على ملابسات القضية واتخاذ موقف رسمي ضد الأطراف المورطة. مطالب الكتل اختلفت في ما بينها حتى أن البعض أبدى تخوفه من تسييس القضية ضد الحكومة، وهو ما قد يجعل قرار مكتب المجلس قرارا حذرا في تحديد نوعية الجلسة العامة والأطراف التي سيتم استدعاؤها.
تغييرات عديدة قد تطرأ على برمجة جدول أعمال مجلس نواب الشعب هذا الأسبوع، بعد الإجماع الكامل للكتل البرلمانية على المطالبة بمساءلة كل من وزراء الداخلية والشؤون الخارجية والعدل، بالرغم من وجود المطالب الأخرى المنادية بمساءلة الحكومة بأكملها. بالرغم من تشابه مطالب الكتل البرلمانية والتي تم إيداعها في مكتب الضبط من أجل مناقشتها في اجتماع مكتب المجلس، الذي سيحسم في المسألة، إلا أن مضمون المطالب اختلف من كتلة إلى أخرى. حيث طالبت كتلة حركة نداء تونس بمساءلة وزير الداخلية فقط حسب مقتضيات الفصل 105 من النظام الداخلي، في حين استغلت بعض الكتل الأخرى الفصل 147 كالكتلة الديمقراطية من أجل تصعيد القضية ومساءلة الحكومة بأكملها.
بين العلنية والسرية
كتلة حركة نداء تونس في استعمالها للفصل 105 فإن الجلسة العامة ستكون مغلقة وهو ما ترفضه المعارضة، حيث ينص الفصل 105 « للمجلس أن يعقد جلسة مغلقة بطلب من رئيسه أومن رئيس كتلة أو من سبعة أعضاء على الأقل أو من عضو الحكومة وذلك بموافقة ثلاثة أخماس الأعضاء. لا يحضر الجلسة العامة المغلقة إلا الأعضاء والكاتب العام للمجلس أو من ينوبه ومن يأذن لهم مكتب المجلس بذلك. وفي هذه الحالة، لا يجوز لغير الأعضاء الاطلاع على محضر الجلسة إلا بإذن من رئيس المجلس. وتستثنى من طلب جعل الجلسات مغلقة الجلسات المتعلقة بالمصادقة على مشاريع القوانين. يلتزم أعضاء المجلس و الحاضرون بحفظ سرية المداولات». في حين أن مطلب الكتلة الديمقراطية يندرج ضمن باب الحوارات مع الحكومة في إطار العمل الرقابي حيث ينص الفصل 147 « يخصّص المجلس جلسة للحوار مع أعضاء الحكومة حول التوجهات العام والسياسات القطاعية مرة كل شهر وكلما دعت الحاجة بطلب من المكتب أو بأغلبية أعضاء المجلس. تفتتح جلسات الحوار بعرض يقدمه عضو الحكومة، ثم يتولى الإجابة عن أسئلة الأعضاء تباعا وله حق طلب إمهاله لإعداد الردود».
التنسيق مع الهيئات البرلمانية الدولية والإقليمية
من جهة أخرى، لم تقتصر مطالب الكتل البرلمانية على مساءلة الحكومة أو وزرائها، بل تطورت إلى حد تدويل القضية واستغلال نفوذ البرلمان في الخارج من أجل محاسبة منفذي الجريمة. حيث سعت كتلة حركة النهضة الى الرفع من سقف المطالب من خلال دعوتها مباشرة رئيس مجلس نواب الشعب محمد الناصر ومكتب المجلس وكل الكتل والنواب إلى اتخاذ موقف صريح لما اعتبرته الحركة اعتداء سافرا أستهدف تونسيا وانتهاكا لسيادة البلاد وأمنها. ودعت الكتلة إلى مساءلة أعضاء الحكومة المعنيين أي وزراء العدل والداخلية والشؤون الخارجية، من أجل توضيح ملابسات القضية واتخاذ موقف رسمي ضد الأطراف المتورطة في عملية الاغتيال.
مجلس نواب الشعب من المنتظر أن يصعد المسألة على المستوى الدولي، بعد أن أكد مختلف النواب على ضرورة التنسيق مع الهيئات البرلمانية الدولية والإقليمية ومع كل البرلمانات الشقيقة والصديقة لاتخاذ إجراءات عقابية ضد الكيان الصهيوني. مواقف الكتل البرلمانية وإن اختلفت في مضمونها وحدة خطابها وسقف مطالبها، إلا أنها أجمعت على ضرورة تدويل القضية، وعدم السكوت على ما وصف بانتهاك السيادة الوطنية. وقد حملت كتلة الجبهة الشعبية المسؤولية للائتلاف الحاكم والحكومة وبالتحديد وزير الداخلية، منبهة في ذلك لما وصلت إليه حالة التطبيع الفعلي للحكومات المتعاقبة وصولا لهذا الائتلاف الحاكم مع الكيان الصهيوني.
