في سابقة من نوعها، صوتت الجلسة العامة على فصل من مشروع قانون يتعلق بمنح ضمان الدولة لقرض تكميلي لتمويل مشروع تطهير تونس الشمالية، ثم يتم إلغاء نتيجة التصويت لعدم توفر النصاب القانوني، حيث كانت النتيجة 70 مع، 8 محتفظ، 1ضد. هذه النتيجة تجعل هذا الفصل مرفوضا من قبل الجلسة العامة إذ أن الأغلبية اللازمة لتمرير مشروع القانون تتطلب على الأقلّ 73 صوتا. ولكن في المقابل، قرّرت النائبة الثانية لرئيس المجلس فوزية بن فضة عدم الإعلان عن نتائج التصويت ورفع الجلسة العامة دون تقديم أو شرح أسباب ذلك، بالرغم من أن النظام الداخلي لمجلس نواب الشعب في فصله 128 ينص على أن الإعلان عن نتائج التصويت لا يجيز التّراجع عنه.
جدل بين المعارضة والائتلاف الحاكم
أثار هذا القرار جدلا في صفوف العديد من النواب الذين طالبوها بالإعلان عن نتائج التصويت قبل رفع الجلسة العامة، وتسببت هذه العملية في رفع الجلسة لأكثر من 3 ساعات، لتعود الجلسة العامة في المساء بتعلة أن وزير البيئة والشؤون المحلية سيقدم مقترحا تعديليا في الفصل الوحيد. وقد قال رئيس المجلس محمد الناصر أنه من الممكن إعادة التصويت باعتبار أنه لم يتم الإعلان عن نتائج التصويت ولم يتم التصويت في نفس الوقت على مشروع القانون برمته، في حين تمسكت المعارضة بموقفها، معتبرة أن السبب الرئيسي يعود إلى غياب نواب الائتلاف الحاكم عن سير الجلسة العامة.
يذكر أن مشروع القانون المذكور يتمثل في الموافقة على الاتفاق الخاص بمنح ضمان الدولة للقرض التكميلي المبرم في 30 نوفمبر 2016 بين الديوان الوطني للتطهير والبنك الدولي للانشاء والتعمير للمساهمة في تمويل مشروع تونس الشمالية المصادق عليه بـــ 93 نعم 03 إحتفاظ و03 رفض، والذي يهدف إلى تطهير تونس الشمالية وحماية الوسط الطبيعي والحد من مصادر التلوث وتحسين ظروف عيش المواطنين بنفس المنطقة. كما سيمكن المشروع من تقليص التأثيرات السلبية لسكب المياه المعالجة المتأتية من محطات تطهير تونس الشمالية بالوسط المتلقي على مستوى شاطئ رواد وذلك بوضع منظومة سكب للمياه المعالجة نحو المياه العميقة. كما سيساهم في توفير كميات عامة من المياه المعالجة مطابقة للمواصفات لاستغلالها بالمنطقة السقوية ببرج الطويل. مشروع القانون عرف عديد النقاشات بخصوص جودة المشاريع في محطات التطهير، والتي لا تستجيب إلى المعايير الصحية، حيث قالت النائبة محرزية العبيدي أن كل المناطق تعاني من إشكالية التطهير، في ظل عدم الالتزام بإنجاز المشاريع في الآجال المحدّدة. وبينت أنه يجب العمل على تكثيف المراقبة على المقاولين والتدقيق في انجاز المشاريع في ما يتعلق بمحطات التطهير. في المقابل، قال وزير البيئة والشؤون المحلية رياض المؤخر أن نوعية المياه المعالجة لا تستجيب للمواصفات وهذا يعود إلى محطات التطهير المهترئة، لكن هناك 970 مليون دينار استثمارات في التطهير في المخطط الخماسي 2016 - 2020، حيث من المنتظر أن يتم تغطية 30 مدينة و9 مناطق صناعية من قبل الديوان الوطني للتطهير.
