عملية سد الشغور، الذي شابته اتهامات بوجود انتماءات سياسية داخل الهيئة.
بالدخول إلى كواليس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، التي يبدو أنها لا تزال تعمل بـ 6 أعضاء فقط إلى حد الآن أي دون احتساب الأعضاء الثلاثة الجدد الذين جاؤوا في إطار عملية سد الشغور، وهم كل من أنيس الجربوعي ونجلاء إبراهيم وفاروق بوعسكر، وهو أمر طبيعي فيما يبدو باعتبار أن الأعضاء الجدد التحقوا بالهيئة في وسط المسار الانتخابي البلدي. هذا الأمر يتبين من خلال قرار مجلس الهيئة أول أمس القاضي بفتح باب التسجيل على امتداد السنة في تونس وخارجها بداية من يوم 2 أكتوبر القادم، حيث تم الإعلان عن المسالة قبل انعقاد المجلس، وهو ما يؤكد أن القرار اتخذ من قبل الأعضاء الستة. كما أن قرارات الهيئة تتخذ بالأغلبية المطلقة أي يكفي تصويت ستة أعضاء لترجيح الكفة ورفض أي قرار من قبل الأعضاء الثلاثة.
الثلاثي الجديد يلتحق بالهيئة
الثلاثي الجديد الذي التحق بصفة رسمية عيشة أول أمس في أول اجتماع لمجلس الهيئة مكتملا بتسعة أعضائه، منذ تقديم رئيس الهيئة السابق شفيق صرصار ونائبه مراد المولهي والعضو لمياء الزرقوني استقالتهم لكن الأعضاء الثلاثة الجدد، رفضوا الالتحاق بالقرعة والالتزام بما جاء في الاستشارة المرسلة من قبل المحكمة الإدارية بطلب من هيئة الانتخابات فور ورود طلب من قبل مجلس نواب الشعب مفاده الحصول على أسماء الأعضاء المعنيين بعملية القرعة في إطار تجديد ثلث مجلس هيئة الانتخابات، إذ يعتبرون أنفسهم أعضاء جدد وجب عليهم الحصول على مدتهم كاملة ولا يندرجون ضمن خانة تعويض واستكمال مدة من استقالوا. وحسب الفصل 9 من القانون المحدث للهيئة فإن فترة ولاية كل عضو من أعضاء مجلس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات تتحدد بمدة ست سنوات غير قابلة للتجديد. في المقابل ينص الفصل 16» في حالة الشغور الطارئ على تركيبة مجلس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات لوفاة أو استقالة أو إعفاء أو عجز أو تخل، يعاين مجلس الهيئة حالة الشغور ويدونها بمحضر خاص يحيله صحبة باقي الملف للمجلس التشريعي الذي يتولى سد هذا الشغور طبقا للإجراءات المنصوص عليها بالفصل السادس من هذا القانون بناءا على طلب من رئيس الهيئة أو نصف أعضاء مجلسها».
اجتماع مجلس الهيئة
أجواء مرتبكة نوعا ما بين أعضاء الهيئة في البداية، لكن يبدو أن أعضاء الهيئة حاولوا وضع الإشكاليات جانبا خصوصا في اجتماع مجلس الهيئة يوم أمس من خلال تقديم كافة المعلومات والإجراءات للأعضاء الجدد في محاولة منهم لتبسيط الإجراءات، خصوصا وأن قرار فتح باب التسجيل قد تمت المصادقة عليه بإجماع الحاضرين أي 9 أعضاء. لكن هذه الأجواء لا تخفي الخلافات الحاصلة خصوصا بين المساندين بأن يكون نبيل بفون رئيسا للهيئة، وبين من يساند أنيس الجربوعي، خصوصا وأن السباق لا يزال مفتوحا في انتظار حسم المسألة بين الفرقاء السياسيين في مجلس نواب الشعب. أضف إلى ذلك استياء الأعضاء الذين تم انتخابهم منذ سنة 2014، مما يحصل من تجاذبات سياسية داخل الهيئة ومحاولة إضعافها على حد تعبيرهم من قبل الفاعلين السياسيين، خصوصا وأنه إلى حد الآن لم يثبت تورط أية عضو من الأعضاء في حسابات سياسية. المعارضة في البرلمان التي تساند نبيل بفون في رئاسة الهيئة كانت قد أكدت تورط أنيس الجربوعي حين كان رئيس الهيئة الفرعية في ارتكاب جريمة انتخابية سنة 2014، في مكتب الاقتراع بصفاقس 2 وبالتحديد في مدرسة بالي، حيث انحاز لأحد المترشحين وعطل عملية الاقتراع لربع ساعة. هذا وقد طالب عدد من النواب يوم أمس من مجلس الهيئة من خلال مراسلة رسمية لم تصل إلى حد الآن، الحصول على تقرير الهيئة بخصوص هذه التجاوزات.
