بعد مصادقة لجنة تنظيم الإدارة وشؤون القوات الحاملة للسلاح نهاية هذا الأسبوع، على مشروع القانون المتعلق بهيئة الحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد برمّته في صيغته المعدّلة، وذلك بأغلبية أعضائها الحاضرين، تستعد اللجنة إلى النظر في مشاريع القوانين المرتبطة بها وهو مشروع القانون الإطاري المتعلق بالهيئات الدستورية.
مشروع القانون المتعلق بالهيئات الدستورية، والمحال على أنظار لجنة التشريع العام منذ 20 ماي 2016 أي منذ سنة تقريبا، سيتم تحويل وجهته إلى لجنة تنظيم الإدارة من أجل مناقشته باعتبار انشغال لجنة التشريع العام بمناقشة مشروع قانون المصالحة وعديد مشاريع القوانين الأخرى. وعليه فقد طلبت لجنة التشريع العام من مكتب المجلس إحالة مشروع القانون المتعلق بالهيئات الدستورية على لجنة تنظيم الإدارة، على خلفية طلب رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد مناقشة كافة الترسانة القانونية المتعلقة بمكافحة الفساد في آن واحد، من بينها مشروع قانون الأحكام المشتركة للهيئات الدستورية المستقلة ومشروع قانون مكافحة الإثراء غير المشروع، وذلك من أجل ملاءمتها مع مشروع قانون هيئة الحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد.
توحيد الأطر القانونية
مشروع القانون يهدف بالأساس إلى تنظيم صنف الهيئات الدستورية المحدث بمقتضى الباب السادس من الدستور وضبط الآثار القانونية المترتبة عن الطبيعة المستقلة المسندة لها. كما يضبط المبادئ والقواعد المشتركة المنطبقة عليها. وفي ظل الأحكام المشتركة للهيئات الدستورية حسب الفصل 125 من الدستور، والمتمثلة في خمس هيئات دستورية مستقلة وهي كل من الهيئة العليا المستقلة للانتخابات وهيئة الاتصال السمعي البصري وهيئة حقوق الإنسان وهيئة التنمية المستدامة وحقوق الأجيال القادمة وهيئة الحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد. هذا وقد جاء مشروع القانون من أجل توحيد الأطر القانونية للهيئات الدستورية، حيث يجب تعريف مفاهيم الاستقلالية واستخلاص النتائج القانونية المترتبة عنها خصوصا وأنها تابعة للدولة وليست بمستقلة عن السلطة القضائية على غرار أنها تخضع لرقابة القضاء الإداري في ما يتعلق بمشروعية قراراتها ولرقابة القضاء العدلي في علاقتها بالغير. وبما أن الهيئات الدستورية المستقلة تعمل بالاعتماد على المال العام فإنها خاضعة بالأساس إلى رقابة محكمة المحاسبات.
تنظيم القواعد العامة للتسيير
في هذا الإطار، فإن مشروع القانون سيساهم في تحديد كل المفاهيم مثل معنى الاستقلالية وتنظيمها، من خلال التفريق في العلاقة بين الوظيفة التنفيذية والسلطة التنفيذية، فالوظيفة التنفيذية أوسع من السلطة التنفيذية، مع اعتبار أن الهيئات الدستورية فرع من السلطة التنفيذية وليس الإدارة، وهي تمارس صلاحيات تنفيذية. كما وضع مشروع القانون نظاما خاصا بأعضاء الهيئات الدستورية المستقلة كتحديد القواعد العامة لانتخاب الأعضاء والواجبات المحمولة عليهم وموانع الجمع ونظام التأجير والحصانة والشغور والإعفاء من المهام. كما سينظم المشروع القواعد العامة الموحدة للتسيير كالفصل بين الاختصاصات الترتيبية للمجلس ورئيسه والاختصاصات التنفيذية للجهاز الإداري، احترام قواعد الشفافية، نظام رقابة مالية خاص، قواعد خاصة متعلقة بالميزانية والمحاسبة، نظام أساسي خاص بأعوان الهيئات الدستورية، مدونة سلوك خاصة بالأعوان.
تعجيل المصادقة على مشروع القانون المذكور بات أمرا ضروريا، نتيجة الخلافات والمشاكل التي تعاني منها الهيئات الدستورية وأبرزها هيئة الانتخابات والاتصال السمعي البصري (هيئة الحقيقة والكرامة ليست هيئة دستورية)، خصوصا وأن مشروع القانون بعد صياغته تم عرضه على استشارة موسعة ضمت كلا من رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة والوزارات والهيئات القائمة والمحكمة الإدارية ودائرة المحاسبات وهيئة القضاء العدلي وهيئة مراقبة دستورية القوانين وهيئات الرقابة المالية وهيئة المعطيات الشخصية والمجتمع المدني ونواب الشعب.