المطروح هل سيتم تأجيل الانتخابات البلدية أو لا، بالرغم من تأكيد الجهات الرسمية جاهزيتها لهذا الاستحقاق.
من المنتظر أن تعلن أحزاب سبعة صباح اليوم خلال ندوة صحفية عن موقفها الرسمي وأمام العلن بتقديمها طلب تأجيل موعد الانتخابات البلدية من يوم 17 ديسمبر 2017 إلى شهري مارس أو أفريل من السنة المقبلة. هذه الأحزاب السبعة تتمثل في كل من حركة مشروع تونس والحزب الجمهوري والتكتل من أجل العمل والحريات وحزب المسار الديمقراطي الاجتماعي وحزب البديل التونسي وآفاق تونس وبني وطني وتونس أولا، اتفقت فيما بينها حول جملة من المبادئ والمطالب من أجل الضغط على كل من رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة ومجلس نواب الشعب من جهة، والهيئة العليا المستقلة للانتخابات من جهة أخرى.
توسيع المشاورات وبيان مشترك
المشاورات الأولى اقتصرت على الأحزاب السبعة فقط، إلا أنه في ما بعد تم توسيع دائرة المشاورات ليلتحق كل من حزب العمل الوطني الديمقراطي وحزب الوطن الجديد. وفي هذا الإطار، صرحت النائبة عن حركة مشروع تونس خولة بن عائشة لـ«المغرب» أنه سيتم الإعلان صباح اليوم خلال ندوة صحفية تضم الأحزاب المذكورة، من أجل تقديم بيان يحمل دعوة صريحة لإرجاء الانتخابات البلدية لموعد لاحق، ثم تقديم الأسباب والعوامل التي تعزز هذا المطلب. وبينت أن إبراز حجم الأحزاب المطالبة بتأجيل الانتخابات، سيدعّم موقفها لدى الرأي العام وأمام الجهات الرسمية، مع العلم أن القرار الأخير المتعلق بالتأجيل ينحصر في يد كل من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة.
البيان المشترك سيكون بمثابة الخطوة الأخيرة للضغط بالنسبة لهذه الأحزاب التي تحظى بتمثيلية معقولة في مجلس نواب الشعب، وذلك بعد إرسال مراسلة في مناسبة سابقة إلى كل من رئاستي الجمهورية والحكومة وهيئة الانتخابات، حيث أنه في حالة رفض مطلبها وعدم الاستجابة لمطالب تهيئة المناخ الانتخابي، فإنها ستكون مرغمة على الالتزام بهذا الموعد. فرضية عدم تأجيل الانتخابات تبدو معقولة جدا وهو ما جعل هذه الأحزاب تستعد في نفس الوقت لهذا الاستحقاق الانتخابي من خلال تحضير القائمات الانتخابية المترشحة، والمضي قدما في مزيد تعميق المشاورات من أجل البحث عن التحالفات الانتخابية.
مطالب تهيئة المناخ الانتخابي
المطالب تنحصر أساسا في تهيئة المناخ المناسب للانتخابات قبل الانطلاق في عملية الاقتراع، ومن بينها استكمال سد الشغور صلب تركيبة مجلس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، إضافة إلى اعتبار هذه الأحزاب أن عملية تسجيل الناخبين لم تكن حسب المطلوب. البيان سيتضمن كذلك المطالبة بتركيز الدوائر الابتدائية والمالية لتلقي الطعون وفض النزاعات، خلال فترة الحملات الانتخابية، بالإضافة إلى المطالبة بضرورة المصادقة على مشروع مجلة الجماعات المحلية في أقرب الآجال. هذه المطالبة تدعمت كذلك عقب البيان الصادر يوم أمس عن الجمعية التونسية من أجل نزاهة وديمقراطية الانتخابات «عتيد» الذي اعتبر أن عملية التسجيل ، كانت «دون الأهداف المرجوة»، بالنظر إلى أن هيئة الانتخابات لم تنجح سوى في تسجيل 535.784 ناخبا من بين العدد الجملي المستهدف للمواطنين غير المسجلين والمقدر بـ 3 ملايين شخص، داعية في ذلك إلى ضرورة القيام بدراسة في صفوف التونسيين غير المسجلين لتحديد أصنافهم ومواقع سكنهم وأسباب عدم تسجيلهم من أجل القيام بحملات تحسيسية وتوعوية وحملات تسجيل موجهة بطريقة ناجعة نحو هذه الفئات.
هذا وذكرت جمعية «عتيد» إن انتداب الهيئة لـ301 عون لتغطية 350 دائرة انتخابية عوضا عن 500 عون مثلما تم الإعلان عنه في شهر ماي الماضي، وانتداب 1704 أعوان بمعدل أقل من 5 أعوان لكل دائرة انتخابية بعد أن فتحت باب الترشح لانتداب 1751 عون تسجيل، كلها عوامل أثرت سلبا على نجاعة حملات التحسيس والتوعية. كما أشارت جمعية «عتيد» في بيانها إلى أنها لاحظت تفاوتا في مستوى التكوين لدى أعوان التحسيس وكذلك التسجيل وإخلالات تعلقت بإجراءات التسجيل وعدم تسليم وصولات التسجيل في عديد المرات في عدة دوائر انتخابية، إضافة إلى رفض الهيئة الانتخابية لاعتراض بعض المواطنين .
