في إطار مناقشة مشروع قانون هيئة الحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد: ضرورة مناقشة التشريعات المعنية بمكافحة الفساد في نفس الوقت بهدف ملاءمتها

طالب رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد شوقي الطبيب، بضرورة التعجيل في الحسم في ما يتعلق بمشروع قانون الأحكام المشتركة للهيئات الدستورية المستقلة ومشروع قانون مكافحة الإثراء غير المشروع قبل التعرض إلى مناقشة مشروع القانون المتعلق بالهيئة، وذلك لدى جلسة

استماع له لدى لجنة تنظيم الإدارة وشؤون القوات الحاملة للسلاح بمجلس نواب الشعب.
استمعت لجنة تنظيم الإدارة وشؤون القوات الحاملة للسلاح خلال اجتماعها يوم أمس إلى رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد شوقي الطبيب، في أولى جلسات استماعها بخصوص مشروع القانون المتعلق بهيئة الحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد. جلسة أبرزت الحاجة الماسة إلى وضع كافة الترسانة القانونية على طاولة النقاشات في مجلس نواب الشعب من بينها مشروع قانون الأحكام المشتركة للهيئات الدستورية المستقلة ومشروع قانون مكافحة الإثراء غير المشروع، وذلك من أجل ملاءمتها مع مشروع قانون هيئة الحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد.

لم يتم تشريك الهيئة في المشاورات
شوقي الطبيب تدخل مباشرة في صلب الموضوع، حيث اعتبر أن الدستور نص على الهيئات الدستورية في الفصل 138 ومن بينها هيئة الحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد، مقدما في ذلك جملة من الملاحظات المنهجية على طريقة إعداد الحكومة لمشاريع القوانين بشكل عام. وبين الطبيب أن المنهجية التي تعتمدها الحكومة في صياغة مشاريع القوانين يغيب عنها المسار التشاركي والبعد الاستشاري خصوصا في اللجنة المكلفة بالصياغة، حيث أن اللجنة الساهرة على إنجاز مشروع القانون تجتمع مرة بدعوة من رئيس الحكومة أو من الوزير المكلف حينذاك كمال الجندوبي ثم تقوم بجلسات استشارية مع المجتمع المدني في الجهات، ثم تعاد إحالتها على الوزارات لإعطاء رأيها مما تسبب في إعادة النظر في الصيغة التي تم الاتفاق عليها سابقا، وهو ما أثر على طبيعة مشاريع القوانين.

لكن وبعد تغيير الحكومة لصيغة مشروع القانون، بين الطبيب أنه لم يتم تشريك الهيئة، حيث استفردت جهة المبادرة بالرأي في الموضوع، وباتت آراء المستشارين في الوزارات تنحصر في إفراغ الهيئة من مضمونها وجعلها فرعا للشرطة الاقتصادية، باعتبار أن أعمالها باتت بموجب هذا المشروع خاضعة للرقابة السابقة للقضاء. كما قدم رئيس الهيئة جملة من الملاحظات بخصوص صلاحيات الهيئة و استقلاليتها، معتبرا أنه يجب تسريع النظر في المشروع بالتوازي مع مشروع قانون الأحكام المشتركة للهيئات الدستورية المستقلة.

صلاحيات محدودة
من جهة أخرى، واصل شوقي الطبيب انتقاده لمضمون مشروع القانون، أملا أن تتقبل اللجنة مقترحاته وتعيد النظر في عديد الفصول، حيث بين الطبيب وجود إشكالية تتعلق بمشروع قانون مكافحة الإثراء غير المشروع الذي يفرد بعض الصلاحيات للهيئة لم يوردها مشروع القانون المتعلق بالهيئة، وهو ما يؤكد وجود رغبة في تقليص صلاحيات ومهام الهيئة بشكل يتجاوز التضييقات الموجودة في المرسوم الذي ينظم عمل الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد. كما اعتبر أنه لا يمكن تسليط رقابة على الهيئة لأن ذلك يمس باستقلاليتها في ما عدى الرقابة القضائية اللاحقة، علاوة على تهميش دور رئيس الهيئة حتى بالمقارنة مع الدور الموجود في المرسوم.

وخصص الجزء الثاني من مداخلة رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد لتقديم جملة من المطالب لعل أهمها، ضرورة إعطاء الهيئة صلاحية استشارة المحكمة الإدارية، والحسم في مسألة تنازع الاختصاص مع الهيئات الاخرى، حيث لا يمكن لمشروع القانون أن ينص على صلاحيات أقل من تلك الواردة في الدستور وأقل أيضا من صلاحيات هيئة المنافسة و الأسعار. كما أوضح الطبيب وجود إشكالية متعلقة باختيار الأعضاء، حيث أنه يجب التقليص في قائمة الأصناف المترشحين من 8 إلى 4.

من جهته، قال القاضي وعضو الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد محمد العيادي أن مشروع القانون مهم للغاية لذلك وجب استخلاص العبر من الثغرات الموجودة في المرسوم عدد 120، حيث أن علاقة هيئة مكافحة الفساد بالقضاء معقدة جدا، باعتبار أنه لم يتم منح الهيئة صلاحية متابعة الملفات، خصوصا وأن التجارب السابقة أثبتت أن الهيئات اكثر كفاءة من القضاء في النظر في قضايا الفساد. كما أنه لم يتم التنصيص على السلطة الترتيبية للهيئة في مجال اختصاصها بنشر قراراتها في الرائد الرسمي على عكس عديد الهيئات الأخرى كالهيئة العليا المستقلة للانتخابات، إضافة إلى أنه تم تضييق مجال التصاريح المتعلقة بالممتلكات التي تنظر فيها الهيئة بالرغم من أن مجال نظرها يشمل أشخاص القطاع العام و القطاع الخاص.

أسباب تعجيل النظر
تدخل رئيس الهيئة شوقي الطبيب أبرز أهمية النظر في المشاريع المذكورة قبل التطرق إلى مشروع قانون الهيئة وهو ما جعل النقاش العام بين أعضاء اللجنة ينحصر في الحديث حول أسباب مطالب التسريع في عرض مشروع القانون من قبل الحكومة، خصوصا وأنه يجب المصادقة على قانون الأحكام المشتركة للهيئات الدستورية في نفس الفترة التي سيعرض فيها مشروع القانون، على غرار أنه لا يتوافق مع مقتضيات الدستور. هذا الأمر جعل عديد النواب يطالبون بضرورة تدارس مشروع القانون بروية لارتباطه بعديد المشاريع الأخرى، خصوصا في ما يتعلق بصلاحيات الهيئة في ظل وجود عديد التخوفات من الحد في صلاحيات الهيئة.

كما تطرق بعض النواب إلى دور الهيئة التي اعتبروها تتمتع بعديد الصلاحيات الهامة، حيث ينحصر دورها في التقصي و لا يتعارض مع دور القضاء، ويدخل كذلك في السياسات العامة لمكافحة الفساد.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115