وإلى العميد هشام المدّب يوم أمس صلب لجنة التحقيق حول شبكات التجنيد التي تورّطت في تسفير الشباب التونسي إلى مناطق القتال نتيجة غياب النواب، عديد التأويلات والانتقادات بين بعض النواب ورئيسة اللجنة. الانتقادات تطورت إلى تراشق بالتهم بوجود نوايا لإخفاء الحقيقة والضغط من قبل أطراف سياسية على أعمال اللجنة.
كان من المفروض أن تعقد لجنة التحقيق حول شبكات التجنيد التي تورّطت في تسفير الشباب التونسي إلى مناطق القتال جلسة استماع إلى عبد الكريم العبيدي رئيس فرقة حماية الطائرات السابق بمطار تونس قرطاج الدولي، وإلى العميد هشام المدّب يوم أمس، إلا أن النصاب صلب اللجنة لم يكن متوفرا الأمر الذي جعل رئيسة اللجنة هالة عمران تؤجلها إلى وقت لاحق. قرار التأجيل أثار جدلا بين أعضاء اللجنة وعديد التأويلات، حيث كان من المفروض مواصلة الأشغال بالنصاب المتوفر حسب النظام الداخلي لمجلس نواب الشعب.
«الدردوري يتلاعب به»
لكن بالرغم من ذلك فإن رئيس فرقة حماية الطائرات السابق بمطار تونس قرطاج، عبد الكريم العبيدي قدم بعض المعطيات في علاقة بجلسة الاستماع الأخيرة التي عقدتها اللجنة مع رئيس المنظمة التونسية للأمن والمواطن عصام الدردوري، دون التطرق إلى بعض التفاصيل في انتظار تحديد موعد ثان لجلسة الاستماع. وقال العبيدي أن وجود أشخاص تورطوا في عمليات تسفير الشباب إلى بؤر التوتر وإن كانت موجودة فإنها ليست بالدرجة التي قام بوصفها الدردوري في آخر جلسات الاستماع، مشيرا إلى أن عصام الدردوري أصبح دمية يتم التلاعب بها. وفي هذا الإطار، فقد تم رفع قضية عدلية ضده بخصوص تصريحاته الأخيرة البحث فيها جار، متسائلا في ذلك عن الشخص الذي سرّب وثيقة التنصت السرية للدردوري من المؤسسة الأمنية حتى تُخترق وتخرج منها وثائق بهذه الأهمية، مؤكدا أن ما صرح به يعدّ استهتارا بالأمن القومي. ونفى من جهة أخرى تورطه في ما يتعلق باستقبال الشيوخ الدعاة والتسفير إلى بؤر التوتر.
تواصل ظاهرة الغيابات
ظاهرة الغيابات في صفوف النواب خلال أشغال اللجان القارة، بعد استكمال المصادقة على قانون المالية لسنة 2018، باتت يوميا تقريبا حتى أن لجنة الحقوق والحريات والعلاقات الخارجية صادقت أول أمس على التقرير النهائي لمشروع القانون الأساسي المتعلق بالموافقة على انضمام الجمهورية التونسية إلى اتفاقية مجلس أوروبا بشان حماية الأطفال من الاستغلال والاعتداء الجنسي «لانزاروتي» بحضور أربعة أعضاء فقط. كما صادقت لجنة تنظيم الإدارة وشؤون القوات الحاملة للسلاح في نفس اليوم أي يوم أمس على فصول مشروع القانون المتعلق بالمغادرة الاختيارية للأعوان والموظّفين العموميين بموافقة 6 واحتفاظ نائب وحيد، أي بحضور 7 أعضاء من جملة 21 عضوا في كل اللجان القارة والخاصة.
