عن وجود مطالب رفع الحصانة وتخوفات من وجود إحراج سياسي أو أزمة صلب البرلمان فما هي إجراءات رفع الحصانة؟
ملف محاربة الدولة للفساد ومكافحته من خلال حملة الاعتقالات الأخيرة، تلتها حملة من نواب الشعب الذين يسعون إلى تفنيد ما يتداول لدى الرأي العام بتورط عدد من النواب أو محاولة استغلالها سياسيا ضد خصومهم من السياسيين، حيث قدم عدد من النواب من مختلف الكتل البرلمانية أبرزهم من كتلة مشروع تونس وبعض المستقلين وغير المنتمين، رسالة إلى رئيس مجلس نواب الشعب محمد الناصر مفادها نيتهم في التنازل عن الحصانة من أجل محاسبتهم في حالة وجود شبهة أو تهمة حقيقية ضدهم. هذا وقد بين النائب عن مشروع تونس صلاح البرقاوي أن التنازل عن الحصانة يتعين أن يودع مباشرة لدى كتابة المجلس، باعتبار أن حصانة النائب تعتبر حقا ويجوز بذلك لأي شخص التنازل عنها، مشيرا إلى أن الهدف من هذه الحملة هو التعبير بوضوح عن انخراط النواب اللامشروط في الحرب ضد الفساد.
حملات تشويه
في المقابل، اعتبر نواب كتلة حركة نداء تونس أن القائمة التي تم تسريبها والتي تحمل أسماء نواب رفقة رئيس الكتلة سفيان طوبال غير صحيحة بالمرة، حيث وجب على رئاسة مجلس نواب الشعب أن تتخذ الإجراءات اللازمة تجاه حملة التشويه التي تطولها. وقالت النائبة عن حركة نداء تونس عبير العبدلي والتي ورد اسمها في القائمة التي قيل أنه تم العثور عليها في منزل رجل الأعمال المورط في قضايا فساد شفيق جراية أنها لم تتعامل مع أي شخص في مجالات مشبوهة، حتى أنها لم يجمعها به أية لقاء أو اجتماع منذ دخولها للبرلمان، داعية في ذلك إلى ضرورة التروي وعدم اتهام الأشخاص.
مجلس نواب الشعب لم يصدر بعد موقفا رسميا، كما انه لم يتلق أيّ مطلب رفع حصانة سواء من وزارة العدل أو النيابة العمومية، لكن يبدو أن المسألة ستضع البرلمان في إحراج سياسي أو مأزق خصوصا وأنها إلى حد الآن لم تناقش المسألة او تعقد جلسة استماع مثلما جرت العادة صلب اللجان البرلمانية بالتزامن مع المستجدات التي تطرأ على الساحة السياسية والتي تشغل كذلك الرأي العام.
إجراءات رفع الحصانة
وبالعودة إلى إجراءات رفع الحصانة لنواب الشعب، فإن هذه الإجراءات تنحصر بالأساس في تقديم رفع الحصانة مضبوطة في النظام الداخلي لمجلس نواب الشعب، حيث أنه حسب الفصل 29 يتم النظر في رفع الحصانة على أساس الطلب المقدم من السلطة القضائية مرفقا بملف القضية إلى رئيس مجلس نواب الشعب. ويتولى رئيس المجلس إعلام العضو المعني وإحالة الطلب المبين أعلاه ومرفقاته إلى لجنة النظام الداخلي والحصانة والقوانين البرلمانية والقوانين الانتخابية التي تتولى دراسته والاستماع إلى العضو المعني الذي يمكنه إنابة احد زملائه من الأعضاء لإبلاغ رأيه أمام اللجنة. هذا وتتولى لجنة النظام الداخلي والحصانة والقوانين الانتخابية النظر فيما يعرض عليها من ملف وإعداد تقارير في شأنها في أجل أقصاه 15 يوما من تاريخ الإحالة. ترفع اللجنة تقريرها إلى مكتب المجلس الذي يحيله إلى الجلسة العامة.
تجارب سابقة فاشلة
مجلس نواب الشعب لم يتمكن سابقا من رفع الحصانة على نواب الشعب، ولعل التجربة السابقة حين نظرت إلى لجنة النظام الداخلي والحصانة والقوانين البرلمانية والقوانين الانتخابية في 10 مطالب، وتمت إحالتها على الجلسة العامة التي عجزت عن التصويت لوجود خلل إجرائي. ويتمثل الخلل الإجرائي في أن النواب المعنيين بطلب رفع الحصانة لم يتمسكوا بها أصلا، وهو ما اعتبر البعض أنه في هذه الحالة لا داعي لرفع الحصانة، وهو ما يعني أن إجراءات دراسة الملفات منقوصة. هذا النقاش تسبب في التطرق إلى تأويل الفصل 69 من الدستور الذي ينص على أنه «إذا اعتصم النائب بالحصانة الجزائية كتابة فإنه لا يمكن تتبعه أو إيقافه طيلة مدة نيابته في تهمة جزائية ما لم ترفع عنه الحصانة»، حيث اعتبر عدد من النواب أنه كان من المفروض قبل أن يحال ملف النائب على لجنة الحصانة لا بد أن تكون لديه وثيقة تفيد عدم اعتصامه (أي عدم تمسكه) بالحصانة البرلمانية.
هذا ومن المنتظر أن تحدث المسألة جدلا واسعا في كواليس مجلس نواب الشعب الأسبوع القادم، في انتظار موقف رسمي أو ورود طلب رفع الحصانة إلى البرلمان من قبل الجهات القضائية المعنية.