كما شكل الجزء الأول من أعمال الجلسة المتعلق بالمصادقة على قرض، بعض الجدل في صفوف نواب الشعب في ظل ما اعتبروه ارتفاع المديونية وكثرة القروض في إطار انجاز مختلف المشاريع في البلاد.
وخصصت الجلسة العامة الجزء الأول من أعمالها بالتزامن مع مناقشة أبواب الميزانية، للمصادقة على مشروع القانون المتعلّق بالموافقة على اتفاقية القرض المبرم بتاريخ 9 نوفمبر 2017، بين تونس والبنك الإفريقي للتنمية. وتبلغ قيمة القرض 122 مليون أورو مخصّص لتمويل برنامج دعم التنمية الجهوية الإدماجية، حيث تم التصويت عليه بـ 86 نعم و3 احتفاظ و13 رفض. وفي هذا الإطار قال وزير التنمية الاستثمار زياد لعذاري أنه تمّ الحصول على قرض تمويل برنامج دعم التنمية الجهوية الإدماجية بشروط تفاضلية في ظلّ العجز عن تمويل هذا المشروع وليس لسداد الأجور. كما بين أن التوّجه نحو التداين ليس اختيارا وانّما ضرورة، حيث لا يزال البحث جاريا بخصوص آليات تمويل جديدة دون إثقال كاهل ميزانية الدولة والمديونية العمومية. في حين انتقد نواب الشعب خصوصا من الكتل المعارضة سياسة التداين التي تلتجئ إليها تونس في تمويل مختلف المشاريع دون البحث عن بديل آخر، في ظل ارتفاع المديونية من سنة إلى أخرى.
وبعدما توقفت الجلسة العامة أول أمس في حدود النقاش العام في إطار مناقشة مشروع ميزانية وزارة التعليم العالي والبحث العلمي لسنة 2018 التي تمت المصادقة عليها بـ94 نعم 6 احتفاظ و9رفض، انطلقت الجلسة العامة أمس بالاستماع إلى وزير التعليم العالي سليم خلبوص الذي أكد أنه تم وضع إستراتيجية وطنية واضحة فيها رؤية مستقبلية للجامعة التونسية، حيث من المنتظر أن يكون مؤتمر إصلاح التعليم العالي نقطة الانطلاق في الرؤية الجديدة للجامعة التونسية. كما أضاف أن الميزانية التي وضعت على ذمة وزارة التعليم العالي ارتفعت بالنسبة للسنة الماضية بـ 30 % ولكنها تبقى غير كافية، متطرقا في ذلك إلى الانتخابات الجامعية التي شملت 85 جامعة على حد تعبيره، بمشاركة 9 آلاف ناخب مع تسجيل نسبة مشاركة بأكثر من 70 %. وأعلن خلبوص أنه تم اتخاذ قرار بإغلاق الشعب غير المطلوبة في التوجيه الجامعي، معتبرا أيضا أن نظام أمد فشل لسوء تطبيقه، حيث من المنتظر إلغاء التقسيم غير المنطقي بين الإجازة التطبيقية والإجازة الأساسية.
