مجلس نواب الشعب ينظّم يوما دراسيا برلمانيا حول "البنك المركزي التونسي"

نظّم مجلس نواب الشعب صباح اليوم الأربعاء 01 نوفمبر2023 بمبادرة من الأكاديمية البرلمانية، يوما دراسيا

برلمانيا حول "البنك المركزي التونسي" أشرف عليه ابراهيم بودربالة رئيس مجلس نواب الشعب، وحضره مروان العباسي محافظ البنك المركزي وممثلين عن عديد المؤسسات البنكية والماليّة، إلى جانب عدد هام من النواب.

وافتتح رئيس مجلس نواب الشعب هذا اليوم الدّراسي، مرحبا بالسيد محافظ البنك المركزي ومثمّنا حضوره، كما بيّن الدور الجوهري للبنك المركزي في نحت السياسات النقدية التي تضمن مصالح تونس وفق رؤية تتماهى مع الظروف الدّاخلية والخارجيّة والمتغيّرات الاقليمية.

وقدّم مروان العباسي محافظ البنك المركزي مداخلة حول تطوّر الظرف الاقتصادي والمالي الوطني والسياسات المتبعة من قبل البنك. واستعرض أسباب الوضع الاقتصادي الحالي وأهمّها تواتر الصدمات الداخليّة والخارجيّة على الاقتصاد الوطني منذ 2011 بدءا بالثورة وصولا إلى الجفاف وشحّ الموارد المائيّة مرورا بالأعمال الارهابية والاغتيالات السياسيّة وجائحة كوفيد والحرب الروسية الأوكرانيّة. وابرز تأثير كلّ هذه الصدمات على قيمة السندات التونسيّة في الأسواق العالميّة.

وتطرّق محافظ البنك المركزي إلى العوامل المؤثرة على النمو الاقتصادي في سنة 2023 حيث ذكر بانخفاض الإنتاج الفلاحي، وضعف نسبة النمو المتوقعة في منطقة الأورو، بالإضافة إلى استمرار الصعوبات التي يواجهها قطاع المحروقات. وبيّن في هذا السياق أن ضعف النشاط الاقتصادي ولاسيما في القطاعات الاستراتيجيّة يمثّل عائقا للنمو والتوازنات الخارجيّة والماليّة.

كما قدّم مجموعة من المؤشرات في علاقة بالظرف الوطني، وهي تعطّل محركات الإنتاج والاستثمار، وعجز الميزانيّة بـ6% ، وعجز جاري بـ8%، ودين عمومي بـ80% ، إلى جانب عجز الدولة عن تعبئة الموارد الخارجيّة اللّازمة، ولجوئها للاقتراض.

هذا وعرض محافظ البنك المركزي خارطة المخاطر الاقتصادية الكليّة، ومن أبرز مؤشّراتها تباطؤ طلب القروض من قبل الشركات والأفراد وهو ما يعكس مناخ عدم الثقة والترقّب، واتساع الفجوة بين الاقتراض والودائع للمؤسسات العموميّة إلى قرابة 8 مليار دولار، ومديونيّة الدولة والشركات العموميّة لدى القطاع البنكي.

وأشار في المقابل إلى وجود تراجع ملحوظ للعجز التجاري خلال الأشهر التسعة الأولى من سنة 2023، وتحسّن تدريجي للنشاط السياحي وقطاع الخدمات. كما أكد وجود تحكّم في التضخّم باعتباره بصدد الانخفاض وسيتواصل ذلك خلال الفترة القادمة. وبيّن في هذا الصّدد أن إجراءات الرفع في قيمة الفائدة المديرية بدأت تؤتي أكلها ، موضحا علاقة الترابط بين نسبة التضخّم ونسبة الفائدة المديريّة.

وفي سياق متّصل، تطرّق إلى تطوّر الإطار التشريعي المنظّم لمهام البنك المركزي التونسي في مجال السياسة النقديّة. وبيّن أنه تمّ في 2006 اتخاذ قرار عدم تمويل الخزينة العموميّة، مشيرا إلى أن لجوء الدولة للاقتراض من البنك المركزي كان قبل ذلك ظرفياّ ومحدودا.
وأقرّ محافظ البنك المركزي من ناحية أخرى بوجود جهود لتطوير المنظومة داخل البنك، وذلك عبر وضع مخططين استراتيجيين بهدف الحفاظ على الاستقرار النّقدي والمساهمة في الاستقرار المالي لتدعيم نمو شمولي ومستدام.

