حتى وان ظلّ خصمها الأول هو منجي الرحوي، عضو المكتب السياسي في حزب الوطد.
حبست الأحزاب العشرة المكونة للجبهة الشعبية أنفاسها طوال الأسبوع الفارط وظلت تراقب نتائج مؤتمر حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد وما سيسفر عنه، صعود شق الأخضر ام شق ما يطلق عليه «أسرة الشهيد» وشق «الرحوي/ البريكي»، ليتنفسوا بعدها الصعداء خصوصا حزب العمال التونسي.
مؤتمر الوطد نظرت إليه الأطراف المكونة للجبهة على انه سيكون محدّدا لمصير الجبهة، فهيمنة شق الأسرة أو شق الرحوي البريكي ينظر إليه على انه سيكون بداية لخلافات تنظيمية وسياسية بين ابرز حزبين في الجبهة، حزب الوطد وحزب العمال التونسي. ومؤشرا على ان الرحوي سيصعد في الخطاب الناقد للناطق باسم الجبهة، زعيم حزب العمال التونسي حمة الهمامي، وهذا إن تم سيكون ابرز أسباب انقسام الجبهة.
هذا يفسر لما سارع الناطق الرسمي باسم الجبهة الشعبية حمة الهمامي الى الاتصال بزياد الأخضر وتهنئته بالفوز في المؤتمر وصعود قيادات جديدة تتصف بتجنب الصدام مع قادة الجبهة وبهدوء الخطاب والاهم بالنسبة للناطق الرسمي الانضباط التنظيمي والسياسي.
فالجبهة الراغبة في توحيد خطابها تجاه حكومة يوسف الشاهد، وتوحيد سلوك نوابها الـ15 في مجلس نواب الشعب، تعتبر ان لها أعداء صلب هياكلها، وابرز من تنظر اليهم على انهم كذلك هو منجي الرحوي الذي يؤكد ان البعض في الجبهة يريده ان يغادر الجبهة بسبب خطابه الناقد، لكنه يرفض المغادرة، خصوصا وان نتائج المؤتمر ليس بالقتامة التي قد تدفعه للمغادرة.
نقد الرحوي القائم على ثنائية غياب الديمقراطية عن هياكل الجبهة و تجمد الخطاب والتمركز السياسي في خانة المعارضة المطلقة جعلتها في حالة من العزلة السياسية، في إشارة إلى مواقف عبّر عنها قادة الجبهة ومن بينها سلب صفة اليسار عن الأحزاب اليسارية التي شاركت في حكومة الشاهد.
لكن كسر هذه العزلة ممكن وفق الرحوي الذي يرغب في أن تعدل الجبهة من سياساتها وبالأساس مجلس أمناء الجبهة الذي اعتبره مؤسسة غير قادرة على الخروج بمواقف سياسية ناجعة. من هذه المواقف تخندق الجبهة في الطرف المقابل لحكومة الشاهد والأحزاب المكونة لها وانتظار فشلها لتحقيق بعض النقاط في الانتخابات البلدية وهو ما يعتبره الرحوي خطأ لأنه تم التغافل عن أن الفشل سيكون فشل تونس برمتها.
حفاظ الرحوي على خطابه الناقد المرشح للتصعيد ليطال من جديد الناطق الرسمي باسم الجبهة قابله تجاهل من قادة الجبهة، الذين نفوا ان تكون جبهتهم في عزلة واعتبروا الرحوي مجانبا للصواب ومكررا لخطابه القديم.
خطاب غير جدي غاب عنه الاستعدادات التي تعدها الجبهة لعودة سياسية قوية تشمل مخططا للتنسيق في التحركات مع الأحزاب والعائلات السياسية، إعداد جملة من النشاطات والتحركات والانطلاق في التحضيرات للانتخابات البلدية.
مقابل خطاب تجنب التصعيد مع الرحوي الذي يتكرر لدى أعضاء مجلس الأمناء، من ان الجبهة بخير والرحوي حر في ما يقوله ولكنه لا يلزمهم في شيء حتى اتهاماته بغياب الديمقراطية عن هياكل الجبهة. تتناقل الكواليس الكثير، فرض الخناق على النائب لاحتواء أية أزمة قد يثيرها وإعادة تنظيم الكتلة وممثليها في اللجان.
توجه لتجنب الصدام مع الرحوي بطريقة مباشرة او غير مباشرة، لان في ذلك صداما مع حزب الوطد الموحد، حتى وان كان الرحوي ليس في حزام قياداته الضيق، ولم تكن له الاغلبية في الانتخابات، إلا انه لا يزال يتمتع بدعم حزبه، الذي لن يخاطر بشق صفوفه اذا ما لم ينتصر للرحوي.
الرحوي الذي تعتبر ه الجبهة عنصر «تخريب» من الداخل يجب الحد من آثاره لضمان تماسك كتلتها في البرلمان ووحدة خطابها في الشارع، وهي تعد نفسها لملء غياب الكتلة الديمقراطية الاجتماعية وحزب الجمهوري والمسار عن ساحة المعارضة، واستثمار هذا الغياب لتعزيز صفوفها بعد الانتكاسة في السنتين الفارطتين، وتراجع الزخم الشعبي.
انطلاقة تعتبر ان ابتعاد كل من الرحوي وعبيد البريكي عن مقاليد توجيه سياسات حزب الوطد الموحد هي خطوتها الأولى التي ستمكن الجبهة من تجاوز الصدام الظاهر على الأقل بين حزبيها الأثقل، في انتظار أن تباشر تحركاتها السياسية والميدانية لاستكمال بقية خطوات العودة القوية.