أثرت على أعمالها خصوصا على مستوى تمرير مشاريع القوانين، مما ينبئ بتغييرات قد يشهدها المشهد البرلماني. المعارضة بدورها وأبرزها الجبهة الشعبية لها موقفها النقدي بخصوص العلاقة الحالية وسياسة التوافق بين كتلتي النهضة ونداء تونس. وفي هذا الإطار، يقدم النائب عن الجبهة الشعبية مراد الحمايدي في حوار لـ«المغرب» حقيقة ما يحصل في البرلمان من وجهة نظر كتلته.
• الجبهة الشعبية اليوم تطالب في أكثر من مناسبة بالتدقيق في المديونية، بالرغم من أنها تترأس اللجنة المالية لماذا لم تقم حتى بوضع قائمة تخص الديون المصادق عليها؟
أود ان أوضح قبل كل شيء ان رئاسة لجنة المالية لا تمنح للمعارضة اي امتياز اجرائي، فكل القرارات تعرض على اعضاء اللجنة للتصويت وتتخذ باغلبية الحاضرين، والمعلوم أن الأغلبية (أي كتلتي نداء تونس والنهضة) يحرجهما الحديث في موضوع المديونية، وترفضان إطلاقا فتح هذا الملف لأنه يشوش على علاقتهما بالدوائر الأجنبية. ومن المعلوم اليوم أيضا ان الحزبين الحاكمين يتنافسان لا حول مصلحة الشعب التونسي وسيادة تونس واستقلال قرارها السياسي، بل حول تقديم فروض الولاء والطاعة للجهات الأجنبية،(دول ومؤسسات مالية) وابراز الاستعداد لتنفيذ تعليماتها. اذن فإن المديونية أمر يتجاوز رئاسة لجنة المالية بل يتجاوز المعارضة برمتها، وطرحه يستوجب وجود أغلبية جادة في مواجهة الملفات الحارقة.
ومع ذلك تصر الجبهة على تشكيل لجنة للتدقيق في ديون تونس خاصة منها السابقة أي منذ سنة2011 والتحقق مما اذا كان بعضها كريها وهو ما يتيحه القانون الدولي ويخول إلغاء هذه الديون عند الاقتضاء وقد نجحت بلدان اخرى في فرض إسقاط ديونها استنادا الى هذا المبدأ . اما عن قائمة اتفاقيات القروض فهذا امر منشور اليوم سواء على موقع المجلس او الوزارات المعنية.
• هناك إشكال بينك وبين كتلة الجبهة، ما حقيقة هذا الخلاف؟
مطلقا، ليس لدي اي اشكال مع كتلة الجبهة الشعبية، على العكس من ذلك تربطني علاقة احترام مع بقية النواب في الكتلة. قد نختلف احيانا في بعض المواقف وفي بعض المسائل ويمكن ان ينعكس ذلك في التصويت على بعض الفصول من بعض مشاريع القوانين على غرار قانون المالية، وهذا امر طبيعي وصحي، ولكن لا يعني وجود إشكالات حقيقية وجدية في علاقة بالكتلة.
• كيف ترى المشهد البرلماني، الذي يبدو ضبابيا خصوصا في علاقة الكتل ببعضها البعض؟
مجلس نواب الشعب بات اليوم عائقا امام ما يطيب للبعض تسميته بالمسار الانتقالي، فأداء مجلس نواب الشعب بهذه الأغلبية المتحالفة على التونسيين، وبرئاسته السلبية، يجسد ارتداد مؤسسات الدولة الدستورية على المسار الثوري وتخليها عن مهامها وتنكرها لمطالب عموم التونسيين. ببساطة، مجلسنا الموقر في « واد» والتوانسة في «واد» اخر.
وهكذا يزداد المشهد البرلماني تعقيدا وضبابية وبؤسا وذلك من خلال كتل يتناقص عدد أعضائها بحكم الاستقالة، وكتل تنحل واُخرى تتشكل. وكتل في طريقها الى الانقسام والتشظي.
والاخطر في هذا، ان هذه الانقسامات والاستقالات الفردية والجماعية التي عرفتها بعض الكتل لا تعكس خلافات حول مشروع يخدم التونسيين، ليست بسبب التباعد في التوجهات والابتعاد عن المبادىء والثوابت التي يفترض في اعضاء الكتلة ان يكونوا قد التقوا حولها، كل الذي حصل ويحصل وسيحصل في ما تبقى من المدة النيابية محركه الأساسي. وفي عمومه على الأقل،المصالح الشخصية الضيقة والصراع حول المواقع وخدمة لوبيات معينة. ودعني اقول صراحة انّ اداء كتلة نداء تونس شوه العمل البرلماني وساهم بالمقدار الأوفر في «ترذيل» المشهد السياسي ودفع الناس وخاصة الشباب الى العزوف عن العمل السياسي الحزبي وعن الانتخابات وفقدوا الثقة في السياسيين. ولعل ما تابعتموه في الايام القليلة الماضية من تصريحات وتصريحات مضادة وتكذيب ونفي وتأكيد بين اعضاء الكتلة بل بين رئيسها والناطق الرسمي باسم الحزب يؤشر الى ازمة في الافق قد تعصف بِمَا تبقى. وما يهمنا فيها هو انعكاسها السلبي على العمل البرلماني والحكومي.
