في إطار البرنامج الجديد لمجلس نواب الشعب من أجل تذليل الصعوبات على مستوى المشاكل التنموية في مختلف جهات الجمهورية، انطلقت الجلسة العامة يوم أمس بمناقشة تقرير لجنة التنمية الجهوية لولايات الشمال الغربي عقب الزيارات الميدانية التي آداها أعضاء اللجنة، وذلك بحضور كل من وزراء المالية، لتنمية والاستثمار والتعاون الدولي، الطاقة والمناجم والطاقات المتجددة، الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري، التجهيز والإسكان والتهيئة الترابية، الصحة، التكوين المهني والتشغيل، بالإضافة إلى الولاة والمسؤولين الجهويين.
جلسة «فولكور»..
الجلسة العامة عرفت عديد الانتقادات باعتبارها جلسة صورية حتى أن النائب مراد الحمايدي وصفها بجلسة «فولكلور»، خصوصا وان الحكومة استمعت في أكثر من مناسبة إلى مشاكل الجهات من خلال تدخلات النواب إلا أنها لم تحرك ساكنا، مشيرا إلى أنه دائما ما يتم التضحية بالولاة والمعتمدين من خلال الإقالة والتغيير بالرغم من أنهم يعيشون صعوبات عملية. الجلسة العامة بدت غير قادرة عن حل مشاكل الجهات المهمشة في ظل غياب الإرادة السياسية، حتى أن البعض من النواب اعتبر أن الجلسة العامة ستخدع المواطنين بخطابات رنانة.
الجدوى من جلسة العامة والفرق بين مناقشة قوانين الميزانية أو بقية القوانين وهذا التقرير، مسألة طرحها عدد كبير من نواب الشعب باعتبار ان المؤسسة التشريعية طالما ناقشت مشاكل الجهات إلا أنه ليس هناك اية قرارات تم اتخاذها في هذا المجال. حيث تساءل النائب عن كتلة مشروع تونس صلاح البرقاوي عن الفائدة من حضور الإطارات الجهوية خصوصا وأنه ليس لهم الحق في القاء الكلمة، حيث كان من الأفضل تركهم يعملون، إضافة الى أن التقرير لم يتطرق إلى المشاكل العميقة بل كان سطحيا. لكن في المقابل، اقترح البعض من النواب كالنائب عن كتلة حركة نداء تونس محمد الفاضل بن عمران أنه يجب استغلال الجلسة العامة في مناقشة مشروع مخطط التنمية، باعتبار أنه سيتم التطرق إلى نفس المواضيع وحتى لا يتم إعادة نفس المواضيع. وبين بن عمران أنه يصعب تنفيذ كل المقترحات التي سيتم تداولها في الجلسة، وهو ما تم التطرق إليه في مناقشة قانون المالية لسنة 2017.
معضلة القطاع الفلاحي والتنمية
التقرير الذي تم عرضه في بداية الجلسة العامة حمل المحاور الكبرى والنقائص التي تعاني منها تلك المناطق خصوصا في ما يتعلق بالمشاريع المعطلة والبرامج التنموية، حيث اعتبر رئيس مجلس نواب الشعب من خلال كلمة ألقاها في افتتاح الجلسة أن هذه الجلسة مميزة ولأول مرة يتطرق فيها المجلس إلى الأوضاع التنموية والاجتماعية في الجهات، مشيرا إلى أنه سيتم تخصيص جلسة كل شهر تتناول في كل مناسبة مجموعة من الجهات حسب المناطق. وبين الناصر أن هذا العمل المكرس للجهات لا ينحصر في تشخيص المشاغل والصعوبات في المجالين التنموي والاجتماعي بل إنه يشكل جانبا مهما من عملية معالجتها ميدانيا بالتعاون مع كل هياكل الدولة.