استعدادات الهيئة تتواصل
هذه الدعوات المتكررة بتأجيل الانتخابات، تتزامن في نفس الوقت مع استعداد الهيئة العليا المستقلة للانتخابات لهذا الموعد دون أي توقف، حتى أنها اعتبرت نفسها جاهزة لهذا الموعد ولا يوجد سبب من أجل تأخير الانتخابات خصوصا وأن رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي قد تعهد بإصدار الأمر الرئاسي لدعوة الناخبين للاقتراع في الآجال المحددة أي قبل يوم 9 سبتمبر 2017. كما عبرت الهيئة عن رفضها لهذه الدعوات وربطها بالهيئة، على حد تعبير عضو الهيئة عادل البرينصي الذي بين بدوره أن هذه الدعوات تعود بالأساس إلى عدم جاهزية هذه الأحزاب وليس هيئة الانتخابات. كما بين رئيس الهيئة المؤقت أنور بن حسن في مناسبة سابقة ان الأمر الحكومي المنظم للتمويل العمومي في الانتخابات البلدية سيكون جاهزا قبل الانطلاق في قبول الترشحات للانتخابات والذي سيكون يوم 19 سبتمبر الحالي، فضلا عن اللقاء الذي جمع كل رئيس الجمهورية الباجي قايد السبسي برئيس الحكومة يوسف الشاهد من أجل توفير المطالب التي ذكرتها هذه الأحزاب، وآخرها اللقاء الذي جمع رئيس الجمهورية ورئيس حركة النهضة راشد الغنوشي يوم أمس حول الاستعدادات الأخيرة لهذا الاستحقاق الانتخابي.
اللمسات الأخيرة للهيئة
اللمسات الأخيرة قبل انطلاق عملية قبول الترشحات شارفت على الانتهاء، وهو ما قد يجعل مطلب هذه الأحزاب مرفوضا، خصوصا بعد تقديم وزير البيئة والشؤون المحلية رياض المؤخر مراسلة للولاة تتعلق بتسهيل إجراءات خدمة التعريف بالإمضاء لفائدة المترشحين للانتخابات البلدية حسب ما صرح به أنور بن حسن. هذا وقد تضمنت المراسلة ايضا دعوة صريحة إلى كافة البلديات من أجل تقديم التسهيلات الإدارية المتعلقة بهذه الخدمة حسب إمكانياتها البشرية واللوجيستية، كوضع شباك موحد أو العمل يوم السبت والأحد طيلة فترة قبول الترشحات والبت فيها والتي تمتد من 19 سبتمبر إلى 5 أكتوبر 2017، الى جانب تعميم إسناد شهادة في عدم ترسيم العقار بجدول التحصيل لطالبيها قصد إرفاقها بمطلب الترشح لعضوية المجالس الانتخابية وتيسير الحصول عليها دون استثناء، تفاديا لأي تعطيل في هذا المجال. كما وضعت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات نموذج استمارة على الموقع الإلكتروني للهيئة، من أجل تعميرها من قبل المترشحين للانتخابات البلدية ، إلى جانب وضع دليل الترشحات الذي يمكن تحميله عن طريق الموقع الالكتروني من أجل التعرف على كافة مراحل تقديم الترشحات والإطلاع على تفاصيله.
تواصل مبادرات المجتمع المدني
من جهة أخرى، تواصل منظمات المجتمع المدني استعداداتها بخصوص الانتخابات البلدية سواء عن طريق عمليات المراقبة أو من أجل تحسين العمل البلدي. حيث أطلق عدد من مكونات المجتمع المدني بصفاقس على غرار الفرع الجهوي للمحامين بصفاقس، وجمعية التنمية المستديمة بولاية صفاقس، وجمعية «صفاقس المزيانة»، والحركة المواطنية «سيب التريتوار»، وجمعية «أبواب»، ونادي «ليونس الزياتين»، مبادرة تحمل عنوان «انتظارات» تهدف إلى إنجاز استبيان لرصد انتظارات المواطنين من الانتخابات البلدية القادمة والمجالس المنتظر أن تنبثق عنها، على أن يتم صياغة ميثاق بلدي يكون دليلا للناخبين والمترشحين، بالإضافة الى صياغة تقرير وميثاق بلدي يعد مرجعا للناخبين والمجالس البلدية القادمة.
تغير جدول أعمال الدورة الاستثنائية
وبالتزامن مع انعقاد الندوة الصحفية للأحزاب المذكورة، سيشرع رؤساء الكتل في نفس الوقت في وضع جدول أعمال الدورة البرلمانية الاستثنائية، والتي قد تتغير مقارنة بما تم الاتفاق حوله خلال اجتماع مكتب المجلس الأخير والمتمثل في وضع مشروع مجلة الجماعات المحلية وسد الشغور صلب الهيئة. هذا التغير قد يطرأ نظرا لوجود نية من قبل رئيس الحكومة لدعوة البرلمان من أجل عقد دورة استثنائية من أجل منح الثقة لأعضاء الحكومة الجدد بعد الإعلان عن التحوير الوزاري المرتقب.