انطلقت عشية أمس فعاليات المؤتمر الأول تحت عنوان مؤتمر الوفاء للشهيد شكري بلعيد، الذي يتواصل على امتداد ثلاثة أيام. وانطلق المؤتمر في يومه الأول حيث كان الافتتاح بقصر المؤتمرات بالعاصمة بحضور كافة قيادات الجبهة الشعبية ومكوناتها، بالإضافة إلى عدد من الأحزاب اليسارية، والشخصيات الوطنية والمنظمات الوطنية.
المؤتمر الافتتاحي للوطد الموحد كان بمثابة مهرجان خطابي بامتياز من قبل الأمناء العامين للجبهة الشعبية، الذين أطنبوا في انتقاداتهم الواسعة لحكومة الوحدة الوطنية، وتقصير السلطة في الكشف عن حقيقة الاغتيالات السياسية، بالإضافة إلى التصاريح النارية ضد الخصم السياسي للحزب والمتمثل في حركة النهضة.
غيابات بارزة...
لكن الغريب في الأمر وبالرغم من أن عنوان المؤتمر يرمز للشهيد شكري بلعيد، إلا أن أنصاره لم يكونوا من ضمن الحاضرين، ولعل أكبر غياب يتمثل في زوجة الشهيد بسمة بلعيد الخلفاوي، وعائلته الذين لم يتسلموا رمز التكريم، بالإضافة إلى غياب زوجة الشهيد محمد البراهمي، حيث تسلم زهير حمدي الرمز عوضا عنها. هذا وقد غابت كذلك الأحزاب المشاركة في حكومة الوحدة الوطنية بعد عدم دعوتها، باستثناء الحزب الجمهوري والمسار.
افتتاح المؤتمر الأول لحزب الديمقراطيين الموحد، هيمن عليه الخطاب الحاد ضد حركة النهضة والحكومة الحالية في علاقة بالاغتيالات السياسية والوضع العام في البلاد. وقال زياد لخضر الأمين العام لحزب الديمقراطيين الموحد من خلال كلمة ألقاها في افتتاح المؤتمر، أن هذا المؤتمر يعتبر المؤتمر الأول للحزب بعد عقد المؤتمر التأسيسي في هذه القاعة بحضور شكري بلعيد. واعتبر أن اغتيال الشهيد جاء في إطار مواجهته مع الإخوان المسلمين وهي حركة النهضة، وتم تأجيل المؤتمر في سنة 2014 لأننا كنا في قلب المواجهة ضد مشروع الإخوان المسلمين وهو ما أربك مسيرة البناء في الحزب.
تشريك بعض الأحزاب في الحكومة من أجل تجميل المشهد
وقد تواصلت حدة خطاب زياد لخضر مع تعالي الأصوات من قبل الأنصار الحاضرين وهي
أصوات مناهضة لحركة النهضة باتهامها بالوقوف وراء اغتيال الشهيد شكري بلعيد متهمين زعيم الحركة راشد الغنوشي بالتحديد, واعتبر لخضر أن عقد المؤتمر في هذا التوقيت بالتحديد يعتبر تحديا بامتياز. وبين أن المؤتمر ينعقد في ظرف دقيق بعد تشكيل حكومة الوحدة الوطنية، موقف «الوطد» والجبهة الشعبية من هذه الحكومة كان واضحا حيث تواصل الحكومة الالتفاف على مطالب الثورة وهي نسخة جديدة لحكومة الائتلاف بين حركتي النهضة ونداء تونس وإضافة بعد الأحزاب الأخرى التي جيء بها من أجل تجميل المشهد.
«حركة النهضة تهدد أمن تونس»
خطاب الأمين العام زياد لخضر بخصوص هذه الحكومة حمل عديد الرسائل، حيث اعتبر أن هذه الحكومة ستواصل نفس الخيارات وخضوعها لاملاءات خارجية ضد مصالح الشعب التونسي، مشيرا إلى أن موقف الجبهة صائب ومنتصر للشعب وثابت، باعتبار أن هذه الحكومة تذهب نحو مزيد التفريط في السيادة الوطنية.
كما أكدت مختلف قيادات الجبهة الشعبية على ضرورة كشف الحقيقة في الاغتيالات السياسية، باعتبار أن الوقائع الحالية كانت مخيبة للآمال إضافة إلى أن التحالف السياسي يمنع كشف الحقيقة. حيث أكد زياد لخضر أن كشف الحقيقة من شانه أن يعطي صمام الأمان لاستقرار تونس وامن شعبها، حيث لا يمكن العيش في البلاد مع حزب يدعي انه حزب مدني ويفصل الدعوي عن السياسي وهو لا يزال يمارس الازدواجية ويهدد امن تونس.
تطوير وتوسيع الجبهة الشعبية
من جهة أخرى، تطرق الافتتاح إلى أهمية الحزب داخل الجبهة الشعبية ومستقبلها ، والمردودية على الساحة السياسية، حيث اعتبرها لخضر غير مرضية ويجب العمل على تطوير العمل. لكن هذا التطوير لا يمكن أن يكون إلا من خلال الوحدة بين مكونات الجبهة الشعبية ومزيد التوسيع حسب ما بينه الناطق الرسمي باسم الجبهة الشعبية حمة الهمامي الذي أكد أن الجبهة الشعبية ستكون الحل الوحيد بعد فشل كافة الأحزاب المشاركة في مختلف الحكومات.
وفي علاقة الجبهة بالكتلة البرلمانية بمجلس نواب الشعب أكد احمد الصديق رئيس كتلة الجبهة الشعبية أن الكتلة تترجم مكونات الجبهة الشعبية التي يجب تطويرها من خلال تطوير «الوطد» الموحد وذلك بالخروج بقرارات هامة، تكون نجاعتها في المستقبل.
هذا ومن المنتظر أن تتواصل أشغال المؤتمر على امتداد اليومين القادمين بإحدى نزل منطقة برج السدرية، من أجل بلورة الوثيقة السياسية العامة، ووثيقة العمل الجبهوي، ووثيقة الجمهورية الديمقراطية الاجتماعية، بالإضافة إلى وثيقة العمل البرلماني والمهام المطروحة. كما ستخصص أشغال المؤتمر لمناقشة 20 لائحة في كافة المجالات تقريبا كاللوائح السياسية، التنظيمية، الجباية، العربية والدولية، المسائل الدينية، الصحة، الفلاحة وغيرها.
هل تتم إعادة انتخاب زياد لخضر على رأس الأمانة العامة؟
تشير المؤشرات الحالية صلب الوطد إلى إعادة انتخاب زياد لخضر أمينا عاما من جديد وذلك من قبل المكتب السياسي بعد استكمال المؤتمر حسب النظام الداخلي. ومن المنتظر أن يتم انتخاب المكتب السياسي واللجنة المركزية باعتماد عديد المعايير كمبدأ الاستمرارية وذلك يعني ضرورة تواجد جزء من التركيبة القيادية السابقة، مبدأ التجديد أي تعزيز القيادة بعناصر جديدة، مبدأ إفراد الشباب والمرأة بنسبة تواجد هامة داخل الهياكل القيادية لا تقل عن 30 %.