النقاش العام بين نواب الشعب انحصر بالأساس بين النواب عن ولايات جندوبة والكاف وسليانة وباجة، حيث تطرق كل نائب إلى مشاكل جهته حسب القطاعات. وفي هذا الإطار، تحدث النائب عن حركة النهضة أحمد المشرقي عن المشاكل التي تعاني منها ولاية جندوبة خصوصا في القطاع الفلاحي، حيث أكد أنه يجب على الحكومة أن تتخذ قرارات عاجلة على إثر هذه الجلسة العامة المخصصة للنظر في مشاغل الجهات. وبين المشرقي أنه توجد 40 ألف هكتار، منها 19 ألف فقط سقوية، بالرغم من أن ولاية جندوبة تعتبر منطقة مائية، مشيرا إلى ضرورة التفكير في إيجاد الحلول العاجلة لمنظومة الحليب في الولاية داعيا في ذلك وزير الفلاحة للقيام بزيارة ميدانية للوقوف على واقع الضيعات المهملة. كما بين أنه يجب العمل على زرع 4 ألاف هكتار من اللفت السكري في جندوبة والعمل على إدماج الأهالي المتواجدين في المناطق الغابية من أجل القيام بأنشطة فلاحية فيها.
توسيع صلاحيات الولاة والمعتمدين
كما تطرقت الجلسة العامة إلى وضعية ولاية باجة التي اعتبرها النواب من الولايات المهمشة وتعاني من العطش على الرغم من توفّر الثروات المائية . وقد بين النائب المستقل نور الدين بن عاشور أن ولاية باجة تعاني من نقائص بالجملة على مستوى شبكات التطهير، بالإضافة إلى غياب المؤسسات الثقافية. الشمال الغربي والذي يعتبر المحور الأساسي للجلسة العامة، حيث أوضح عدد من النواب أن هذه المناطق تعتبر ضحية الإرادة السياسية، راجين في ذلك أن تكون الجلسة بداية للقطع مع 60 سنة من الإهمال. وفي هذا الإطار، طالب عدد من النواب بضرورة القطع مع الفكر القديم الذي يجبر الوالي علىالتشاور مع الوزير قبل أخذ القرار، مع إطلاق أيادي المعتمدين أيضا للتصرف بجرأة مع الشأن العام
صعوبات تنموية في سليانة والكاف
من جهة أخرى، تطرق نواب جهة سليانة إلى المشاكل التنموية التي تعاني منها معتمديات الجهة، حيث أكد النائب عن الجبهة الشعبية الجيلاني الهمامي أنه لاتوجد مشاريع تخلق بجهة الشمال الغربي جراء الإستراتيجية المعتمدة للنهوض بها، مشيرا إلى أن ولاية سليانة لديها العديد من المناطق الغابية تضم مسالك سياحية كان من الأفضل استثمارها في مشاريع سياحية، إلى جانب ضرورة توفير مزيد من المناطق الصناعية للخروج من الأزمة. ولاية الكاف بدورها تعاني العديد من الصعوبات من بينها إمكانية غلق منجم «الجريصة» وعدم تركيز كلية طب في الولاية ، حيث طالب نواب الشعب بضرورة وضع مخطط استعجالي للمناطق الأقل حظا في التنمية. وقال النائب عن حركة نداء تونس المنجي الحرباوي أن هناك العديد من المصانع في ولاية الكاف تم غلقها، حيث أن الوضع في الولاية يستدعي خطة وطنية شاملة، بالإضافة إلى التسريع في إنجاز المناطق الصناعية المبرمجة بالسرس وتاجروين.
البرامج ضمن المخطط التنموي
وبعد يوم كامل من النقاش العام، جاء دور أعضاء الحكومة من أجل تقديم الحلول والمقترحات والبرامج المخصصة للجهات. لكن أجوبة الوزراء جاءت مقتضبة باعتبار أن أغلب الحلول موجودة ضمن مخطط التنمية، حيث بينت وزيرة المالية لمياء الزريبي ووزير التنمية والاستثمار الفاضل عبد الكافي أن كافة البرامج موجودة ضمن المخطط التنموي المحال على أنظار مجلس نواب الشعب. وجاء تصريح وزيرة الطاقة والمناجم هالة شيخ روحو شبيها كذلك بالتصريحات السابقة، حيث بينت أن برامج ربط مناطق الشمال الغربي بالغاز الطبيعي تم تضمينها في المخطط التنموي. ردود الوزراء لم تأت بالجديد باعتبار أن طرحها تم في جلسات الاستماع في اللجان أو في مناقشة مشاريع القوانين، وهو ما جعل الحضور في الجلسة العامة يتقلص من حين إلى آخر.