لم يتمكن مجلس نواب الشعب يوم أمس من التصويت على تجديد ثلث أعضاء مجلس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، بعد غياب التوافق بين الكتل البرلمانية حول الأسماء المرشحة، بالإضافة إلى غياب النصاب في الجلسة العامة باعتبار أنه يجب توفر على الأقل 146 نائبا من أجل التصويت. غياب نواب الشعب في مفتتح الجلسة العامة، حتم على رئاسة المجلس تأجيلها في مرحلة أولى في انتظار التحاقهم بمقاعد الجلسة حيث حضر 112 نائبا فقط، إلا أن عدم توفر 146 نائبا والذي تزامن مع غياب التوافق حول الأسماء المرشحة، حتم على الجميع اللجوء إلى لجنة التوافقات وتأجيل الجلسة العامة إلى موعد لاحق.
غيابات متعمدة
بالرغم من التأخير المبالغ فيه في تجديد تركيبة مجلس الهيئة، والتي فاقت السنة، إلا أن مجلس نواب الشعب يفشل مرة أخرى في انهاء هذه المعضلة، حتى أن البعض اعتقد أن الغيابات متعمدة، نتيجة غياب التوافق حول الأسماء المرشحة، خصوصا وأن أغلب رؤساء الكتل لم يكونوا من ضمن الحاضرين، إضافة إلى أن نصف عدد الكتل الأكثر تمثيلا متغيبون. والغريب في المسألة أن أغلب الكتل لم تختر إلى حد الآن مرشحيها من ضمن القائمة المنشورة في موقع مجلس نواب الشعب، وهو ما يؤكد أن تأجيل الجلسة العامة كان مفتعلا، خصوصا وأنه لم يتم تحديد موعد ثان لها.
عملية التصويت مثلما كان متوقعا ستكون صعبة نوعا ما باعتبار أن كل مرشح يجب أن يحظى بـ 145 صوتا أي ثلثي أعضاء مجلس نواب الشعب، وهو ما يجعل الكتل البرلمانية مجبرة على اتخاذ سياسة التوافق على 3 أعضاء، وهو ما يستوجب مزيدا من الوقت من أجل التشاور. ومن المنتظر أن تنعقد عديد الاجتماعات بين رؤساء الكتل من أجل حصر التوافق حول الأسماء بعد تقديم كل كتلة الأسماء التي تراها مناسبة، بالرغم من أنه إلى حد الآن لم تتمكن كل كتلة من تحديد خياراتها.
التوافق حول الأسماء سيقتصر بين الكتل الأكثر تمثيلا خصوصا كتلتي حركة النهضة وحركة نداء تونس، وبدرجة أقل بين الجبهة الشعبية والاتحاد الوطني الحر ومشروع تونس، على عكس الكتلة الديمقراطية التي اعتبرت أنها لا تدخل في سياسة التوافق، حيث ستصوت على المرشحين حسب ما تراه مناسبا باعتماد معايير الكفاءة والاستقلالية.
مزيد الدراسة والتشاور
غياب النواب عن الجلسة العامة أثار استياء العديد من الكتل، حيث اعتبروه أمرا غير مقبول خصوصا وان هذه المسالة دائما ما تكرر باعتبار أن الحضور في أغلب الجلسات العامة لا يتجاوز 130 نائبا في أقصى الحالات. في المقابل، بحثت الكتل البرلمانية عن سبل التوافق حول المترشحين في انتظار تحديد موعد جديد للجلسة العامة، حيث قال النائب عن آفاق تونس كريم الهلالي لـ«المغرب» أن حصول كل مرشح على 146 صوتا يبدو أمرا مستحيلا، وهو ما يستوجب ضرورة التوافق بين كافة الكتل البرلمانية حول عدد من الأسماء، وذلك من خلال اعتماد جملة من المعايير والمتمثلة في البحث عن مترشح غير متحزب أو غير مسنود سياسيا مع ضرورة توفر شرطي الكفاءة والخبرة في المجال.
هذا وقد سعت الكتل البرلمانية إلى دراسة السير الذاتية للمترشحين والبالغ عددهم 20 مترشحا موزعين على ثلاثة اختصاصات تهم المحامين والاتصال وكذلك شؤون التونسيين بالخارج.