بعد استقالة الشاذلي العياري من منصبه: مجلس نواب الشعب يصادق على تعيين مروان العباسي محافظا للبنك المركزي

بعد استقالة الشاذلي العياري من منصبه، وإلغاء الجلسة العامة المخصصة لتجديد الثقة

فيه من عدمها، صادق نواب الشعب لفائدة تعيين محافظ البنك المركزي الجديد مروان العباسي بـ 134 نعم 5 محتفظ، 18 لا. المصادقة سبقها جدل بين نواب الشعب بخصوص عدم حضور رئيس الحكومة يوسف الشاهد وعد تقديم برنامج عمل المحافظ الجديد.

لم ينتظر الشاذلي العياري انعقاد الجلسة العامة من أجل التعرف على نتائج التصويت حول مصير منصبه على رأس البنك المركزي، حيث عمد إلى تقديم استقالته ليلة أول أمس بعدما تقابل مع رئيس الحكومة يوسف الشاهد، ليتجنب بذلك تساؤلات نواب الشعب والخلافات التي قد تحصل بين الكتل البرلمانية حول التصويت لفائدة مواصلة مهامه من عدمها. المعارضة في مجلس نواب الشعب كانت قد تحدثت منذ جلسة الاستماع في لجنة المالية والتخطيط والتنمية أول أمس عن وجود ضغوطات من قبل رئاسة الحكومة من أجل دفع العياري نحو الاستقالة وتجنب الجلسة العامة التي قد تفرز مفاجأة غير متوقعة تتسبب في أزمة سياسية بين السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية.

استقالة العياري لم تكن مفاجئة لنواب الشعب، لكن الأصوات المساندة له انقلبت فور تقديم استقالته، حتى أن البعض اعتبره خرج من الباب الخلفي لمقر البرلمان دون الحصول على فرصة من أجل الدفاع عن نفسه حول اتهامه بأنه المسؤول وراء إدراج تونس ضمن القائمة السوداء للدول الأكثر عرضة لمخاطر غسيل الأموال وتمويل الإرهاب من قبل الاتحاد الأوروبي. وعلى إثر ذلك ألغى البرلمان الجلسة الصباحية المخصصة لمنح الثقة من عدمها للشاذلي العياري، لتقتصر الجلسة العامة على منح الثقة لمحافظ البنك المركزي الجديد مروان العباسي الذي تمّ اقتراحه من طرف رئيس الحكومة يوسف الشاهد.

تهرب سياسي !
تعيين محافظ البنك المركزي الجديد، يجب أن يمر عبر بوابة مجلس نواب الشعب حسب الفصل 78 من الدستور الذي ينص على أن تعيين محافظ البنك المركزي يكون باقتراح من رئيس الحكومة، وبعد مصادقة الأغلبية المطلقة لأعضاء مجلس نواب الشعب، على أن يتم إعفاؤه بنفس الطريقة أو بطلب من ثلث أعضاء مجلس النواب ومصادقة الأغلبية المطلقة من الأعضاء. وانطلقت الجلسة العامة بحضور 135 نائبا، ليدخل النواب مباشرة في صلب الموضوع حيث اعترضت المعارضة على عديد المسائل أولهما مسألة تحديد توقيت التدخلات، وحول التهرب السياسي حسب توصيف النائب عن الجبهة الشعبية ورئيس لجنة المالية والتخطيط والتنمية المنجي الرحوي فإن اللجنة صادقت بإجماع الحاضرين على طلب إجراء جلسة لرئيس الحكومة يوسف الشاهد حول تصنيف تونس من قبل الاتحاد الأوروبي وحول طلب إعفاء محافظ البنك المركزي المستقيل. كتلة الجبهة الشعبية اعتبرت أنها غير معنية بالتوافق صلب مكتب المجلس حول تحديد الوقت لتتمسك بالدقائق الثلاث لكل نائب، إلى جانب تسجيل رفض الكتلة الديمقراطية لعملية تقديم الاستقالة وإلغاء الجلسة العامة المخصصة لتجديد الثقة من عدمها للشاذلي العياري، حتى أن البعض كالنائبة عن آفاق تونس ريم محجوب طالبت بإلغاء الجلسة إلى حين حضور رئيس الحكومة وتقديم طلب الإعفاء إلى البرلمان.

