مراقبـون : تواصل العزوف ومسّ من الشفافية

خلصت شبكة مراقبون في تقريرها اليوم 30 جانفي 2023 الى أن الدورة الثانية للانتخابات التشريعية عرفت العديد من الاخلالات والنقائص التي مست الجانب الترتيبي والاتصالي.

كما كانت الحملة الانتخابية باهتة وذات نسق ضعيف على غرار الدورة الأولى. إضافة الى ذلك، شهد يوم الاقتراع سابقة خطيرة تتمثل في حجب عددٍ من رؤساء مكاتب الاقتراع المعطيات المتعلقة بعدد المقترعين عن منظمات المجتمع المدني والصحفيين. ختاما، لم تتطور نسبة المشاركة مقارنة بالدورة الأولى حيث بقيت مستقرة في حدود 11،34% (مع هامش خطأ ± 0,8%).

بشكل إجمالي اعتبرت مراقبون أن المسار الانتخابي خرق ومنذ انطلاقه المبادئ الأساسية التي تقوم عليها كل عملية انتخابية من مساواة وشفافية واستقلالية ومقروئية. وقد تعددت مظاهر هذا الخرق التي شملت الإطار القانوني ببعديه الشكلي المتعلق بطريقة وضعه الانفرادية أو المضموني المتعلق بالأحكام الجديدة التي جاء بها والماسة بأهم المبادئ الانتخابية. كما شهد الدور الأول أداء ضعيفا واشرافا مرتبكا لمختلف مراحل المسار، بالإضافة الى الديناميكية الانتخابية الضعيفة ونسبة العزوف القياسية.
شكليا دور ثان وفعليا دور أول مكرّر: لئن كانت انتخابات 29 جانفي من الناحية القانونية دورة ثانية لاستكمال الدورة الأولى للانتخابات التشريعية، الا أنها تمثل فعليا دورا أولا مكررا. حيث لم يفز سوى 23 مترشحا بمقاعد خلال الدور الأول، موزعة بين 13 مقعدا عن طريق التصويت و10 مقاعد بصفة آلية نظرا لوجود مترشح وحيد، كما كانت 7 دوائر انتخابية (كلها بالخراج) معفاة من الانتخابات بحكم عدم وجود أي مترشح بها. كنتيجة لذلك، غطت الدورة الثانية للانتخابات 131 دائرة انتخابية من اجمالي 154 دائرة انتخابية معنية بعملية الاقتراع، أي الأغلبية الساحقة للدوائر الانتخابية.
إطار ترتيبي منقوص: لم يعرف الإطار المنظم للدور الثاني تغييرات تذكر مقارنة بالدور الأول، حيث لم تصدر الهيئة سوى 4 قرارات موزعة بين قرارين يتعلقان بمسائل متصلة بالآجال الخاصة باعتماد الملاحظين الدوليين والأجانب (القرار عدد 1 لسنة 2023) وممثلي المترشحين (القرار عدد 2 لسنة 2023)، وقرار يتعلق بالمحافظة على نفس السقف الجملي للإنفاق الخاص بالدور الأول دون إمكانية الجمع بينهما (القرار عدد 5 لسنة 2023). أما القرار الرابع فيتعلق بتحديد روزنامة الدورة الثانية للانتخابات التشريعية.
على الرغم من ذلك، لم تصدر الهيئة أي قرار ترتيبي يتعلق بتأطير المناظرات بين المترشحين الى الدور الثاني، والتي تعتبر من أهم الإجراءات الجديدة التي اتخذتها الهيئة. حيث بقيت هذه الآلية الاتصالية الجديدة خارج دائرة القانون.
تم سابقا التأطير القانوني للمناظرات التلفزية خلال الانتخابات الرئاسية بمقتضى القرار المشترك مع الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري المؤرخ في 21 أوت 2019 والمتعلق بضبط القواعد الخاصة بتغطية الحملة الانتخابية الرئاسية والتشريعية بوسائل الإعلام والاتصال السمعي والبصري وإجراءاتها.
خطة اتصالية مرتبكة: عرف المستوى الاتصالي العديد من الإجراءات الجديدة التي أقرتها هيئة الانتخابات. حيث أعلن أعضاء مجلس الهيئة، سواء في الندوة الصحفية أو في لقاءات إعلامية، عن اتخاذ جملة من الإجراءات تهدف الى تحسين نسبة المشاركة مقارنة بالدورة الأولى. تتمثل أهم هذه الإجراءات في بعث فضاء الكتروني يهدف الى التعريف بالمترشحين وتنظيم مناظرات تلفزية بينهم واستعمال دور الشباب للتعريف أكثر ببرامج المترشحين عن طريق حلقات يشرف عليها الشباب. كما تم التأكيد على تنظيم حوارات إذاعية وتلفزية، إضافة الى اللجوء المكثف الى الارساليات القصيرة لحث الناخبين على الاقتراع. ان تعدد الآليات، المعهودة منها والجديدة والتي تهدف حسب القائمين على هيئة الانتخابات الى التعريف بالمترشحين الى الدور الثاني، الأمر الذي سيقود الى تحسين نسبة المشاركة نظرا لاعتبارهم أن عدم معرفة الناخب بالمترشحين هو من بين أهم أسباب العزوف خلال الدورة الأولى. اعتبرت شبكة مراقبون أن الجهد الاتصالي الحثيث الذي بذلته الهيئة بكل الوسائل يعاني العديد من النقائص الهامة.
حملة انتخابية باهتة: ميدانيا، لاحظت شبكة مراقبون أن الأنشطة الميدانية للحملة الانتخابية كانت اجمالا باهتة وذات نسق ضعيف على غرار الدورة الأولى. كما تم رصد غياب أي نشاط ميداني في جل المعتمديات التي لم يصعد منها أي مترشح للدور الثاني داخل دوائرهم الانتخابية. إضافة الى اقتصار أغلب البرامج والوعود والبيانات الانتخابية على البعد المحلي والجهوي ميدانيا واعلاميا.
غياب الشفافية وإتاحة المعلومة يوم الاقتراع: لئن عرف يوم الاقتراع سيرا شبه عاديا، الا أن أهم ما تم رصده يتمثل في حجب عددٍ من رؤساء مكاتب الاقتراع المعطيات المتعلقة بعدد المقترعين عن منظمات المجتمع المدني والصحفيين في أغلب الدوائر الانتخابية. يمثل هذا التعامل سابقة خطيرة في رصيد هيئة الانتخابات من زاوية خرقه الصارخ لمبدأ الشفافية وإتاحة المعلومة، مما يساهم في اهتزاز الثقة في العملية الانتخابية. كما أثر هذا التضييق بشكل مباشر على عمل مكونات المجتمع المدني.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115