خطايا مالية ضد من يضر بالطريق العام
بالعودة إلى أشغال الجلسة العامة فقد انطلقت بمناقشة مشروع قانون يتعلق بتنقيح وإتمام القانون عدد 17 لسنة 1986 المتعلق بتحوير التشريع الخاص بملك الدولة العمومي للطرقات المصادق عليه بـ119 نعم 01 إحتفاظ ودون رفض، والذي يندرج في ظل استفحال ظاهرة الاعتداءات على الملك العمومي للطرقات، وبطء الاجراءات في تعويض الأضرار عند رفع المخالفات، إلى جانب تنصيصه على العقوبة المالية في مثل هذه المخالفات باعتبار أن العقوبة السجنية لا تقدم منفعة للدولة مقارنة مع جسامة الأضرار. وتطرق نواب الشعب في النقاش العام إلى أهمية دعم الإدارات الجهوية للتجهيز بالموارد اللازمة للكشف عن الإخلالات والتجاوزات التي تقع في المشاريع، باعتبارها تعاني من عديد النقائص على مستوى الموارد البشرية.
في المقابل، قال وزير التجهيز والإسكان والتهيئة الترابية محمد صالح العرفاوي أن القانون الحالي لملك الدولة العمومي للطرقات لا يردع المخالفات الحاصلة، ولا يساهم في إيجاد الحلول للتجاوزات التي تمس الطرقات العمومية، بالاضافة إلى أن الخطايا الحالية لا تتناسب مع مبدأ ملاءمة الخطايا مع العقوبات ولا تمثل وسيلة ردعية فعلية. وبين أن القانون المقترح يتضمن ترفيعا في الخطايا المالية المضمنة في القانون الحالي الى جانب الغاء العقوبات الجزائية، والعمل على تشديد العقوبات وتمكين الأعوان من إلزام المخالفين لدفع الخطايا، على غرار أنه يتضمن تخفيضا في مقدار العقوبة المالية بنسبة 75 %في صورة دفعها في آجال لا تتجاوز 15 يوما.
المصادقة على اتفاقيات
كما صادقت الجلسة العامة على مشروع القانون المتعلق بالموافقة على اتفاقية الضمان المبرمة في 13 فيفري 2017 بين حكومة الجمهوية التونسية ومجموعة من البنوك الأجنبية والمتعلقة بالقرض المسند لفائدة الشركة التونسية للكهرباء والغاز والخاص بتمويل مشروع إنجاز محطة توليد الكهرباء بالتربينتين الغازيتين ببوشمة، بــ94 نعم 04 إحتفاظ و10 رفض. هذا وقد انتقد النواب هذه الصفقة كالنائبين الصحبي بن فرج وغازي الشواشي الذين اعتبروا أن الصفقة الحالية تم التلاعب بها حيث انحصرت في شركة وحيدة، مطالبين بضرورة فتح تحقيق مالي واداري فيما يخص الصفقة المتعلقة بانجاز مشروع مولدات الكهرباء. هذا وقد تطرقت وزيرة الطاقة والمناجم والطاقات المتجددة هالة شيخ روحو إلى وضعية شركة الكهرباء والغاز التي تمر بصعوبات وجب تداركها، مشيرة إلى أن البلاد التونسية لا تملك قدرة احتياطية وهو ما يتسبب في انقطاع، لذلك يجب التسريع في انجاز المحطات لضرورة توفير احتياطات الكهرباء. كما تمت المصادقة على مشروع قانون يتعلق بالموافقة على اتفاقية القرض المبرمة بتاريخ 28 نوفمبر 2017 بين حكومة الجمهورية التونسية والوكالة الفرنسية للتنمية لتمويل برنامج التأقلم مع المتغيرات المناخية بالمناطق الريفية. ويهدف البرنامج إلى المساهمة في التنمية المستدامة والتأقلم مع تغير المناخ في المناطق الريفية الهشة، وجعل الأطراف المحلية والجهوية والمركزية الفاعلة قادرة على تحديد وتنفيذ السياسات والاستراتيجيات وضبط مشاريع مندمجة للتصرف في الموارد الطبيعية في مناطق التدخل ذات الأولوية.
استكمال جدول الأعمال
كما ناقشت الجلسة العامة مشروع القانون المتعلق بالموافقة على اتفاق القرض المبرم بتاريخ 30 نوفمبر 2017 بين حكومة الجمهورية التونسية والبنك الافريقي للتنمية والخاص بالمساهمة في تمويل برنامج تزويد المناطق الريفية بالماء الصالح للشراب، حيث يهدف المشروع إلى تحسين ظروف عيش المتساكنين بالمناطق الريفية والمقدر عددهم قرابة 418000 في 20 ولاية، من خلال تأمين التزود بالماء الصالح للشراب ودعم البنية التحتية. هذا وتتواصل الجلسة العامة إلى غاية ساعة متأخرة من ليلة أمس من أجل استكمال جملة من مشاريع القوانين.