إحداث لجنة تحقيق في شبهة الفساد الإداري والمالي لرئيسة هيئة الحقيقة والكرامة: في ظل غياب القانون المؤطر لها، هل تتمكن اللجنة من انجاز مهامها ؟

من المنتظر أن يصادق مجلس نواب الشعب خلال الأسبوع القادم على إحداث لجنة تحقيق للنظر في شبهة الفساد الإداري والمالي لرئيسة هيئة الحقيقة والكرامة، إلا أن تجربة لجان التحقيق عرفت عديد الصعوبات العملية وهو ما جعل المؤسسة البرلمانية تناقش مشروعي قانون

يتعلقان باللجان البرلمانية والتحقيق، بالرغم من أن مهامها مضبوطة في النظام الداخلي للمجلس.

يعقد مجلس نواب الشعب يومي الثلاثاء والاربعاء جلستين عامتين، من أجل التصويت على تجديد ثلث أعضاء مجلس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، وذلك بعد تأجيلها بداية الأسبوع نتيجة غياب نواب الشعب عن الجلسة العامة. كما أنه من المنتظر أن تصادق الجلسة العامة على إحداث لجنة تحقيق للنظر في شبهة الفساد الإداري والمالي لرئيسة هيئة الحقيقة والكرامة وذلك حسب مقتضيات الفصل 97 من النظام الداخلي للمجلس، وقد جاء مطلب تشكيل لجنة تحقيق من قبل 60 نائبا أغلبهم من كتلة حركة نداء تونس خلال الجلسة العامة المخصصة للمصادقة على ميزانية الهيئة نهاية السنة الفارطة.

علاقة جدلية مع الهيئات الدستورية
وينص النظام الداخلي لمجلس نواب الشعب في الباب المتعلق بلجان التحقيق على انه يمكن للمجلس بطلب من ربع الأعضاء على الأقل إحداث لجان، على أن تتم المصادقة عليها بأغلبية الحاضرين وان لا يقل عدد الموافقين عن الثلث. ثم تعد كل لجنة تحقيق عند اختتام أعمالها تقريرا في الغرض ترفعه إلى مكتب المجلس الذي يعرضه وجوبا على الجلسة العامة لمناقشته، وبذلك تنحل آليا هذه اللجنة بعد عرض تقريرها على الجلسة، ما لم تقرر الجلسة مواصلة لجنة التحقيق لعملها في اتجاه مزيد التدقيق والبحث.
علاقة مجلس نواب الشعب بالهيئات الدستورية، كثيرا ما عرف عديد الصراعات والخلافات، خصوصا على مستوى تجديد الأعضاء أو في سد الشغور، حيث مر أكثر من سنة على الآجال المحددة لتجديد ثلاثة أعضاء من مجلس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، بالإضافة إلى عدم تمكن المجلس كذلك من إيجاد حل لسد الشغور صلب هيئة الحقيقة والكرامة.

مدى نجاعة أعمال لجان التحقيق
طلب تشكيل لجنة خاصة أو لجنة تحقيق لم يكن للمرة الأولى، إلا أنه تمت المصادقة عليه هذه المرة، في ظل كثرة الخلافات صلب الهيئة نفسها خصوصا في ما يتعلق بملف العضو زهير مخلوف، الذي أرسل بدوره وثيقة للمجلس بخصوص شبهات فساد مالي بالهيئة،

وتؤكد خرق بن سدرين للقانون العام والقانون الأساسي للهيئة في بعض المصاريف المالية.
لكن في المقابل، يكمن الإشكال في مدى نجاعة لجنة التحقيق والتي ستكون حسب التمثيل النسبي للكتل بنفس الطريقة المتعارف عليها في تشكل اللجان التشريعية بمجلس نواب الشعب. لجنة التحقيق البرلمانية، دائما ما تشهد صعوبات عملية تعسر عليها الحصول على المعلومات أو إنجاز عملها على أحسن وجه نتيجة غياب الإمكانيات أو إطار قانوني ينظمها، ولعل أبرز مثال على ذلك لجنة التحقيق البرلمانية المختصة في بحث بما يعرف بـ«وثائق باناما». وفي هذا الإطار، انطلق مجلس نواب الشعب منذ مدة من خلال لجنة النظام الداخلي والحصانة والقوانين البرلمانية والقوانين الانتخابية في مناقشة مشروعي قانون يتعلقان بتنظيم اللجان البرلمانية وبلجان التحقيق البرلمانية، حيث تم الاتفاق على دمجهما في مشروع قانون وحيد. لكن يشهد مشروع القانون المذكور جدلا واسعا صلب اللجنة خصوصا في ما يتعلق بتشكيل لجان التحقيق، فقد اختلفت أراء أعضاء اللجنة بخصوص تزامن نظر لجنة التحقيق في ملف تعهّد به القضاء. واعتبر بعضهم أن هذه المسألة تعد تدخّلا في سير أعمال القضاء، في حين رأى جانب أخر أن هذا التزامن لن يمس من استقلالية القضاء، باعتبار أن لجنة التحقيق لن تتدخل في مضمون الحكم القضائي ولن تطالب بتعديله على ضوء ما توصلت اليه.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115