في مناقشة مشروع قانون حماية المعطيات الشخصية: هل تكون تونس أول بلد يصادق عليه من خارج الإطار الأوروبي ؟

في الوقت الذي يكثر فيه الحديث والانشغال بما يعرف بفضيحة «الفايسبوك»

واستخدام بيانات المستخدمين الشخصية واختراق خصوصيتهم، يناقش مجلس نواب الشعب مشروع قانون يتعلق بحماية المعطيات الشخصية، لتكون تونس بذلك أول بلد من خارج القارة الأوروبية يصادق على هذا النوع من القوانين.
استمعت لجنة الحقوق والحريات والعلاقات الخارجية خلال اجتماعها يوم أمس بمقر مجلس نواب الشعب إلى وزير العلاقة مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني وحقوق الإنسان المهدي بن غربية، وإلى رئيس الهيئة الوطنية لحماية المعطيات الشخصية شوقي قداس في إطار مناقشة مشروع القانون الأساسي المتعلق بحماية المعطيات الشخصية. مشروع القانون يأتي كخطوة أولى لتثمين أعمال الهيئة الوطنية لحماية المعطيات الشخصية، منذ تركيزها، في وقت تكثر فيه اختراقات المعطيات خصوصا على مستوى استعمال التقنيات والتكنولوجيات الحديثة.

ثورة تشريعية...
بداية جلسة الاستماع، استهلها المهدي بن غربية وزير العلاقة مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني وحقوق الإنسان لتقديم أسباب مشروع القانون، التي تتمثل أسابا في عدم نجاعة قانون سنة 2004 إضافة إلى وجوب الانسجام مع المعايير الدولية. وأضاف بن غربية أن تونس صادقت على الاتفاقية عدد 108 التي تفرض عليها حماية المعطيات الشخصية، ومن المنتظر أن تكون تونس اول دولة تصادق على هذا القانون من خارج الفضاء الأوروبي. مشروع القانون يضم 120 فصلا، تمت صياغتها بعد التفاعل مع مختلف طلبات الوزارات خاصة الاكراهات المتعلقة بالأمن والدفاع الوطني.
ويتكون مشروع القانون من 6 أبواب، ومن أهم مميزاته إقراره جملة من الحقوق للشخص المعني، تطوير واجبات المسؤول على المعالجة، وجود أنظمة خصوصية للمعالجة، تبسيط الإجراءات لدى الهيئة، هيئة مستقلة تتمتع بسلطات هامة. وبالتطرق إلى مضمون مشروع القانون، فسّر شوقي قداس رئيس الهيئة الوطنية لحماية المعطيات الشخصية أهمية حماية المعطيات الشخصية خصوصا أن هذه المسألة باتت اليوم محور الاهتمام على المستوى الأوروبي والدولي من ذلك مثلا أن الأمم المتحدة بصدد التحضير لمؤتمر دولي حول هذه المسالة لإبرام معاهدة دولية في الغرض. وأضاف أن 80 % من تعاملات البلاد التونسية هي مع البلدان المنتمية للفضاء الأوروبي، لذلك لا بد من تطوير التشريعات وانسجامها مع التشريع الأوروبي.

اثر ذلك، تم فتح الباب للنقاش مع نواب اللجنة، حيث اعتبر أعضاء اللجنة أن الفلسفة التي يرتكز عليها مشروع القانون، وجود قناعة بضرورة حماية المعطيات الشخصية للمواطن التونسي وليس ضرورة الالتزام بالمعايير الأوروبية. لكن في المقابل، انتقد النائب عماد الدائمي مشروع القانون معتبرا أنه من المؤسف أن تكون أولويات المجلس منذ 3 سنوات محددة من الخارج، مشيرا إلى أنه يجب النظر الى هذا القانون على انه عنصر ميسر لمناخ الأعمال. في حين تساءلت النائبة فريدة العبيدي عن التمشي المنتهج في انتخاب أعضاء الهيئات من قبل مجلس نواب الشعب، في حين أن أعضاء الهيئة المنصوص عليها في مشروع القانون يعينون بأمر حكومي وهو ما قد يطرح إشكالا.

معضلة التطبيق على أرض الواقع
مشروع القانون المذكور سيكون من بين مشاريع القوانين المصادق عليها في مجلس نواب الشعب قبل نهاية السنة البرلمانية، إلا أن الإشكال الحقيقي يكمن في كيفية تطبيقه على أرض الواقع بالاعتماد على ثقافة الواقع التونسي في التعامل مع المعطيات الشخصية. وفي رده على تساؤلات النواب قال وزير العلاقة مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني وحقوق الإنسان أن نشر ثقافة حماية المعطيات الشخصية لا يزال منقوصا حتى في الدول الأوروبية، مشيرا إلى أن المعطى التجاري قائم على المعطيات الشخصية، إضافة إلى أن الانترنات سمحت بمعالجة المعطيات الشخصية لعدد كبير من سكان العالم، لذلك ظهرت الحاجة لتقنين هذه المسألة. كما تحدث بن غربية عن تركيبة هيئة حماية المعطيات الشخصية التي اعتبرها مستقلة ولها الضمانات الضرورية. في حين تحدث شوقي قداس عن أن المعطيات الشخصية هي عنصر من عناصر الحياة الخاصة، معتبرا أن الحديث عن خرق للمعطيات الشخصية لا يكون إلاّ متى توفرت علاقة تعاقدية بين المعني بالأمر والمسؤول عن المعالجة الشخصية. وأضاف أن هناك تطورا كبيرا في عدد القرارات التي تصدرها الهيئة، وبالتالي ليس القانون فقط هو الذي يغير الواقع.

المصادقة على تقرير مشاريع قوانين
اثر ذلك، تم الانتقال إلى تلاوة تقرير اللجنة حول مشروع القانون الأساسي المتعلّق بهيئة حقوق الإنسان، مشروع القانون الأساسي يتعلق بالموافقة على انضمام الجمهورية التونسية إلى البروتوكول الاختياري الثالث الملحق باتفاقية حقوق الطفل المتعلق بإجراء تقديم البلاغات. ومشروع القانون الأساسي المتعلق بالموافقة على انضمام الجمهورية التونسية لبروتوكول الميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب بشأن حقوق المرأة في إفريقيا. وقد تمت المصادقة على جميع التقارير بإجماع الحاضرين.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115