الجلسة العامة عرفت جدلا حول طول النقاش العام بين المطالبة بتقليص مدة التدخلات، والمطالبة بتمكين كافة النواب من حق التدخل.
الجلسة العامة عرفت عديد الانتقادات بخصوص طريقة التسيير، حيث اعتبر عدد من النواب أنه من غير المعقول إعادة نفس النقاش العام الذي تم سابقا خلال جلسات الاستماع في اللجان القطاعية، وذلك بعد الاتفاق في مكتب المجلس على تقليص عدد التدخلات واعتماد التوقيت حسب حجم الكتل البرلمانية أي أن كل كتلة لها الحق في 30 دقيقة و3 دقائق لغير المنتمين للكتل. في المقابل، اعتبر عدد من النواب أنه من غير العقول حرمان النواب من التدخل في مناقشة الميزانيات، خصوصا وأن اللجان التشريعية لا تضم سوى 20 عضوا. ويأتي قرار المجلس بمن أجل ربح الوقت والتصويت على الميزانيات في ظل طول مدة النقاش العام، خصوصا بعد إدخال تعديلات على جدول أعمال الجلسات العامة المخصصة لمناقشة الميزانيات، من خلال تخصيص جلسة اليوم لمنح الثقة لعضوي الحكومة الجديدين.
معضلة الهيئات الدستورية
الجلسة العامة انطلقت بمناقشة مشروع ميزانية وزارة العلاقة مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني وحقوق الإنسان المقدرة بـ 7.963 م.د منها 7.783 م.د لميزانية التصرف، و180 أ.د ميزانية التجهيز، وذلك بعض إضافة ميزانيات ثلاث هيئات مقارنة بسنة 2017 والمتمثلة في الهيئة العليا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية، والهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري بالإضافة إلى الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين. وقد تم التصويت عليها بـ99 نعم 06 إحتفاظ و08 رفض.
النقاش العام بخصوص ميزانية هذه الوزارة، لم يدم طويلا حيث تطرق أغلب النواب إلى الأزمات المتكررة التي تشهدها الهيئات الدستورية ولعل أهمها ما تشهده الهيئة العليا المستقلة للانتخابات من صراعات داخلية بين أعضائها في علاقة بانتخاب رئيس لها أو في ما يتعلق بعملية تجديد ثلث أعضائها عن طريق القرعة. ومن جهته، قال النائب عن التيار الديمقراطي غازي الشواشي أنه يجب تفعيل أحكام الدستور فيما يتعّلق خاصّة بالهيئات الدستورية، في ظل وجود رغبة لتعطيل تركيز المحكمة الدستورية إضافة إلى ضرورة تركيز رقابة صارمة على عمليات توظيف الأموال داخل الأحزاب لضمان نجاح التجربة السياسية.
من جهة أخرى، تطرق عدد من النواب إلى معضلة تمويل الجمعيات والأحزاب، حيث طالبت النائبة عن حركة نداء تونس سماح دمّق بضرورة مراقبة الجمعيات وتمويلها. في حين تطرق النائب عن حركة النهضة بدر الدين عبد الكافي إلى ضرورة تطوير ميزانية الوزارة حتى تعطي انطباعا على أن الدولة التونسية تعطي أهمية وأولوية لحقوق الإنسان، مشيرا إلى أنه من الضروري توفير الإمكانيات الضرورية لتفعيل عمل الهيئات الدستورية، مع العمل على إيجاد صيغ جديدة لإعادة هيكلة علاقة المجتمع المدني مع البرلمان.
تركيز كافة الهيئات في 2018
في المقابل، قال وزير العلاقة مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني وحقوق الإنسان المهدي بن غربية أن الوزارة تعمل على وضع إستراتيجية كاملة لتكريس جميع الهيئات الدستورية ولاسيما تعديل القوانين، ووضع مجلة خاصة بالهيئات الدستورية. بن غربية قدم خلال الجلسة العامة عديد الوعود والبرامج المنتظر انجازها خلال السنة القادمة ومن بينها إعداد مشروع قانون يتعلق بمكافحة الميز العنصري، خصوصا وأن لجنة الحريات والحقوق الأساسية سوف تعطي إضافة إلى جميع القوانين التي تعمل عليها الوزارة. هذا وقد تعهد بن غربية باستكمال تركيز كافة الهيئات الدستورية خلال سنة 2018، مع العمل على ملاءمة جميع النصوص القانونية المتعّلقة بالهيئات مع أحكام الدستور.
