ويأتي هذا التصويت بعد إعلان كافة الكتل باستثناء المعارضة مساندتها لحكومة الوحدة الوطنية خصوصا لما اعتبروه ان التحوير جاء اضطراريا بعد وفاة وزير الصحة السابق سليم شاكر.
قدم رئيس الحكومة يوسف الشاهد خلال الجلسة العامة المنعقدة يوم أمس بمقر مجلس نواب الشعب والمخصصة لمنح الثقة للوزيرين المقترحين، أسباب التحوير الوزاري الجزئي أمام نواب الشعب في جلسة عامة خصصت لمنح الثقة لعضوين مقترحين للحكومة حسب الفصل 144 من النظام الداخلي الذي ينص على «يوزع على أعضاء المجلس قبل افتتاح الجلسة المتعلقة بالتصويت على منح الثقة لعضو من الحكومة ملف يتضمن بيانا مختصرا حول سبب التحوير وتعريفا موجزا بعضو الحكومة المقترح. إذا تقرر إدخال تحوير على الحكومة التي نالت ثقة المجلس إما بضم عضو جديد أو أكثر أو بتكليف عضو بغير المهمة التي نال الثقة بخصوصها فإن ذلك يتطلب عر ض الموضوع على المجلس لطلب نيل الثقة. يتولى رئيس الجلسة التقديم الموجز لموضوع الجلسة. تحال الكلمة إلى رئيس الحكومة ليتولى التقديم الموجز لسبب التحوير والتعريف المختصر بالعضو أو الأعضاء المقترح ضمهم للحكومة. وتتبع نفس الإجراءات المقررة بالفقرات 8 و2 و3 من الفصل السابق. يتم التصويت على الثقة بتصويت منفرد لكل عضو وفي المهمة المسندة له. ويشترط لنيل ثقة المجلس الحصول على موافقة الأغلبية المطلقة من الأعضاء».
البحث عن الاستقرار السياسي
أسباب التحوير حسب ما أعلن عنه الشاهد، تأتي على إثر وفاة وزير الصحة سليم شاكر، حيث تم تعيين عماد الحمامي وزيرا للصحة، ليعوضه في المنصب السابق أي حقيبة وزارة الصناعة والمؤسسات الصغرى سليم الفرياني. وفي كلمة مقتضبة قدم الشاهد السيرتين الذاتيتين للوزيرين محل منح الثقة، ليفتح على إثرها النقاش العام بين النواب، بعد الاتفاق في اجتماع مكتب المجلس أن يتدخل نائب وحيد ممثل عن كل كتلة. رئيس الحكومة يوسف الشاهد اعتبر أن المرور عبر البرلمان لا يمثل مشكلا، حيث جاء هذا التحوير اضطراريا إضافة إلى أنه يساهم في الاستقرار السياسي من أجل تطوير الاقتصاد الوطني وتحقيق النجاحات الضرورية. كما بين ان الاستقرار السياسي يتطلب تنقية الأجواء السياسية التي تشهد توترا، مشددا على تمسكه بوثيقة قرطاج وأولوياتها الخمس، مطالبا الطبقة السياسية بتوحيد الجهود من أجل تذليل الصعوبات التي تعترض عمل الحكومة.
بين المساندة والرقابة
الكتل البرلمانية الممثلة في الحكومة أعلنت صراحة خلال النقاش العام مساندتها لهذا التحوير الجزئي الذي يعتبر مساندة للحكومة والتزاما بما جاء في وثيقة قرطاج. من جهتها، بينت كتلة حركة النهضة أسباب منحها للثقة حسب مداخلة النائب عامر العريض الذي أقر بأن منح الثقة يعود بالأساس لاقتناع الحركة بكفاءة الشخصين اللذين تم التصويت عليهما في التحوير الوزاري السابق. وأضاف أن التصويت يؤكد دعم حركة النهضة لحكومة الوحدة الوطنية ورئيسها، بالنظر إلى التوافق السياسي التي تشكلت على أساسه الحكومة، موضحا أن هذا الموقف لا يمثل صكا على بياض حيث سيتم مساءلة الحكومة ومراقبتها في إطار مهام البرلمان. وجاء موقف كتلة حركة نداء تونس متناغما مع كتلة حركة النهضة، حيث اعتبرت أن التحوير جاء اضطراريا، وهو ما يجعلها تمنح الثقة حسب ما صرح به رئيس الكتلة سفيان طوبال الذي بين أنه في نفس الوقت سيتم مراقبة أعمال الحكومة.
