيرة الأمنية بدرة قعلول على خلفية ما وصفه بكلامها الخطير لتقدم الوثائق التي تؤيد توفر معلومات لدى الأجهزة الأمنية بخصوص العملية الإرهابية. لكن في المقابل، فقد قالت النائبة عن كتلة الولاء للوطن هاجر بالشيخ أحمد أن هناك أطراف متورطة في تخريب البلاد وتحمل أجندات إعلامية لبث الإشاعات وتقسيم البلاد وخدمة الإرهاب بطريقة غير مباشرة عبر بث رسائل مشفرة، مطالبة في ذلك بضرورة التحرّي في طبقة الخبراء التي توزّع على انفسها هذه الألقاب ثم تحلّل الأخطاء الأمنية في وسائل الإعلام.
في المقابل، عبر عدد من النواب عن أسفهم لتحول النقاشات إلى نقاشات حزبية تستثمر الظرف لتصفية حسابات وذلك في إشارة إلى تصريحات بعض نواب المعارضة الذي انتقدوا سياسة الوحدة الوطنية صلب الحكومة. وقال النائب عن الكتلة الديمقراطية غازي الشواشي أنه لم يتم تحقيق الوحدة الوطنية والدليل على ذلك الخطابات السياسية التي تساهم في تعميق الأزمة، متسائلا عن علاقة العملية الإرهابية بإقالة وزير الداخلية والتعيينات الاخيرة في سلك الحرس الوطني. وطالب الشواشي بتشكيل لجنة مشتركة بين السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية للتحقيق والإجابة على الأسئلة التي يطرحها الرأي العام.
ضرورة دعم الحكومة
الابتعاد عن الموضوع الأساسي وتوجيه النقاش إلى المسائل السياسية المتعلقة بالحكومة، امرا انتهجته المعارضة لضرب سياسة التوافق التي تعاني بدورها من تعطيلات ألقت بظلالها على مجلس نواب الشعب، حيث قال النائب عن الجبهة الشعبية الجيلاني الهمامي أن المؤسستين الأمنية والعسكرية أصبحتا مطمعا لعديد الأحزاب السياسية ومحل استثمار سياسي لدى البعض. لكن بعض الكتل تشبثت بموقفها الداعم للحكومة ككتلة حركة النهضة، حيث شدّد النائب عامر العريض على ضرورة مواصلة توفير الدعم الكامل للمؤسستين الامنية و العسكرية من خلال توفير العتاد والتجهيزات والعمل على توفير الضمانات القانونية لأفراد المؤسستين. كما دعا العريض الى دعم حكومة الوحدة الوطنية في حربها على الارهاب وتجنب التوظيف السياسي لمثل هذه الاحداث. نفس الموقف تقريبا تبناه النائب الصحبي عتيق الذي دعا إلى تقديم المصلحة الوطنية والبحث عن مكامن الخلل في عمل المؤسسة الأمنية مشيرا الى ان الوقت غير مناسب حاليا للخلاف مع الحكومة في حربها على الارهاب.
في انتظار الحلول
الجلسة العامة وإن خصص جزؤها الأول للحديث عن تداعيات العملية الإرهابية، والحلول العاجلة من أجل إصلاح المؤسستين العسكرية والأمنية من أجل تفادي مثل هذه الحوادث مستقبلا، إلا أنها تطرقت في عديد من المناسبات إلى مستقبل حكومة الوحدة الوطنية، خصوصا في ظل تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، مع عودة العمليات الإرهابية. وبهذا قد يبحث مجلس نواب الشعب خلال المدة القادمة عن حلول مشتركة مع الحكومة وذلك خلال الجلسة العامة القادمة المخصصة للحوار مع الحكومة حول الوضع العام في البلاد.
مناقشة مشروع قانون يتعلق بقرض
وفي الجزء الثاني من أشغال الجلسة العامة، ناقشت الجلسة العامة مشروع القانون المتعلق بالموافقة على اتفاق القرض المبرم بتاريخ 21 ديسمبر 2017 بين الجمهورية التونسية والبنك الإفريقي للتنمية للمساهمة في تمويل مشروع دعم تركيز المخطط الوطني الاستراتيجي «تونس الرقمية 2020، الذي تم تأجيله في مناسبتين سابقتين نتيجة الخلاف بين نواب المعارضة ووزير التنمية والاستثمار زياد العذاري، بقيمة 71.560.000 أورو. ويهدف مشروع القانون إلى ضمان الاندماج الاجتماعي والحد من الفجوة الرقمية عبر نفاذ أفضل للمعلومة والمعرفة وتعميم الاستفادة من الانترنات ذات السعة العالية جدا، ونشر الثقافة الرقمية عبر تعميم استعمالات تكنولوجيات المعلومات والاتصال في المسارات التعليمية ورقمنة المحتويات البيداغوجية. كما سيساعد مشروع القانون في التوجه نحو ادارة الكترونية ناجعة تقدم خدمة نوعية رقمية لفائدة المواطن والمساهمة في خلف مواطن الشغل في المجال الرقمي وفي مجال نقل الخدمات خارج البلد المنشأ.
وخلال النقاش العام الذي لم يدم طويلا إذ تم تأجيل الجلسة إلى اليوم، تطرق نواب الشعب إلى أهمية القرض ومشروع تونس الرقمية الذي اعتبره النائب غير المنتمي كريم الهلالي مشروعا ثوريّا في مجال الرقمنة. في حين اعتبر النائب عن كتلة الحرة لمشروع تونس سهيل العلويني أن موضوع الحوكمة الإلكترونية موضوع يطرح منذ 7 سنوات وهو مشروع هيكليّ.