مقابل بقاء البعض، وضعت مجلس نواب الشعب في نوع من الإحراج.
شكلت زيارة الوفد البرلماني التونسي إلى إيطاليا للحضور في أشغال الجمعية البرلمانية للاتحاد من اجل المتوسط، جدلا وسط الرأي العام خلال عطلة نهاية الأسبوع، على خلفية انسحاب نائبين اثنين وبقاء الآخرين كردة فعل على مشاركة الوفد الإسرائيلي لأول مرة في الدورة الثالثة عشرة من أشغال الجمعية. بين الحضور ومقاطعة أشغال الجمعية البرلمانية، اختلفت الآراء والمواقف وحول سياسة الدبلوماسية التونسية، وهو ما جعل مجلس نواب الشعب في موقف محرج نوعا ما في كيفية التعامل مع النواب المنسحبين في ظل العلاقة الوطيدة بين البرلمان التونسي والجمعية البرلمانية للاتحاد من أجل المتوسط.
الوفد البرلماني الذي شارك في أشغال الجمعة دون مقاطعة يتكون من النواب عن حركة نداء تونس ابتسام الجبابلي وعبير العبدلي ونجلاء السعداوي وهدى تقية ويوسف الجويني، وعن حركة النهضة إيمان بن محمد وعن آفاق تونس ريم محجوب، في حين قاطعت النائبتان عن حركة النهضة منية ابراهيم وزينب ابراهيمي.
لا سبيل للمقاطعة
قرار عدم المقاطعة جاء على خلفية لما اعتبره النواب المشاركون أن كافة الوفود من كل الدول العربية والاسلامية وعلى رأسهم فلسطين كانوا حاضرين، حيث أنه في حالة المقاطعة لربما انعكست القرارات المتخذة سلبا على القضية الفلسطينية، خصوصا وأنه تم التصويت على عديد المقترحات في الغرض. وفي هذا الإطار، قالت النائبة عن حركة النهضة ايمان بن محمد أنه تمت المصادقة في هذا الإطار، على المقترح التونسي الذي دافعت عليه المغرب في إصدار موقف و تحرك حول سجن البرلمانيات الفلسطينيات في سجون الاحتلال، مشيرة إلى أن قرار المقاطعة تعتبر اجتهادات رافضة في ذلك سياسة الكراسي الشاغرة خصوصا خلال المحافل الدولية، حيث كان من الأجدر البقاء والدفاع عن القضية على حد تعبيرها. كما اعتبر المشاركون أنهم دافعوا على القضية الفلسطينية أكثر من أصحابها حتى أنهم أحرجوا الوفود الأوروبية، وبين النائب يوسف الجويني أن الجمعية البرلمانية حضرها كل من فلسطين والأردن والمغرب ومصر والجزائر، وأن الوفد الممثل عن اسرائيل يعتبرون من عرب 79، معتبرا أن ما تم انجازه سيرشح تونس لرئاسة مجلس الأمن بصفة مقرر أو مساعد الرئيس.
اجتهاد فردي
في المقابل، أعرب النواب المشاركون في أشغال الجمعية البرلمانية عن استيائهم من الحملة الشرسة التي طالت شخصهم في مواقع التواصل الاجتماعي بعد اتهامهم بالتطبيع مع الكيان الصهيوني، وحتى صلب مجلس نواب الشعب. الانسحاب لم يكن موقفا موحدا بل كان اجتهادا فرديا لبعض النواب، خصوصا وأن هذه التجربة ليست الأولى من نوعها على اعتبار أن مجلس نواب الشعب ممثل في جميع اللجان ويترأس لجنة المرأة في الجمعية. الوفد البرلماني التونسي لم يقتصر على التصويت وتقديم مقترحات في الغرض بل قدمت النائبة ورئيسة لجنة شؤون التونسيين بالخارج ابتسام الجبابلي مداخلة تم بثها في القناة الرسمية الايطالية مساندة للأسرى الفلسطينيين وخصوصا البرلمانيين منهم الذين يخوضون إضراب جوع في السجون الإسرائيلية.
زيارة الوفد التونسي إلى إيطاليا يقول النواب إنها كشفت عن أن سياسة الكراسي الفارغة باتت دون فائدة بل على العكس، حيث اعتبر الوفد أن التعاطي مع القضية الفلسطينية لا يمكن أن يكون بسياسة الكراسي الفارغة، حيث قالت النائبة ابتسام الجبابلي أنه للأسف الشديد القضية يقع استغلالها بطريقة مبتذلة، خصوصا أن مشاركة الوفد البرلماني التونسي لم تشوّش على ثوابت الدبلوماسية التونسية الداعمة للقضية الفلسطينية، مع الأخذ بعين الاعتبار أن الوفد قد التقى سفير تونس في إيطاليا قبل وبعد الجلسة العامة، قائلة « أنه على كل حال المتاجرة بالقضية الفلسطينية لطالما كانت خيار بعض السياسيين ولا استغرب ممن يأكل مع الذئب ويبكي مع الراعي أن تصدر عنه هذه التصريحات».
هذا ومن المنتظر أن يتم إعداد تقرير حول الزيارة وما تم انجازه يتم عرضه على أنظار مكتب المجلس، الذي يقرر ما يراه مناسبا حول كافة معطيات الزيارة وأشغال الجمعية.