بعدما فشل مجلس نواب الشعب يوم الجمعة الفارط في انتخاب رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، واقتصار الجلسة العامة آنذاك على دورة أولى لاختيار مرشحين اثنين من بين ستة مترشحين، انطلقت الجلسة العامة الانتخابية يوم أمس من أجل التصويت على مرشح وحيد يكون رئيسا للهيئة بين العضوين محمد التليلي المنصري الذي تحصل سابقا على 95 صوتا، وبين العضو نجلاء ابراهم التي تحصلت بدورها على 48 صوتا. الجميع اعتقد أن يوم أمس سيكون حاسما في انتخاب رئيس هيئة الانتخابات، إلا أن التوافقات بين الكتل لم تحسم المسألة.
فشل التوافق...
دون عقد أية جلسة توافقات باعتبار أن المرشحين الاثنين يحظيان بتوافق أكبر الكتل البرلمانية تمثيلية، ومع قرار كتلة حركة النهضة بترك حرية الاختيار لبقية الكتل باعتبار أنها ستلتزم بما سيؤول إليه التوافق من أجل ضمان 109 صوتا، يتمكن خلاله المرشح من الفوز بكرسي رئاسة الهيئة، انطلقت الجلسة العامة بالتصويت السري في ظل حضور محتشم باعتبار أشغال لجنة المالية والتخطيط والتنمية في نفس الوقت، بالاضافة إلى مرافقة عدد من النواب لرئيس البرلمان الأوروبي الذي يؤدي زيارة إلى تونس، ليتم ترك الصندوق مفتوحا من أجل استكمال عملية التصويت لأكثر من ساعة. وبعد طول انتظار، أعلن نائب الرئيس الأول عبد الفتاح مورو عن نتائج عملية التصويت، حيث بالرغم من توفر النصاب القانوني من خلال عدد الأوراق المصرح بها المقدرة بـ 170 صوتا، مع تسجيل ورقة وحيدة ملغاة و18 ورقة بيضاء، اقترب محمد التليلي المنصري من كرسي الرئاسية بخطوة بعد حصوله على 100 صوتا، في حين تحصلت نجلاء ابراهم على 51 صوتا.
عدم حصول أي مترشح على الأصوات الكافية المقدرة بـ 109 صوتا، سيعقد الأمور في حالة إعادة فتح باب الترشحات من جديد ذلك أن نفس الأسماء تقريبا ستترشح من جديد. فالتوافقات بين الكتل البرلمانية لم تكن قوية جدا، وهو ما يتضح من خلال عملية التصويت فالكتل البرلمانية بالرغم من مساندتها لخيار حركة النهضة التي ساندت المنصري بالرغم من مساندة البعض من كتلة حركة نداء تونس وغير المنتمين وجانب من الكتلة الديمقراطية لنجلاء ابراهم، إلا أن الجبهة الشعبية عبرت عن أنها غير معنية بالتوافق وعلى ما يبدو أنها صوتت بالأوراق البيضاء. مجلس نواب الشعب يجد نفسه في حلقة مفرغة، في ثاني جلسة انتخابية وهي الفشل في انتخاب رئيس الهيئة الانتخابية في دورة أولى ودورة ثانية، وهو ما يستوجب إيجاد حل نهائي ينهي هذه المعضلة والانطلاق في عملية التجديد. مكتب مجلس نواب الشعب يعقد اجتماعا في القريب العاجل من أجل البحث في هذه المسألة.
موقف محرج
يبدو أن معضلة انتخاب رئيس الهيئة لن تنتهي، بعد فشل نواب الشعب مرة أخرى في انتخاب أي عضو رئيسا للهيئة، وهو ما يطرح عديد التساؤلات حول مدى صحة التوافقات بخصوص المرشحين الاثنين. المعارضة اعتبرت أن الكتل الأكثر تمثيلا تعمدت اختيار مرشحين اثنين من أجل إسقاط العملية برمتها في الدورة الثانية، وهو ما يعيد عملية الانتخاب إلى المربع الأول من خلال إعادة فتح باب الترشحات من جديد. جدل جديد يطرح الآن حول مآل الهيئة خصوصا وأنه لا يمكن إجراء القرعة المتعلقة بعملية التجديد، إلا بعد انتخاب رئيس الهيئة حسب ما جاءت به استشارة المحكمة الإدارية. موقف محرج يمر به مجلس نواب الشعب، أمام الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، مع وجود بعض الدعوات من قبل المستقيلين ومن بينهم النائب عبد العزيز القطي الذي دعا إلى ضرورة وقف عمليات الانتخاب وتأجيل القرعة، إلى حين تنقيح القانون الأساسي المحدث للهيئة من أجل ترك حرية اختيار رئيس من قبل أعضاء مجلس الهيئة، وهو نفس المطلب الذي دعت إليه عديد منظمات المجتمع المدني. لكن يبدو أن هذا المطلب شبه مستحيل باعتبار أنه لا يمكن ان يكون له مفعول رجعي، بل يجب انتخاب رئيس الهيئة وتحديد ثلث أعضاء مجلس الهيئة ثم القيام بتنقيح القانون في الأيام القليلة القادمة، سيحدد مجلس نواب الشعب موقفه النهائي من هذا الإشكال سواء بالبحث عن توافقات جديدة في حالة إعادة فتح باب الرشحات من خلال مزيد دعم المرشح محمد التليلي المنصري أو البحث عن مرشح توافقي جديد.