والمجتمعة لمتابعة سير العملية الانتخابية ورصد مدى احترامها للمعايير الدولية المتعلقة بنزاهة الانتخابات، عن مخاوفهم حيال مشروع قانون يهدف إلى تعديل بعض أحكام القانون الأساسي عدد 16 لسنة 2014 المتعلق بالانتخابات والاستفتاء، والذي تم تقديمه من قبل مجموعة من النواب قبل أسبوعين فقط من موعد الاقتراع للانتخابات الرئاسية 2024. يسعى هذا المشروع إلى نقل اختصاص النظر في النزاعات الانتخابية من المحكمة الإدارية إلى محكمة الاستئناف بتونس، إضافةً إلى نقل مراقبة تمويل الحملات الانتخابية من محكمة المحاسبات. هذه التغييرات تثير القلق بشأن نزاهة العملية الانتخابية وتزيد من احتمالية عدم ضمان الشفافية والمساءلة.
إن توقيت هذه المبادرة التشريعية يثير تساؤلات حول دوافعها ومدى استجابتها لضرورات موضوعية. تعديل قانوني في هذه الفترة قد يُعتبر خطوة مشبوهة تهدف إلى التأثير على المسار الانتخابي لصالح أطراف معينة. كما أن استعجال النظر في مثل هذه القضايا دون إتاحة الوقت الكافي للنقاش والتشاور يطرح علامات استفهام حول مصداقية الإجراءات التشريعية في هذه المرحلة الحرجة.
في هذا الإطار، دعوا إلى إعادة النظر في هذا المقترح للأسباب التالية:
?️أولاً : تعديل القانون الانتخابي قبل أسبوعين فقط من موعد الانتخابات يُعدّ إجراءً غير مقبول يتعارض مع أفضل الممارسات لضمان انتخابات حرة ونزيهة. إن أي تغيير للقواعد الانتخابية في هذا التوقيت الحساس، قبيل يوم الاقتراع، يُعتبر انتهاكًا خطيرًا لمعايير نزاهة العملية الانتخابية ويهدد الثقة في أسس الديمقراطية.
?️ثانياً : إن قرارات الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، باعتبارها هيئة عمومية وفق ما ينص عليه الفصل الأول من قانونها الأساسي عدد 23 لسنة 2012، تُعتبر قرارات إدارية تستند إلى الأسس القانونية التي تحكم عملها. وبالتالي، فإن الطعن في هذه القرارات يجب أن يتم أمام القضاء الإداري، الذي يمتلك الخبرة اللازمة في التعامل مع هذا النوع من النزاعات. نقل هذا الاختصاص إلى القضاء العدلي ليس مجرد تغيير إجرائي، بل يمكن أن يؤدي إلى خلل في النظام القانوني ويعرّض فصل السلطات للخطر. هذا الانتقال يهدد بتشويش الحدود الفاصلة بين الاختصاصات، مما يؤثر سلبًا على فعالية وشفافية العدالة الانتخابية.
?️ثالثاً : النزاعات الانتخابية تتميز بطبيعتها الفريدة مقارنة بالنزاعات المدنية أو الجزائية، حيث تتطلب فهماً عميقاً ودقيقاً للإجراءات الانتخابية والمعايير القانونية ذات الصلة. إن المحكمة الإدارية تتمتع بخبرة متعمقة في هذا المجال، بفضل التدريب المتخصص الذي تلقاه قضاة هذه المحكمة في معالجة القضايا الانتخابية. بالمقابل، يفتقر القضاء العدلي إلى هذا النوع من التخصص والخبرة الضرورية، مما يجعل تحويل هذه القضايا إلى محكمة لا تتوافر لديها الأدوات القانونية والقدرات اللازمة للتعامل معها بشكل فعّال أمراً غير مناسب. هذا التحويل قد يؤدي إلى اتخاذ قرارات غير مستندة إلى فهم دقيق لطبيعة النزاع الانتخابي، مما يهدد نزاهة العملية الانتخابية ويقوض الثقة في النظام القضائي ككل.
?️رابعاً : نقل اختصاص النظر ومراقبة تمويل الحملات الانتخابية إلى محكمة الاستئناف ينطوي على مخاطر كبيرة تتعلق بضعف الرقابة وعدم الشفافية، حيث تفتقر هذه المحكمة إلى الخبرة اللازمة في هذا المجال. كما أن عبء العمل الإضافي قد يؤدي إلى تأخير البت في القضايا، مما يؤثر سلبًا على الجداول الزمنية للانتخابات. هذه الأمور قد تؤدي إلى فقدان الثقة في نزاهة العملية الانتخابية وتعزيز الشعور بعدم العدالة، مما يستدعي ضرورة الإبقاء على هذا الاختصاص في يد جهة متخصصة مثل محكمة المحاسبات.
وأخيراً، ذكروا بما يتحملونه من مسؤولية تاريخية أمام الشعب التونسي. هذه المرحلة الدقيقة في مسار الانتقال الديمقراطي تتطلب منكم أعلى درجات الحكمة والمسؤولية. إن أي تعديل قانوني يُقرّ في هذا التوقيت قد يترك أثراً مباشراً على مستوى الثقة الشعبية في المؤسسات الانتخابية والقضائية، ومن شأنه التأثير على مسار الانتخابات ككل. إن التاريخ سيسجل هذا القرار، وسيكون عليكم الاختيار بين تعزيز مصداقية العملية الانتخابية بما يتماشى مع المعايير الدولية، أو تحمل مسؤولية أي تأثير سلبي قد ينجم عنها. نحن على يقين بأنكم تدركون أهمية الحفاظ على نزاهة هذا المسار الانتخابي الحاسم، وتعلمون أن دوركم اليوم يتطلب اتخاذ قرارات ترتقي إلى مستوى هذه المرحلة التاريخية وتطلعات الشعب في بناء ديمقراطية حقيقية ومستدامة.
الجمعيات الموقعة :
المركز التونسي المتوسطي
مرصد شاهد لمراقبة الانتخابات ودعم التحولات الانتخابية
شبكة مراقبون
ائتلاف اوفياء للديمقراطية ونزاهة الانتخابات
جمعية إبصار لثقافة وترفيه ذوي الاعاقة