عضو الهيئة أنيس الجربوعي نفى بدوره هذه المسألة، حيث اعتبر أنه مطلب تخلي لهيئة الانتخابات مرفوقا باقتراح من ينوبه خلال الانتخابات الرئاسية باعتبارها تتزامن مع التزامات أكاديمية تتعلق بأطروحته في الدكتوراه، مشددا في ذلك عن عدم دعمه لأي مرشح حتى بعد تخليه عن منصبه. لكن في المقابل، فإن الدليل الوحيد الذي ينفي هذا الخبر أو يؤكده يبقى بيد أعضاء الهيئة أنفسهم باعتبار أن تقارير الهيئات الفرعية في كافة المراحل الانتخابية، موجودة في أرشيف الهيئة وفي المنظومة الإعلامية التابعة لها، الأمر الذي يطرح عديد التساؤلات حول أسباب عدم نشر الهيئة لها حتى في الموقع الرسمي لها، خصوصا وأنه حسب القانون فإن كافة تقارير الهيئة يجب أن تكون منشورة للعموم.
تواصل الجدل بخصوص الانتماءات السياسية
الانتماءات السياسية لبعض أعضاء الهيئة شغلت الرأي العام منذ انطلاق مجلس نواب الشعب في جلسات انتخاب رئيس للهيئة، لكن القانون المحدث للهيئة حسم هذه المسألة في عديد الفصول من بينها ما يتعلق بشروط الترشح، حيث تم التنصيص على أن لا يكون العضو قد انخرط أو نشط في أي حزب سياسي خلال الخمس سنوات السابقة لتاريخ فتح الترشحات، بالإضافة إلى عدم تحمل أي مسؤولية صلب حزب التجمع الدستوري الديمقراطي المنحل أو مناشدة رئيس الجمهورية المخلوع للترشح لمدة رئاسية جديدة، وأيضا عدم تحمل مسؤولية في الحكومة أو تقلد منصب والي أو كاتب عام ولاية أو معتمد أو عمدة طيلة حكم الرئيس المخلوع. كما يقوم العضو بتصريح على الشرف يتعلق بتوفر الشروط المنصوص عليها، على أن يعاقب بالسجن مدة ستة أشهر وبخطية قدرها ألف دينار كل شخص تعمد الإدلاء بتصريحات خاطئة أو أخفى مانعا من موانع الترشح نص عليها القانون دون أن يمنع ذلك من تتبعه طبق أحكام المجلة الجزائية.
من جهة أخرى، يمكن للهيئة نفسها أن تكون سببا في إقالة أحد الأعضاء إن ثبت وجود أي إخلال، وهو ما لمّح إليه عضو الهيئة رياض بوحوش في حواره لـ»المغرب» في عددها الصادر يوم أمس، بأن مجلس الهيئة سيتخذ الإجراءات اللازمة إذا ثبت وجود انتماءات سياسية لدى أحد الأعضاء. ويذكر أن الفصل 15 من قانون الهيئة ينص على أنه من الممكن إعفاء رئيس الهيئة أو أحد أعضاء مجلسها في صورة ارتكابه لخطإ جسيم في القيام بالواجبات المحمولة عليه بمقتضى هذا القانون أو في صورة الإدانة بمقتضى حكم بات من أجل جنحة قصدية أو جناية أو في صورة فقدانه لشرط من شروط العضوية بمجلس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات. على أن يرفع طلب الإعفاء من قبل نصف أعضاء مجلس الهيئة على الأقل ويعرض على الجلسة العامة للمجلس التشريعي للمصادقة عليه بالأغلبية المطلقة لأعضائه.
تعقيد الأمور
الأمور قد تزداد تعقيدا مستقبلا حتى لو تم اختيار رئيس للهيئة من بين أحد المترشحين، إذ أنه ستترك مسألة انتخاب نائب رئيس الهيئة إلى مجلسها حسب الفصل الثامن من القانون المحدث لها «يجتمع الأعضاء المنتخبون في جلسة أولى لاختيار نائب للرئيس بالتوافق وإن تعذر فبالأغلبية المطلقة للأعضاء».وبالرغم من ذلك تحاول الهيئة انجاز أعمالها وعدم التوقف في انتظار انتخاب رئيس الهيئة أو انتظار موعد القرعة، حيث ناقش المجلس يوم أمس اجراءات إعادة فتح باب التسجيل.