التحاق النواب بعد قرار التأجيل
وسجّلت منظمة البوصلة حضور كلّ من النوّاب هالة عمران رئيسة اللجنة والعضو محمد سعيدان عن كتلة حركة نداء تونس، والنائبين فريدة العبيدي ومحمد زريق عن كتلة حركة النهضة. وبعد تأجيل الجلسة بالرغم من انطلاقتها بصفة متأخرة بـ 20 دقيقة عن التّوقيت المُعلن لانعقاد اللّجنة التاسعة والنصف صباحا، إلا أن عددا من أعضاء اللجنة قد التحقوا بقاعة الاجتماع في تمام الساعة العاشرة، مُعربين عن استغرابهم واستنكارهم من رفع الجلسة قبل انقضاء نصف ساعة من الموعد المُعلن عنه. وتجدر الإشارة إلى أنه وفقا لمقتضيات الفصل 75 من النظام الداخلي لمجلس نواب الشعب الذي ينص على «وفي صورة عدم توفر النصاب القانوني، تنعقد اللجنة صحيحة بعد نصف ساعة من موعدها بمن حضر». وبالاستناد إلى النص القانوني، فإنه كان من المفروض على رئيسة اللجنة عقد الجلسة دون انتظار، وليس تأجيلها الأمر الذي جعلها محل انتقادات من قبل عديد النواب.
هل تم الضغط من أجل تأجيل الجلسة؟
قرار التأجيل من قبل رئيسة اللجنة والنائبة عن حركة نداء تونس هالة عمران، فتح أبوابا من التأويلات خصوصا من قبل رئيسة اللجنة السابقة والعضو حاليا للجنة التحقيق البرلمانية ليلى الشتاوي التي أكدت إن رئيسة اللجنة هالة عمران وضعت نفسها في موقف محرج من خلال استدعائها رئيس فرقة حماية الطائرات السابق بمطار تونس قرطاج الدولي عبد الكريم العبيدي، باعتبار أنه سيكون بدوره في وضع محرج أمام كتلة حركة النهضة التي كانت تسيّر البلاد في تلك الفترة، معتبرة أن ذلك من شأنه مزيد توتير الأجواء بين حزب حركة النهضة وحزب نداء تونس، مما أجبر حسب تقديرها بعض النواب على نصحها بالابتعاد عن هذه المسألة. وطالبت الشتاوي بضرورة استدعاء وزير الداخلية السابق علي العريض لجلسة استماع صلب اللجنة لتحديد المسؤوليات في مسألة التسفير بالإضافة إلى وزير الشؤون الدينية في تلك الفترة نور الدين الخادمي ووزير الشؤون الخارجية والسفير التونسي في ليبيا.
بين الشتاوي وعمران..
في حين، أوضحت هالة عمران أن قرار التأجيل بأسبوع يهدف إلى ضمان شفافية أعمال اللجنة، ولضمان أكبر عدد ممكن من الحضور وضمان تفاعلهم في جلسات الاستماع. ونفت ما جاء على لسان الشتاوي بوجود أطراف تضغط عليها، مشيرة إلى أن طلب الاستماع لم يكن من قبل اللجنة بل بطلب من العبيدي والمدب. وأكدت هالة عمران على عدم وجود تأثير أي طرف سياسي وأن تأجيل جلسة الاستماع كان بسبب عدم توفر عدد كاف من النواب، محملة النائبة ليلي الشتاوي مسؤولية تعطيل أشغال اللجنة التي حسب تعبيرها امتهنت مهنة تزييف المعلومات. وفي المقابل، قالت عضو اللجنة والنائبة عن كتلة حركة النهضة يامينة الزغلامي لـ»المغرب» أن هذه ليست بلجنة تحقيق للأسف مثل اللجان الموجودة في البرلمانات الأوروبية خاصة، بل باتت لجنة خاصة باتهام حزب بعينه وللمزايدات السياسية وتبادل التهم. وأضافت أن التحقيق يهدف إلى الوصول لخلاصات واستنتاجات للحد من ظاهرة التسفير وفهم أسبابها والمتسببين أو الفاعلين فيها، لكن العكس الآن موجود لدى عديد الزملاء وأهمهم ليلى الشتاوي، متسائلة في ذلك «هل بعد زيارة سوريا تم التوصل الى الحقيقة وتوجهوا للقضاء للإدلاء بها وتقديم الحقائق بعد الزيارة إلى لجنة التحقيق؟».