وخلال النقاش العام تساءل النواب حول أولويات البنك المركزي وتوجّهاته العامة في علاقة بالسياسة النقدية ودوره في إنعاش الاقتصاد الوطني. كما تطرّقوا الى أهم التشريعات التي تستوجبها المرحلة مؤكّدين أهمية تسريع سنّ قانون الصرف وامكانية تغيير العملة لمواجهه السوق الموازية. وعبروا عن الحاجة الاكيدة الى تنقيح الفصل 411 من المجلة التجارية المنظمة لعملية اصدار الشيك وسن إجراءات بديلة لإدماج المؤسسات الصغرى والمتوسطة في دورة الاقتصاد الحقيقي باعتبارها تحتل 90 بالمائة من النسيج الاقتصادي.

وتمّ التساؤل كذلك حول دور البنوك في تحفيز الاستثمار وازالة العراقيل امام المستثمرين خاصة منها المتعلقة بالشروط المجحفة للحصول على القروض الى جانب البيروقراطية الإدارية في المعاملات المالية.

واستفسروا كذلك عن إمكانية سنّ قانون لتخفيض الفوائد الربحية للبنوك. وطرحوا في سياق متصل مشاغل المواطنين واستفساراتهم حول تكثيف الاقتطاعات على الحسابات البنكية وارتفاع قيمة الاداءات الموظفة على التحويلات البنكية أو غلق الحسابات أو كذاك الانتفاع بالبطاقة البنكية . ودعوا البنك المركزي الى مراجعة هذه المسائل بجدية وتكثيف الرقابة على البنوك وحثّها على تعريف المواطن ببعض قوانين المنظومة البنكية.

كما أبرزوا أهمية دعم خطوط التمويل لا سيما فيما يتعلق بالقطاع الفلاحي والسياحي باعتبار ان المساعي الجارية لإنقاذ الموسم غير كافية.

وفي سياق متصل تطرّق النواب الى خطوط التمويل التي تقدّمها بعض المؤسسات المالية المانحة للمؤسسات الصغرى والمتوسطة واكّدوا أهمية مراقبتها متسائلين حول الدور الرقابي والتعديلي التي يقوم به البنك المركزي في علاقة بالمؤسسات المالية ودوره في الإفصاح والمساءلة.

وبيّن بعض النواب أن البنوك التجارية تلعب دور الوساطة بين الدولة والبنك المركزي بما يحقّق لها أرباحا خيالية ، مشيرين الى إمكانية تأثير ذلك على استقلالية البنك المركزي.
وفي تعقيبه على مداخلات النواب ثمّن محافظ البنك المركزي مستوى النقاش معتبرا انه شفاف وايجابي ومؤكدا أهمية توضيح الرؤية في مجال المنظومة البنكية والسياسة النقدية.
وأكّد أن البنك المركزي يعمل بطريقة استراتيجية وفق خطط عمل واضحة تتماشى مع خصوصية الظرفية الحالية، مبيّنا أن تخطي الصعوبات الاقتصادية خلال أزمة كوفيد بأقل التكاليف خير دليل على ذلك.
وبخصوص القطاع البنكي وأرباح البنوك بيّن أن 40 بالمائة منها موجه للدولة، وانه ليست كل البنوك تحقق أرباحا. وأشار الى الارتفاع المشط لمعاليم الخدمات البنكية، مبيّنا أن البنك بصدد وضع اللّمسات الأخيرة لإعداد منشور ينظّم التعريفات في هذا المجال.

وفيما يتعلّق بمسالة تغيير العملة أوضح أن العملية تتطلّب تكنولوجيات متطوّرة لتجنب مخاطر ضرب العملة كما تستغرق عملية الطبع وقتا طويلا . وأكّد ان تغيير العملة ممكن ، لكن تبقى الأولويات الحالية متمثلة في تحفيز المعاملات المالية عبر الدفع الالكتروني.
وأشار الى انه يتم اعداد مشروع قانون يتعلق بدعم الادماج المالي لعرضه قريبا على مجلس نواب الشعب ، وسيتضمن عديد الإصلاحات المتعلقة بالنقلة النوعية في الرقمنة ومسألة فتح الحسابات بالعملة الصعبة، متوقعا ان تكون لتونس
منظومة جديدة للدفوعات مع بلوغ سنة 2026.

وأشار محافظ البنك المركزي الى وجود مشكل اتصالي على مستوى التعامل البنكي والى غياب الحملات التحسيسية للتعريف بأهمية استعمال الرقمنة في المنظومات المالية لا سيما تحفيز الدفع الالكتروني. واعتبر في ختام تدخله أن تونس ستتجاوز الصعوبات الاقتصادية الحالية، مؤكّدا أن الوضع يتطلب الجلوس على طاولة الحوار وتظافر جهود جميع الأطراف المعنية.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115