استماع إلى وزير المالية رضا شلغوم والوزير المكلف بالعلاقة مع مجلس نواب الشعب إياد الدهماني.
انطلقت لجنة التشريع العام يوم أمس في مناقشة مشروع القانون المتعلق بالتصريح بالمكاسب والمصالح وبمكافحة الثراء غير المشروع وتضارب المصالح بالقطاع العام، من خلال عقد جلسة استماع إلى الوزير المكلف بالعلاقة مع مجلس نواب الشعب إياد الدهماني. مكتب اللجنة قرر تقديم المبادرات التشريعية التي تحمل نفس العنوان مقدمة من قبل عدد من النواب منذ سنة 2015، بهدف الاستئناس بها.
وفي بداية الجلسة، قدم الوزير المكلف بالعلاقة مع مجلس نواب الشعب إياد الدهماني أهم ما جاء في مشروع القانون، حيث أكد في هذا الإطار أن من يخفي معلومات ولو أنه ليس له إثراء غير مشروع فإنه يعاقب على ذلك. وبين أن مشروع القانون لن يقضي على الجريمة، لكنه موجه بالأساس إلى منع الموظف من استغلال وظيفته في الدولة من أجل الحصول على مكاسب، بالرغم من أنه لا يلغي القوانين السابقة التي لها نفس الأهداف. كما بين الدهماني أنه من الممكن توسيع مشروع القانون بالاستئناس مع المبادرات التشريعية، مبينا أنه لا يجب الخلط بين جريمة الإثراء غير المشروع وتضارب المصالح ومن لهم واجب التصريح. وقدم الوزير فصول مشروع القانون، من أجل تبسيط المفاهيم والمصطلحات وخصوصا الأشخاص الذين لهم واجب التصريح ومن يشملهم مشروع القانون بصفة عامة، معتبرا أنه لا يمكن إجراء تصريح على المكاسب لكافة الموظفين العاملين في القطاع العام.
ضرورة توسيع مشروع القانون
النقاش العام تطرق بالأساس إلى أهمية مشروع القانون في مكافحة الفساد، بالرغم من انتقاد بعض النواب كالنائب عن حركة النهضة نوفل الجمالي الذي اعتبر أن هناك ترسانة قانونية هامة في ما يتعلق بالتصريح على المكاسب والرقابة على الإثراء غير المشروع إلا أنه لا يتم تطبيقها حيث يجب إصلاح منظومة السجل العقاري والجباية حتى يتم التعرف على أملاك كل شخص. كما اعتبر أعضاء اللجنة أن القوانين وحدها لا تكفي، حيث بين النائب عن كتلة الحرة لمشروع تونس سهيل العلويني أن الحكومة دائما ما تتأخر في إصدار الأوامر الترتيبية، وهو ما يجعل القوانين غير مفعلة. أغلب التدخلات بينت ضرورة ربط مشروع القانون بالمنظومة الجبائية، حيث يجب توسيع مشروع القانون في عديد المجالات، بالإضافة إلى ضرورة أن لا يقتصر مشروع القانون على القطاع العام فقط، بل يجب تضمين القطاع الخاص.
كما طالب أعضاء اللجنة بضرورة إخضاع رؤساء الجمعيات والمجتمع المدني للرقابة من بينهم النائبة عن كتلة آفاق تونس هاجر بالشيخ أحمد، باعتبار أن هناك العديد ممّن أسسوا جمعيات باتوا أثرياء نتيجة التمويلات المشبوهة. هذا بالإضافة إلى مطالبتهم بضرورة حماية المعطيات الشخصية للأشخاص الذين يصرحون بمكاسبهم وعدم نشرها في وسائل الإعلام. لكن في المقابل، فقد دافع نواب حركة النهضة عن المبادرة التشريعية التي قدموها سابقا، من خلال تداول مقترحاتهم بهدف تضمينها في مشروع القانون الحكومي.
الاستماع إلى وزير المالية
انطلق مجلس نواب الشعب بصفة رسمية يوم أمس في مناقشة مشروع قانون المالية لسنة 2018 ومشروع ميزانية الدولة لسنة 2018، وذلك من خلال عقد جلسة استماع إلى وزير المالية رضا شلغوم صلب لجنة المالية والتخطيط والتنمية، الذي قدم مشروعي القانون والخطوط العريضة له. جلسة الاستماع انحصرت بالأساس في مناقشة مسألة المديونية وبعض الإشكاليات العالقة في ما يتعلق بالضرائب. وجاء في العرض المقدم من قبل وزير المالية لملامح الميزانية المقدرة بـ35.951 مليون دينار اي بزيادة بنسبة 4.3 % عن السنة الفارطة، إلى جانب تحديد نفقات التصرف ب22136 م.د، والأجور 14751م.د، وأيضا الدعم 3520 م.د. أما نفقات التنمية فقد قدرت بـ5743م.د، ثم تسديد خدمة الدين العمومي 7972 م.د ، في حين بلغت حاجيات التمويل ب9536 م.د.
