ينطلق السباق نحو الانتخابات الجزئية التشريعية في دائرة ألمانيا المنتظر أن يكون أيام 15 و16 و17 ديسمبر 2017، بين الأحزاب سواء منها المشاركة في الحكومة أو الممثلة في مجلس نواب الشعب من أجل تعزيز صفوفها وتمثيليتها أو حتى الأحزاب التي لم تتمكن من الحصول على الأصوات الكافية في انتخابات 2014. عديدة هي الحسابات والاستعدادات لدى الفاعلين السياسيين، بخصوص هذا المقعد، في انتظار فتح باب الترشحات للتعرف على المرشحين الرسميين في هذه الانتخابات.
الانتخابات الجزئية في ألمانيا، وإن كان الصراع حولها من أجل مقعد وحيد في إطار تعويض النائب السابق عن حركة نداء تونس حاتم الفرجاني بعد التحاقه بحكومة الوحدة الوطنية في إطار التحوير الوزاري الأخير، سيكون بمثابة التحدي لأحزاب المعارضة من أجل إثبات وجودها وإقناع الرأي العام والأحزاب الممثلة في الحكومة بأنها البديل القادم في الاستحقاقات الانتخابية المقبلة منها الانتخابات البلدية والجهوية والتشريعية والرئاسية أيضا. في المقابل، تسعى الأحزاب الكبرى والممثلة في الحكومة والبرلمان، إلى إجراء نوع من الامتحان المبكر للأحزاب من أجل اكتشاف حظوظها ومدى الثقة التي تتمتع بها لدى الرأي العام ولو أن هذا الامتحان سيكون في ألمانيا من بين الدوائر الانتخابية في الخارج التي لا تحظى بعدد كبير من الناخبين مقارنة بالدوائر الانتخابية داخل تونس.
البحث عن مرشح توافقي
الأحزاب انقسمت بين من تطرح مرشحها الخاص بها، وبين من يبحث عن مرشح توافقي بين الأحزاب التي تشاركها نفس التوجهات معتمدة في ذلك نفس التوجهات التي كانت من المفروض أن تستعملها في الانتخابات البلدية. لكن قرار تأجيل الانتخابات البلدية إلى 25 مارس 2018، سيعطي الائتلافات الانتخابية فرصة من أجل خوض هذه التجربة قبل استغلالها في الاستحقاقات الكبرى. حزب المسار الديمقراطي الاجتماعي على سبيل المثال يبحث عن أرضية انتخابية مشتركة منذ الاستعدادات للانتخابات البلدية رفقة التكتل من أجل العمل والحريات والحزب الجمهوري، إلا انه قد يجد نفسه مرغما على التوافق مع منظمات المجتمع المدني أو مع حزب التكتل فقط، وذلك بعد قرار الجمهوري الأخير بترشيح المنجي الطاهري للانتخابات الجزئية.
البحث عن مرشح توافقي يبدو مهمة صعبة في ظل ترشيح أغلب الأحزاب لمرشحين خاصين بهم، فحركة الشعب بدورها لم تنسق مع أي حزب من المعارضة، فقد قررت طرح مرشحها الخاص وهو حافظ بن منصور، لينسج على منوال التيار الديمقراطي الذي طرح مرشحه دون الإعلان عن اسمه مطالبا في ذلك أحزاب المعارضة بضرورة التوافق حوله وهو ما رفضه التكتل الذي يعتبر أنه يجب التوافق أولا قبل طرح أي أسم. كما قرّر المكتب السياسي لحزب آفاق تونس ترشيح آمال كحلون عضو المجلس الوطني للحزب، في حين رشح المكتب السياسي لحزب تونس بيتنا لزهر اولاد علي عضو المكتب التنفيذي للحزب
أحزاب لم تقرر بعد
من جهة أخرى، لم يقرر بعد كل من الاتحاد الوطني الحر والجبهة الشعبية خوض هذه التجربة من عدمها ، وكذلك حركة مشروع تونس التي لا تزال بصدد التشاور إما بترشيح مرشحها الخاص أو البحث عن ائتلاف من أجل الاتفاق على مرشح وحيد الذي قد يكون نفس الائتلاف التنسيقي حين دعوا إلى تأجيل الانتخابات البلدية. ويذكر أن هذا الائتلاف يضم كل المسار والوطن الموحد والبديل التونسي وتونس أولا وحركة مشروع تونس وحزب العمل الوطني الديمقراطي. حركة النهضة بدورها التي تعتبر منافسا صعبا في الخارج رفقة كل من حركة نداء تونس، فلم تطرح اي اسم إلى حد الآن في انتظار اجتماع مجلس الشورى الذي سيسعى إلى تحديد موقفه من خوض هذه التجربة من عدمها، واقتراح الاسم المناسب في حالة قرر المجلس عكس ذلك. كما تسعى حركة نداء التونسيين بالخارج إلى القيام باستشارة لقواعدها في ألمانيا لاختيار مرشح مناسب على ان تيم اتخاذ القرار النهائي في اجتماع المكتب التنفيذي يوم السبت المقبل.
خلاف حول ترشيح حافظ قائد السبسي
في المقابل، تتجه الأنظار إلى حركة نداء تونس التي تسعى لترشيح المدير التنفيذي للحزب حافظ قائد السبسي من أجل استرجاع هذا المقعد وعدم فسح المجال أمام الأحزاب الأخرى من أجل افتكاكه. لكن في المقابل برزت بعض الخلافات،بعد تصريحات الياس بوعشبة الذي اعتبر نفسه المرشح الطبيعي للحركة في هذه الانتخابات لكونه الرقم الثاني في القائمة المترشحة سنة 2014، وهو ما نفاه عبد الرؤوف الخماسي عضو الهيئة السياسية والمسؤول عن الحزب في الخارج الذي أكد أن للحزب هياكله إضافة إلى أن بوعشبة كان ضمن القائمة التكميلية. ويذكر أن حافظ قائد السبسي انطلق في استعداداته لهذا الاستحقاق من خلال الزيارة التي أداها إلى ألمانيا مؤخرا، أين عقد اجتماعا في مقر الهيئة السياسية عن دائرة ألمانيا، بحضور كل من عبد الرؤوف الخماسي وسفيان طوبال بصفته الأمين العام للحزب المكلف بالهياكل ومحمد صوف النائب وعضو الهيئة السياسية وهيثم الأحمر عضو الهيئة السياسية عن دائرة ألمانيا وحافظ الظاهري المنسق الجهوي للحركة بألمانيا من أجل التباحث في استعدادات الحزب في تلك الدائرة.
لكن في انتظار موعد فتح باب الترشحات للانتخابات بداية من يوم 16 أكتوبر إلى غاية 22 من نفس الشهر، عديد الأسماء بدأت تتداول بعدما أعلنت نيتها في الترشح لهذا المنصب من المستقلين أو الناشطين السياسيين من بينهم الصافي سعيد وياسين العياري ومنار اسكندراني الأمين العام لحزب المصالحة الوطنية. وتجدر الإشارة إلى أن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات قد وفرت 10 مراكز اقتراع و15 مكتبا لهذه الانتخابات الجزئية بألمانيا، باعتبار أن الآجال المضبوطة لا تسمح بتكوين هيئة فرعية هناك، مما تطلب اللجوء إلى الهيئة الفرعية التي عملت في انتخابات 2014 واختيار اثنين من أعضائها، مع بعض التقديرات بأن تكون التكلفة الجملية بهذه الانتخابات بـ 500 ألف دينار.