مراجعة التشريعات العسكرية
من جهة أخرى، ناقشت الجلسة العامة مشروع ميزانية وزارة الدفاع الوطني المحددة بـ 2233.076 م.د مقابل 2016.152 م.د سنة 2017 أي بزيادة قدرها 216.924 م.د بنسبة 10.8 %، موزعة على نفقات التصرف 1853.076 م.د، نفقات التنمية 370.000 م.د، صناديق الخزينة 10.000 م.د، تمت المصادقة عليها بـ126 نعم 1 إحتفاظ و1 رفض. وفي هذا الإطار، تحدث نواب الشعب عن أهمية مشروع خطة الموفق العسكري، بالإضافة إلى المطالبة بانتداب أبناء شهداء المؤسسة العسكرية في الوظيفة العمومية، على غرار بعض التساؤلات حول صحة وجود ثكنات عسكرية لجيوش أجنبية على التراب التونسي، والعمل على تركيز سياسة اتصالية جديدة للمؤسسة العسكرية تتوجه للشباب، من أجل تشجيعهم للقيام بالواجب الوطني. وقال النائب محمد جلال غديرة أنه لابّد من حوكمة جميع قطاعات الدفاع الوطني، إلى جانب العمل على المساواة بين الأسلاك في صفوف القوات الحاملة للسلاح خاصة في علاقة بالعلاج، بالإضافة إلى مطالبة البعض الآخر بالترفيع في أجور العسكرين والقوات الحاملة للسلاح ولاسيما توحيد الأجور في هذا السلك. في حين اعتبر النائب محمد
سيدهم أنه من الضروري إعادة النظر في التشريعات المتعلقة بالمؤسسة العسكرية حتى تتماشى مع واقع البلاد بعد الثورة. وقال النائب الجيلاني الهمامي أن التصنيع العسكري يمكن أن يكون مجالا من المجالات المهمة ومن شأنه أن يكرّس السيادة الوطنية. في حين طالب البعض بتحسين ظروف عمل المنتمين للمؤسسة العسكرية وتدعيم الأجهزة العسكرية، وأهمها حسب النائب سالم الأبيض إبعاد المؤسسة العسكرية عن التجاذبات السياسية والمدنية. وانتقد النائب أحمد الصديق ضعف ميزانية وزارة الدفاع التي اعتبرها تعاني نقصا فادحا قد ينعكس على برنامج التجنيد الاستثنائي وبرنامج السكن العسكري.
في المقابل، قال وزير الدفاع الوطني عبد الكريم الزبيدي أن مهام وزارة الدفاع تنقسم إلى مهام أساسية ومهام إضافية وفقا للفصل 18 من الدستور، مشددا على مواصلة دعم قدرات المؤسسة العسكرية خاصة في علاقة بالتصدي للإرهاب والتهريب والهجرة غير الشرعية. كما أضاف ان الجيش قام بفتح الطرقات وتسهيل البحث عن الضحايا في الفيضانات الأخيرة، إضافة إلى قيامه بعمليات تامين 36 منطقة لإنتاج الطاقة. كما تحدث الوزير عن ظاهرة العزوف عن أداء الخدمة العسكرية، حيث شرعت الوزارة في مراجعة جميع آليات الخدمة العسكرية على غرار الخدمة المدنية، مؤكدا أنه في إطار حملة التجنيد تم تجنيد 7165 جندي منذ جوان 2016.
ميزانية وزارة النقل
وفي الأخير، ناقشت الجلسة العامة مشروع ميزانية وزارة النقل المقترحة بـ 640.567 م.د مقابل 651.453 م.د سنة 2017، أي بنقص قدره 10.886 م.د بنسبة 1.7 % موزعة إلى نفقات تصرف 470.567 م.د، نفقات التنمية 170.000 م.د. وتتوزع تقديرات الميزانية إلى برنامج النقل البري 606.044 م.د، برنامج الطيران المدني 4.855 م.د، برنامج البحرية التجارية 12.603 م.د، برنامج الرصد الجوي 3.700 م.د، برنامج القيادة والمساندة 13.356 م.د. النقاش العام بخصوص ميزانية وزارة النقل التي اعتبرها النواب غير كافية حيث يجب الترفيع فيها، بالنظر الى النقص الفادح في النقل العمومي المدرسي. وطالب النواب بالتصدي لسوء التصرف مع أمتعة المسافرين والتأخير الفادح في الخطوط التونسية، والعمل على مضاعفة الجهد بإقتناء مجموعة من الحافلات المستعملة على غرار تلك التي تم إقتناؤها مؤخرا، باعتبار انتشار ظاهرة الاكتظاظ بوسائل النقل العمومي. ومن المنتظر أن تستأنف الجلسة العامة أشغالها يوم الاثنين المقبل من أجل استكمال النقاش العام والاستماع إلى ردود وزير النقل.