أخرى حول سحب المشروع الحكومي لما يمثله من تهديد واضح لاستقلالية الإعلام وحريته خصوصا من قبل نقابة الصحفيين التونسيين. وحاول مجلس نواب الشعب من خلال عقد يوم دراسي في المسألة تقريب وجهات النظر بين مختلف الأطراف المتداخلة في قطاع الإعلام والصحافة.
عقد مجلس نواب الشعب أمس يوما دراسيا برلمانيا بإشراف رئيس البرلمان محمد الناصر حول الإطار التشريعي المتعلق بهيئة الاتصال السمعي البصري وحرية الإعلام بمبادرة من لجنة الحقوق والحريات والعلاقات الخارجية وبالتعاون مع مكتب مجلس أوروبا في تونس، وذلك بحضور المهـدي بن غربية وزير العلاقة مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني وحقوق ألإنسان و»وليام ماسولين» رئيس مكتب مجلس أوروبا في تونس، وعدد من ممثلي المنظمات الوطنية ومكوّنات المجتمع المدني.
الاختلافات في التصوّرات والرؤى
ويأتي اليوم الدراسي على خلفية مناقشة لجنة الحقوق والحريات مشروع القانون المتعلق بهيئة الاتصال السمعي البصري، التي تحظى بعديد الخلافات بين مختلف الأطراف المتداخلة في قطاع الإعلام والصحافة. وافتتح رئيس المجلس محمد الناصر اللقاء بكلمة أكد خلالها أهمية تشريك المنظّمات الوطنية والمجتمع المدني في إثراء النقاش والتوافق حول مضامين مشاريع القوانين وهو ما يتطلّب وقتا للمصادقة النهائية على المشروع. وأضاف أن مشروع القانون محل النقاش في مختلف وسائل الإعلام، بعدما عقدت اللجنة جملة من جلسات الاستماع من أجل دراسة الاختلافات في التصوّرات والرؤى.
هذا وقد مثل اليوم الدراسي فرصة لتبادل الآراء حول مضامين وأبعاد مشروع القانون الأساسي المتعلق بهيئة الاتصال السمعي البصري، حيث شدد محمد الناصر على الأهمية التي تكتسيها الهيئات المستقلة، مجددا في ذلك حرص المجلس على استكمال تركيز مختلف الهيئات المستقلة خلال السنة الحالية. لكن في المقابل، فقد أعاد رئيس الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري «الهايكا» النوري اللجمي ذكر الاخلالات التي حملها مشروع القانون، حيث أكد أن المشروع الحكومي يضم عديد الإشكاليات من بينها صلاحيات الهيئة دون تحديد كيفية ممارستها، على غرار عدم تنصيصه على كيفية ضمان مبدأ الاستقلالية.
المطالبة بسحب مشروع القانون
أغلب الأطراف المهنية بدت ضد مشروع القانون، وهو ما يجعل مجلس نواب الشعب في حيرة من أمره من أجل إرضاء كافة الاطراف، ومن بينها الحكومة التي بدت متمسكة بمشروعها الأصلي. وفي هذا الإطار، تجددت دعوات سحب مشروع القانون الحكومي من مجلس نواب الشعب لما يحتويه من عديد الإخلالات. وفي هذا الإطار، دعا نقيب الصحفيين ناجي البغوري إلى سحب مشروع القانون الذي قدمته الحكومة الخاص بهيئة الاتصال السمعي البصري لما فيه من تضييق على حرية الصحافة ومن ضرب لاستقلالية الهيئة. وأوضح البغوري إنه لم يتم الأخذ بعين الاعتبار المقترحات التي تم تقديمها من أجل تعديل المشروع، منتقدا في ذلك طريقة تعامل الوزير المكلف بالعلاقة مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني وحقوق الإنسان مهدي بن غربية الذي لم يولي أي اهتمام لمقترحاتهم، وهو ما يؤكد الشكوك حول سعي الحكومة إلى السيطرة على وسائل الإعلام. كما تطرق في مداخلته إلى وضعية الإعلام العمومي الذي اعتبره لا يزال مقيدا وليس حرّا، باعتباره لم يتحول من إعلام حكومي إلى إعلام عمومي. وأوضح أن التعيينات على رأس المؤسسات الإعلامية العمومية رهينة الانتماء إلى الحكومة، منتقدا في ذلك غياب الشفافية فيما يتعلق بتمويل الإعلام الخاص.
بين البغوري والقروي
من جهة أخرى، مثل اللقاء فرصة من أجل تجديد الخلافات والاتهامات بين نقابة الصحفيين ورئيس نقابة المؤسسات الإعلامية نبيل القروي الذي اتهم بعض الأطراف النقابية بالرغبة في السيطرة على الإعلام، داعيا من اتهم نقابة المؤسسات الإعلامية بالفساد إلى تقديم الأدلّة على ذلك. ووصف هذه التصريحات (في إشارة إلى تصريحات البغوري) أنها فضفاضة تدخل في إطار الشعارات السياسية، معبّرا عن جاهزية هيكله النقابي للجلوس مرة أخرى مع النقابة العامة للإعلام ونقابة الصحفيين.
مواصلة الحوار..
جهة المبادرة كانت حاضرة في اللقاء وممثلة في شخص وزير حقوق الانسان والعلاقة مع الهيئات الدستورية المهدي بن غربية الذي اعتبر أن الخلاف الحاصل بين الهياكل المهنية هو خلاف شكلي لا يمس من جوهر الموضوع، معتبرا أن الوزارة أعدت مشروع القانون في اتجاه فصل الأحكام المشتركة للهيئات الدستورية. وشدد على أن الحكومة ليست لها نية في سحب مشروع القانون، مشيرا إلى أن النقاط الخلافية سيتم تجاوزها بالحوار. العودة إلى طاولة الحوار بخصوص مشروع القانون بين كافة الأطراف المتداخلة، مقترح أيده رئيس لجنة الحقوق والحريات نوفل الجمالي الذي بين بدوره أنه يجب التحاور من أجل الخروج بخطوط عريضة تستأنس بها اللجنة عند الشروع في مناقشة مشروع القانون فصلا فصلا.