اذا، المشهد البرلماني مهتز وغير مستقر ومفتوح على كل الاحتمالات وعنصر الثقة فيه سواء بين الكتل البرلمانية او وبين اعضاء بعض الكتل المتناحرة مفقود. وهذا يعني ان مجلس نواب الشعب في ازمة حقيقية وترجمتها الصعوبة في تمرير مشاريع قوانين تعتقد الحكومة انها ضرورية لأنحاز ما تعتبره إصلاحات أسست لها وثيقة قرطاج الاولى وصفق لها نواب الأغلبية ومنحوها الثقة بأكثر من 160 صوتا.
• هل انت مقاطع لأنشطة البرلمان فعلا؟
صحيح حضوري في مجلس نواب الشعب خلال هذه الدورة لم يكن كسابقاتها، فأنا لم أعد في لجنة التشريع العام ولا أواكب كل الجلسات العامة بانضباط وهذا ليس موقفا مني ينطوي على مقاطعة لأشغال المجلس، بل بسبب التزاماتي في معهد الدفاع الوطني وهذا بتكليف من المجلس. ومهما يكن من امر ورغم ان مناخ العمل النيابي لم يعد مشجعا ان لم اقل اصبح مقرفا فان واجبي النيابي محمول علي القيام به بما استطعت وانا اجتهد في الامر.
• حسب رأيك كيف تقيم أداء المعارضة سنة قبل نهاية المدة النيابية؟
لا ننسى ان المعارضة محدودة من حيث عدد نوابها، فهم لا يتخطون 30 نائبا، منهم 15 عن الجبهة الشعبية يشتغلون في مواجهة أغلبية تفوق 180 نائبا، حتى اننا عجزنا في مرات كثيرة عن رفع طعن لهيئة مراقبة دستورية القوانين لضعف عددنا. فالمعارضة في هذا الوضع تُمارس دورها في ظروف صعبة ومعقدة وبإمكانيات بشرية ولوجستية محدودة، أصبحنا نعمل على الحد من خطورة مشاريع القوانين التي تعرض علينا والسياسات المتبعة اكثر من انشغالنا بطرح تصوراتنا وبدائلنا للناس وعرض مشاريعنا للخروج من الأزمة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والاتصال بالمواطنين والاستماع الى مشاغلهم.
• كيف تستعدون لمناقشات ميزانية الدولة للسنة القادمة؟
اعتقد ان ميزانية 2019 ستكون الأشد على التونسيين من كل الميزانيات السابقة، ستستمر الحكومة في سياسة التقشف حتى وان لم تعلنها صراحة، ولا اعتقد انها ستتخذ بعض الإجراءات للحد من تدهور الدينار امام العملات الأجنبية وما له من تبعات خطيرة، ولن تواجه اشكاليات التضخم والارتفاع الجنوني للاسعار وتأثير ذلك على المقدرة الشرائية للمواطن، وستواصل في غلق باب الانتدابات في الوظيفة العمومية لتطول بطالة الشباب وخاصة من حاملي الشهادات العليا، وسنرى بعض الإجراءات الاستثنائية لخدمة اصحاب المال والأعمال وبعض اللوبيات. فهي ميزانية تستوجب التصدي لها وتعبئة كل القوى الوطنية والاجتماعية للحيلولة دون تمريرها بنفس الشروط التي تراها الحكومة ومن ورائها حزبي النهضة والنداء. وعلى أية حال هي معركة من المعارك السياسية سنخوضها كما اعتدنا وسنجتهد في التقليل من خطورتها على المواطن واصحاب المؤسسات الاقتصادية الصغرى والمتوسطة ولكن لا ندعي اننا قادرون لوحدنا على منع وقوع المحضور، فالمهمة شاقة ومعقدة وتستدعي تكاتف كل الجهود، وهذا لا يبدو متوفرا على الأقل في الافق القريب.
• ما حقيقة ما يقال حول وجود خلافات شخصية بينك وبين والي الكاف وبعض المسؤولين في الجهة؟
ليست هناك خلافات شخصية، الخلافات الشخصية تفترض قيام علاقات شخصية قبل كل شيء، وهذا غير متوفر، وبالنتيجة ليس لدي اي خلاف شخصي لا مع والي الكاف ولا مع غيره من المسؤولين في الجهة.
• لكن تداولت وسائل الاعلام تدوينات لك على شبكة التواصل عبرت فيها عن عدم رضاك على المسؤولين الحهويين؟
صحيح لكن ما كتبته لا يعبر عن خلافات شخصية مع هذا او ذاك، كل ما دونته وعبرت عنه هو تقييم موضوعي لأداء بعض المسؤولين الجهويين، والتقييم يطال ضرورة سلوك المسؤول اثناء قيامه بمهامه ولا ننسى انه محمول عليه واجب التحفظ والاستقامة والنزاهة، وهذا لا يعني ان المسؤول عليه ان يكون ملاكا طاهرا، لا لَيس هذا المقصود، المسؤول عليه ان يلتزم في سلوكه وتصرفاته عند ادائه لمهامه بأن يحترم خصوصيات أهالي الجهة ويحافظ على هيبة الادارة وبفرض احترام الآخرين له.