تطوير المؤسسة الأمنية
وفي الجزء الثاني من أشغال الجلسة العامة، تمت مناقشة مشروع ميزانية وزارة الداخلية المقدرة بـ 2879.083 م.د مقابل 2557.156 م.د سنة 2017 أي بزيادة قدرها 321.927 م.د بنسبة 12.6 %، موزعة على نفقات التصرف بـ 2618.883 م.د، نفقات التنمية 250.000 د وصناديق الخزينة بـ 10.200 م د تمت المصادقة عليها بـ 127 نعم 08 إحتفاظ و01 رفض. النقاش العام أبرز أهمية الترفيع في ميزانية وزارة الداخلية وذلك بهدف إرساء امن جمهوري، بالإضافة إلى أهمية إعطاء الأولوية لحماية المقرّات الأمنية في المناطق الداخلية والمناطق الحدودية. في حين انتقد نواب المعارضة ميزانية وزارة الداخلية التي اعتبروها لا تجسّم شعار مقاومة الإرهاب والتهريب، حيث يجب الترفيع في ميزانية التجهيزات والموارد البشرية خصوصا من خلال العمل على استكمال مشروع تركيز كاميرا المراقبة في بعض المناطق
في حين تطرق البعض الآخر، إلى سلك المعتمدين والولاة وحول سد الشغور في بعض المناطق وتحسين ظروف عيشهم والإحاطة الاجتماعية، من بينهم النائب عن الكتلة الحرة لمشروع تونس محمد الطرودي، الذي طالب بضرورة تجنيب هذا السلك جميع التجاذبات السياسية، مشيرا إلى وجود بعض الممارسات الفردية التي تضرب صورة المؤسسة الأمنية الأمر الذي يستوجب تكثيف البعد التكويني على احترام حقوق الإنسان. كما انتقد عدد من النواب دور النقابات الأمنية التي باتت اليوم تتمرد على الدولة وعلى الوزارة من خلال البيانات الصادرة عنها، واصفين إياها بـ«الانتصاب العشوائي»، في ظل غياب أي رد فعل من قبل وزارة الداخلية. كما تطرق البعض إلى ضرورة تحسين العلاقة بين الأمن والمواطن وبين منظمات المجتمع المدني.
من جهته قال وزير الداخلية لطفي براهم أن الوزارة قامت بدعم التجهيزات الأمنية التي تتوزع بين التجهيزات المكتبية والتجهيزات الفنية، بالرغم من أن تطوير التجهيزات يتطلب إمكانيات مادية كبيرة إضافة إلى تشعب الإجراءات الإدارية. كما أضاف أن التجهيزات الأمنية الخصوصية المتطورة تتطلب الإطارات القادرة على استغلالها بالإضافة إلى تخصيص موارد لبناء وحدات أمنية حدودية والعمل على تطوير وصيانة البنية التحتية للمقرات الأمنية. وأعلن براهم أن حركة النقل بالنسبة للمعتمدين والإطارات الأمنية جاهزة، بعد بإشعار رئيس الحكومة بالإسراع بسد الشغورات في سلك المعتمدين في إطار الحياد ومراعاة الوضع الاجتماعي لهم. وبخصوص النقابات الأمنية، قال الوزير أن كل تجاوز من قبل أحد أعضاء النقابات الأمنية يتم تتبعه بعد الثبت الإداري، بالاضافة إلى وجود برنامج خاص بتطوير أمن الحدود والمطارات.
مشاكل البيئة والنفايات
وفي الجلسة المسائية، تمت مناقشة مشروع ميزانية وزارة البيئة والشؤون المحلية لسنة 2018، التي تم ضبطها بـ887.406 م.د مقابل 840.583 م.د سنة 2017 أي بزيادة قدرها 46.823 م.د بنسبة 5.6 %، موزعة على نفقات تصرف بـ 509.406 م.د، نفقات التنمية 261.000م د، 117.000 م.د. وتحدث نواب الشعب عن الوضع البيئي في ظل عدم إجراء انتخابات بلدية إلى حد الآن، على غرار مسالة الشرطة البلدية التي اعتبر النائب بشير بن عمر أنها لا تتمتع بمهام الضابطة العدلية الأمر الذي أوقعها في عديد الاشكالات عند مباشرتها لمهامها. في حين تساءل النائب ابراهيم ناصف عن كيفية توزيع الاعتمادات على البلديات، باعتبار أن هناك بلديات قامت بجهود كبيرة في استخلاص الجباية المحلية ثم تم تخفيض الاعتمادات المرصودة لها، مطالبا بضرورة التفكير في برامج مشتركة مع القطاع الخاص لتثمين النفايات وخاصة في القطاع الصناعي. كما انتقد البعض الآخر ضعف الميزانية أمام التحديات التي تواجهها من بينها مسألة النفايات ومعالجتها. وتتواصل الجلسة إلى غاية ساعة متأخرة من الليل في انتظار أجوبة وزير البيئة والشؤون المحلية رياض المؤخر.