جدل مع انطلاقة الجلسة
وتواصل الجدل بين نواب الشعب في بعض النقاط القانونية والتقنية حول عدم حضور رئيس الحكومة إلى الجلسة العامة، وتقديم برنامج محافظ البنك المركزي وأسباب التغيير على غرار السيرة الذاتية. وقال النائب عن الكتلة الوطنية المنذر بلحاج علي ورئيس الكتلة أحمد الصديق أنه من غير المعقول أن لا يحضر رئيس الحكومة لتقديم مرشحه. في حين اعتبرت النائبة عن الكتلة الوطنية صابرين الغوبنطيني أن الفصل 78 من الدستور واضح حيث يعطي الحق لرئيس الحكومة في تعيين محافظ البنك المركزي، في ظل غياب نص قانوني صلب النظام الداخلي ينظم هذا النوع من الجلسات. في حين اعتبر النائب عن كتلة حركة النهضة الحبيب خضر أنه لا يمكن الخلط بين منح الثقة لعضو الحكومة والمصادقة على منصب محافظ البنك المركزي. هذا التصريح عرف مساندة من قبل رئيس كتلة حركة نداء تونس سفيان طوبال الذي اعتبر أنه المصادقة على تعيين محافظ البنك المركزي لا تستوجب حضور رئيس الحكومة.

رسائل موجهة إلى المحافظ الجديد
وقبل انطلاق النقاش العام، طالبت كتلة الجبهة الشعبية برفع الجلسة العامة لـ15 دقيقة للتشاور حسب ما يخوله النظام الداخلي. ومع انطلاق النقاش العام، الذي عرف تثمينا لشخص مروان العباسي وإمكانياته في تسيير البنك المركزي حسب ما بينه النائب عن كتلة حركة النهضة زهير الرجبي، الذي أشاد في نفس الوقت بالدور الذي قام به محافظ البنك المستقيل. نفس الموقف تبناه أغلب نواب كتلتي حركتي نداء تونس والنهضة، حيث قال النائب عن حركة نداء تونس جلال غديرة أن العباسي أمام مهمة رئيسية تتمثل في تحسن صورة تونس بعد التصنيف الأخير، من خلال إجراءات سريعة والقطع النهائي مع كل محاولة ترمي إلى دعم الإرهاب، والعمل على تحسين الاقتصاد.

في المقابل، قدم البعض الآخر من النواب بعض المقترحات التي يجب العمل عليها خلال المرحلة القادمة من قبل البنك المركزي، حيث قال النائب عن كتلة الحرة لمشروع تونس مروان فلفال أن البنك المركزي مطالب بحل ملف البنك الفرنسي التونسي خاصة وأنه تحمل مسؤولية إدارته عند مصادرته، لما يمثله من خطورة على القطاع البنكي في البلاد، مطالبا في ذلك بصياغة تصور جديد للقطاع البنكي وخاصة للبنوك العمومية التي أعيد رأسمالتها. كما وجه البعض الآخر بعض الرسائل التحذيرية من بينها رئيس الكتلة الديمقراطية سالم لبيض الذي أوضح أن المهمة الرئيسية للمحافظ الجديد للبنك المركزي هي حماية الدينار التونسي من مزيد الانهيار، طالبا منه عدم الرضوخ إلى المؤسسات المالية العالمية.

هذا وقد اختار البعض الآخر انتقاد محافظ البنك المستقيل من بينهم النائبة عن كتلة آفاق تونس هاجر بالشيخ أحمد التي قالت أنه كان من الأجدر تغيير محافظ البنك المركزي منذ مدّة، لكن الاستقالة لا يمكن أن تعفيه من المحاسبة باعتبار أن المسألة أعمق من مجرد تبييض الأموال ومن تصنيف تونس كملاذ ضريبي فالمسألة متعلقة بالمنظومة البنكية للبلاد، خصوصا وأن العياري لم يقدم حقيقة الوضع أثناء زياراته المتتالية للجنة المالية. لكن في المقابل، جدد نواب الجبهة الشعبية احتجاجهم على طريقة استقالة الشاذلي العياري، حيث قال النائب عند المؤمن بلعانس أنه كان من المفترض تنظيم جلسة عامة صباحية للنقاش مع محافظ البنك المركزي المستقيل والقيام بإعفائه، مشيرا إلى أن الاستقالة جاءت كنتيجة لضغوطات مورست عليه حتى لا يواجه النواب ويحمل المسؤوليات.

التصويت محسوم
النقاش العام بين نواب الشعب الذي امتد إلى غاية ساعة متأخرة من ليلة وإن تشابه في ما بينهم، إلا أنه أوضح نوايا التصويت حسب الكتل البرلمانية، حيث انصب لفائدة تعيين محافظ البنك المركزي الجديد مروان العباسي. هذا الأمر جعل العباسي يرد على النواب من خلال الحديث عن بعض الأرقام الاقتصادية، معتبرا أن تولي المسؤولية في الظرف الذي تعيشه البلاد ليس بالأمر الهين. وقال أن البنك المركزي محايد حسب القانون، لكن المرحلة الحالية تتطلب إجراءات استثنائية، من خلال التعاون المشترك بين الحكومة والوزارات المعنية بالاقتصاد. كما أكد أن أولياته هي مقاومة التضخم والاسهام مع بقية مؤسسات الدولة في الحدّ من العجز التجاري.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115