الجبهة الشعبية استغلت المسألة بدورها من أجل إبراز أهمية المبادرة التشريعية التي كانت قد أودعتها منذ نوفمبر 2015، والمتعلقة بتجريم التطبيع مع إسرائيل، إلا أنه لم يتم مناقشتها إلى حد الآن. لكن هذه الحادثة قد تستغلها بعض الكتل من أجل الضغط على مكتب مجلس نواب الشعب لوضعها ضمن أولويات اللجنة المختصة للنظر فيها ومناقشتها. لكن في المقابل، فقد أبرزت بعض الكتل تخوفاتها من تسييس القضية ككتلة حركة مشروع تونس على سبيل المثال من خلال تصريح النائب صلاح البرقاوي الذي بين أن الهدف من الجلسة مراجعة الاخلالات الأمنية والسياسات العامة، وليس في علاقة بتجريم التطبيع من عدمه أو ضرب الحكومة.
إحراج سياسي
مساءلة الحكومة من قبل مجلس نواب الشعب في هذا الوقت بالذات وقبل مدة قليلة من بلوغها 100 يوم منذ تركيزها قد تضعها في إحراج سياسي كانت قد تجاوزته في مناقشة ميزانية الدولة لسنة 2017 وقانون المالية، خصوصا وأن كلا من كتلة الاتحاد الوطني الحر والكتلة الديمقراطية قد أكدتا مسؤولية الحكومة في هذه العملية بالإضافة إلى المطالبة بتوضيحات حول قيام صحفي إسرائيلي بعمل صحفي في الأراضي التونسية وأمام منزل الشهيد بالتزامن مع ثبوت تورط إسرائيل في عملية الاغتيال. وقد طالبت الكتلتان رئاسة الحكومة ووزيري الداخلية والعدل بضرورة فتح تحقيق إداري وقضائي يفضي إلى تحديد المسؤوليات لما اعتبرته اختراقا أمنيا، مطالبين رئاسة الجمهورية بإصدار موقف رسمي وصريح تجاه الجهات الخارجية المورطة في الجريمة.
تحديد الجلسة العامة
حادثة الاغتيال وتورط الكيان الصهيوني، جعلت استقالة المدير العام للأمن العمومي عبد الرحمان الحاج علي تطرح عديد التساؤلات وهو ما جعل الاتحاد الوطني الحر يطالب بتوضيح المسألة في أقرب وقت ممكن وعدم تعويم أسباب الاستقالة خصوصا وأن المؤسسة الأمنية خلال أكثر من سنة نجحت في بسط الأمن على جميع المستويات.
مطالب الكتل البرلمانية يبدو أنها تتجه نحو القبول، خصوصا بعد تأكيد رئيس مجلس نواب الشعب محمد الناصر على هامش افتتاح أشغال الأكاديمية البرلمانية للمجلس أنه سيتم عقد جلسة عامة خاصة باغتيال الشهيد محمد الزواري، على أن تحدد في اجتماع مكتب المجلس الذي قد يجتمع اليوم بصفة استثنائية. إلا أن نوعية الجلسة العامة إما أن تكون سرية أو علنية تبقى غير محددة بالإضافة إلى الجهة التي سيتم الاستماع إليها.
بهدف تطوير عمل مجلس نواب الشعب
رئيس المجلس يفتتح الأكاديمية البرلمانية
تم افتتاح الأكاديمية البرلمانية يوم أمس بالمبنى الفرعي لمجلس نواب الشعب أي مقر مجلس المستشارين سابقا، من قبل رئيس المجلس محمد الناصر بحضور نواب الشعب و ممثل البرنامج الإنمائي لمنظمة الأمم المتحدة، بالإضافة إلى ممثل مؤسسة Hans Seidel الألمانية. وقال محمد الناصر في كلمة افتتاحية أن الأكاديمية البرلمانية تهدف إلى تطوير أداء العمل البرلماني في المجالين التشريعي والرقابي عبر تعزيز قدرات أعضائه، مشيرا إلى أن أعمالها تتمحور حول تقديم المساندة المستمرة للعمل النيابي من خلال دعم وتعزيز قدرات أعضاء المجلس ومستشاريه وإطاراته الإدارية في المجال التشريعي والرقابي والتمثيلي والدبلوماسي والاتصالي. وأضاف أن عمل الأكاديمية سيتطور تدريجيا ليشمل مجالات مستحدثة مثل تطوير أداء العمل البرلماني في المجال الدبلوماسي وفي المجال الاتصالي وتطوير التواصل داخل المجلس من ناحية وبين المجلس وكل مكونات محيطه الاجتماعي والوطني من ناحية أخرى.