من جهة أخرى، تطرق البعض الآخر إلى ضرورة سد الشغورات في كافة مناصب الدولة مع إعلان مساندتهم للتحوير، حيث أكد محمد الطرودي عن الكتلة الحرة لمشروع تونس أن تعيين عماد الحمامي وزيرا للصحة، تعيين مسؤول نظرا لنجاحه في مختلف الحقائب التي ترأسها سابقا، خصوصا وأن قطاع الصحة يمر بصعوبات كبيرة. كما بين أن تعيين سليم الفرياني اختيار صائب نظرا لسيرته الذاتية المحترمة التي تؤهله لقيادة وزارة الصناعة. كما تطرق الطرودي إلى ضرورة استكمال الشغورات في كافة مناصب الدولة من بينها المعتمدين والمناصب الجهوية. الكتلة الوطنية كانت من أكثر الكتل مساندة للحكومة، وهو ما اتضح من خلال تصريح مصطفى بن أحمد الذي قدم نفسه ممثلا عن الجبهة البرلمانية الوسطية على حد تعبيره التي اعتبرها تساند حكومة الوحدة الوطنية من أجل استقرار البلاد في ظل الأجواء المتوترة على المستوى السياسي. واعتبر ان مساندة الحكومة يأتي على إثر الشجاعة التي أبداها رئيس الحكومة في مكافحة الفساد، ومقاومة الاحتكار من أجل حماية المقدرة الشرائية للمواطن.
المعارضة ضد
من جهة أخرى، اختارت بعض الكتل كالديمقراطية والاتحاد الوطني الحر الحديث عن بعض المسائل الأخرى والقضايا المطروحة دون التطرق إلى مضمون التحوير الوزاري الجزئي. وقدم عبد الرؤوف الشابي عن كتلة الاتحاد الوطني الحر تقييما عن الوضع الاقتصادي والاجتماعي الصعب، بالإضافة إلى طرحه لعديد ملفات الفساد خصوصا في ما يتعلق بملف الصفقات العمومية. كما تطرق الشابي إلى عدد من القضايا والمشاكل التي تعاني منها بعض المناطق الداخلية، دون أن يتطرق تقريبا لموضوع منح الثقة والتحوير الجزئي. نفس الأمر بالنسبة للنائب فيصل التبيني عن الكتلة الديمقراطية الذي دعا رئيس الحكومة إلى دعم البنك التونسي للتضامن في دعم المشاريع الصغرى والمتوسطة للشباب. لكن في المقابل، اعتبر سالم لبيض رئيس الكتلة الديمقراطية أن تعويض سليم شاكر يأتي في إطار سد الشغور، لكن رئيس الحكومة اعتمد على إجراء تحوير وزاري جزئي دون توضيح الأسباب الحقيقية وراء ذلك أو تقديم تقييم شامل لعمل الحكومة وأعضائها.
المعارضة في البرلمان أعلنت تصويتها ضد التحوير الوزاري بما أنها صوتت سابقا ضد الحكومة، حيث قال رئيس كتلة الجبهة الشعبية أحمد الصديق أن الجبهة لن تمنح الثقة للوزيرين. في حين طالب النائب أيمن العلوي رئيس الحكومة بتقديم مشاغله وتقييم حكومته وطرح المحاور التي يريد مناقشتها في البرلمان. وانتقد كثرة التحويرات صلب الحكومة في وقت وجيز، مطالبا في ذلك بضرورة اتخاذ إجراءات واضحة في قطاعي الصحة والصناعة.
في المقابل، تطرقت كتلة آفاق تونس إلى بعض المسائل القانونية حول كيفية إجراء التحوير الوزاري، حيث علّق كريم الهلالي النائب عن آفاق تونس على طريقة إجراء التحوير وعملية التصويت، معتبرا أن المرور عبر مجلس نواب الشعب أصبح يمثّل تعطيلا، حيث لابد أن يمارس رئيس الحكومة صلاحياته حسب الدستور في إجراء التحوير بكل حرية. وعبر الهلالي عن مساندة آفاق تونس لحكومة الوحدة الوطنية، رافضا في ذلك حسب ما اعتبره التوازنات الخارجة عن وثيقة قرطاج. نفس الموقف تبنته زميلته في الكتلة هاجر بالشيخ أحمد، التي اعتبرت أن هذه الجلسة مضيعة للوقت باعتبار أنه تم منح الثقة سابقا للوزيرين، حيث يتعارض النظام الداخلي لمجلس نواب الشعب مع الفصل 92 من الدستور في هذا الموضوع.