عديدة هي المطالب التي ترد من قبل الحكومة إلى مجلس نواب الشعب من أجل استعجال النظر في مشاريع القوانين المعروضة عليه، وهو ما يتطلب تجنيد اللجان البرلمانية والموارد البشرية والمادية للبرلمان من أجل استكمالها حتى أن البعض منها يكون على حساب مشاريع قوانين أخرى أو أعمال لفائدة الجهات. لكن في المقابل، فإن أغلب القوانين الصادرة عن مجلس نواب الشعب تبقى مجرد قوانين منشورة في الرائد الرسمي للجمهورية التونسية، دون تطبيق على أرض الواقع في انتظار إصدار الأوامر والقرارات الترتيبية من قبل السلطة التنفيذية من بينها قوانين شارفت على سنة منذ المصادقة عليها من بينها القانون المتعلق بالمجلس الوطني للتونسيين بالخارج، وقانون الشراكة بين القطاعين العام والعام الذي لم يطبق إلى حد الآن، دون الحديث عن معضلة المجلس الأعلى للقضاء الذي عرف عديد التعطيلات جراء عدم إصدار الأوامر، وقانون حق النفاذ إلى المعلومة والقائمة تطول من مشاريع القوانين.
«لا يجب أن يقتصر دور البرلمان على المصادقة»
هذه العوامل جعلت نواب الشعب لا يتفاعلون إيجابيا مع مشاريع القوانين الواردة من قبل الحكومة، والتي تأتي فيها مطالب استعجال النظر، خصوصا وأنها ستغير من جدول الأعمال الموضوع مسبقا شهريا من قبل مكتب المجلس، فكم من مشروع قانون كانت قد انطلقت اللجنة في مناقشته ثم يتم ايقاف العمل به ومناقشة مشروع قانون آخر دون التمكن من انجاز أي قانون منهم، مثل مشروع القانون المتعلق بتنظيم مهنة عدول المنفذين الذي تم ايقافه من قبل لجنة التشريع العام بعد مناقشة الفصل الأول، من أجل مناقشة تنقيح الفصل 12 من قانون المخدرات، وقانون المصالحة. الأسباب والعوامل تتعدد بين الحكومة والبرلمان، حتى أن البعض من النواب اعتبر أن المجلس بات دوره يقتصر على تمرير القوانين من أجل التمرير فقط، حسب ما اعتبره النائب عبد العزيز القطي الذي بين أنه في ظل وجود حكومات دون رؤى وتصورات وبرامج، وإنما هي تطبق و تشتغل على وقع و أوامر صندوق النقد الدولي، ووقع الأزمات فإنها لن تكون قادرة على تطبيق واستغلال القوانين الصادرة عن مجلس النواب. كما أضاف أنه في ظل غياب تام للقدرة على التحليل والنقاش العلمي والقانوني العميق، فإن ما يصدر عن البرلمان إما يكون ارتجاليا أو غير قابل لتطبيق.
تركيز لجنة برلمانية تعنى بالمتابعة
من جهة أخرى، فإنه لا يمكن اللوم على السلطة التشريعية التي تعاني من تخمة على مستوى مشاريع القوانين المعروضة عليها، على غرار التركة الثقيلة حتى أن البعض منها ومنذ السنوات الأولى للبرلمان، لم تتمكن إلى حد الآن من المصادقة على أية مبادرة تشريعية مقدمة من قبل نواب الشعب. كما أن مهام مجلس نواب الشعب مضبوطة وتنحصر في ثلاث مهام أساسية وهي: التشريعية، والرقابية، والتمثيلية ولم يتم التنصيص على أن تتم مراقبة مشاريع القوانين بعد المصادقة عليها، إلا في حالة وجود بعض التنقيحات.
وفي هذا الإطار، قالت النائبة ابتسام الجبابلي أن مجلس نواب الشعب يعتبر السلطة الأصلية المخول لها إصدار القوانين، وله بالتوازي مع المهمة التشريعية سلطة الرقابة والمتابعة لأعمال الحكومة التي يمكن أن تكون مراقبة كيفية تنفيذ القوانين. كما أضافت أن المجلس قام بمجهود تشريعي مهم، مقابل عدم تفعيل بعض القوانين الصادرة عنه، وهو ما يستوجب تركيز لجنة برلمانية تعنى بمتابعة القوانين الصادرة عن البرلمان.
لجنة مصغرة منبثقة عن اللجان القارة
كما اقترح بعض النواب ضرورة فتح المجال أمام كافة جهات المبادرة التي تم تهميشها في السنوات الثلاث النيابية الأولى، حيث بين النائب حسين الجزيري أنه بعد ثلاث سنوات من الأولويات الحكومیة مع اقتراب دخول البرلمان سنته الرابعة، فقد آن الآوان لفتح المجال أمام مبادرات النواب والكتل والمجتمع المدني ومختلف الحساسيات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، وهو ما يستوجب ضرورة قرارات جريئة من قبل مكتب المجلس. أولويات الحكومة يبدو أنها متذبذبة من حكومة إلى أخرى، ومن برنامج إلى آخر، وكذلك من وزير إلى آخر، وهو ما يجعل مجلس نواب الشعب في تبعية مطلقة لهذه الأولويات دون المشاركة فيها، بالرغم من أنه تم الحديث على ضرورة قطع الارتباط العضوي بالحكومة من خلال المصادقة على مشروع القانون المتعلق بالاستقلالية المالية والإدارية للمجلس من أجل أن يتمكن البرلمان من تنفيذ برامج نوابه الانتخابية، ويحدد بدوره أولوياته التشريعية. واقترح بعض النواب من بينهم النائب سهيل العلويني ضرورة أن تنبثق لجنة مصغرة من اللجنة التي سهرت على مناقشة مشروع قانون معين من أجل متابعة تنفيذه، وإعطاء اللجان البرلمانية سلطة المراقبة البعدية، حتى أنه بإمكانها مساءلة الوزير المعني بالموضوع حول أسباب تعطيل تنفيذ مشروع القانون.