من جهة أخرى، أكد وزير المالية أن الحكومة تتطلع الى حصر عجز الميزانية في حدود 9ر4 بالمائة من الناتج الداخلي الخام خلال سنة 2018 على ان تنزل هذه النسبة الى 3 بالمائة في 2020، مشيرا إلى أن التحكم في عجز الميزانية ضروري. كما بين أنّ الحكومة مطالبة بتنفيذ اصلاحات كبرى من بينها ملف الصناديق الاجتماعية وعودة الانتاج في الشركات التي تقدم مرابيحا للدولة ولاسيما شركة الفسفاط. وبين الوزير، انه تم الاشتغال على اساس سعر محروقات بـ 54 دولار استنادا لتوقعات البنك العالمي في حين ان صندوق النقد الدولي بصدد مراجعة هذا السعر، حيث أن الحكومة ستعمل خلال المدة القادمة على دعم قيمة الدينار والتحكم في قيمته الحقيقية والحد من اي انزلاق غير مبرر له، وذلك من خلال دعم الانتاج والتصدير والحفاظ على التوازنات المالية.
انتقادات عديدة
نواب الشعب انتقدوا مشروع قانون المالية، سواء من قبل المعارضة أو حتى الكتل الممثلة في الحكومة، خصوصا في ما يتعلق بالتداين، حيث اعتبروا أن هذا القانون جاء خاليا من اي رؤية سياسية او اقتصادية واضحة حتى أن البعض اعتبره بمثابة معادلة حسابية للحفاظ على التوازنات العامة للدولة بعيدا عن الحلول الجذرية للازمة الاقتصادية فى البلاد. من جانبهم عبر عدد من النواب أن هذه الميزانية ستمس مباشرة المقدرة الشرائية للمواطن بسبب مراجعة أسعار المواد الأساسية ومراجعة أسعار الكهرباء والغاز والنفط والنقل مع ارتفاع في المعاليم الديوانية. النقاش العام بين نواب الشعب، انتقد ارتفاع حجم المديونية في مشروع الميزانية، الذي سيصل إلى 70 بالمائة، منتقدين في ذلك تغييب الأحزاب الحاكمة في صياغة ميزانية الدولة، خصوصا وأن المشروع تمسك بالجوانب الكلاسيكية حسب توصيف النائب عن حركة النهضة سليم بسباس في تصورات ميزانية الدولة، مشيرا إلى ما عبر عنه بالاستسهال وذلك باللجوء إلى المديونية أو إثقال كاهل المواطن. كما دعا النائب عن كتلة الاتحاد الوطني الحر طارق الفتيتي الى ضرورة سن نصوص قانونية تتعلق بالمصالحة الجبائية، والعمل على إصلاح الصناديق الاجتماعية التي تشكو من عجز سنة تلو الأخرى.
وفي رده على تساؤلات النواب قال وزير المالية رضا شلغوم أن هناك تخوفات من عدم قدرة الصيدلية المركزية على توريد الأدوية خصوصا وأن صندوقي الضمان الاجتماعي والتقاعد والحيطة الاجتماعية لم يتمكنا من دفع مستحقات الصندوق الوطني للتامين على المرض، مشيرا إلى أن المساهمة المقدرة بـ1 في المائة في مشروع قانون المالية لسنة 2018 ستوجه لدعم الصناديق الاجتماعية وليس للميزانية. ومن المنتظر أن تستمع اللجنة صباح اليوم إلى وزير التنمية والاستثمار والتعاون الدولي حول مشروع الميزان الاقتصادي لسنة 2018.
مواصلة النقاش حول مجلة الجماعات المحلية
هذا وقد استأنفت لجنة تنظيم الإدارة وشؤون القوات الحاملة للسلاح يوم أمس النظر في مشروع القانون الأساسي المتعلّق بإصدار مجلة الجماعات المحلية والتصويت على أحكامه،حيث انطلقت اللجنة بمناقشة الفصل 70 من مشروع المجلة في جلسة صباحية، وأخرى مسائية.