تركيبة المكتب التنفيذي الجديد التي ضبطت وفق فلسفة رئيس الحركة حاول فيها الغنوشي قدر المستطاع ردم الخلافات الحاصلة بين ما يسمى بالتيار الإصلاحي والتيار المحافظ حتى وإن غابت فيها القيادات الكبرى للحركة، غياب أعزاه البعض إلى الرغبة في التواجد في مواقع أخرى، مجلس الشورى، والبعض الآخر أرجعه إلى انفراد الغنوشي بسلطة التعيين والقرار، ذلك أن الخلافات التي كانت قائمة قبل المؤتمر تكمن في مطالبة بعض القيادات بضرورة انتخاب المكتب التنفيذي من طرف مجلس الشورى لا تزكيته على غرار ما تتبعه عديد الأحزاب السياسية أو المنظمات الوطنية، مسألة تمّ الحسم فيها رغم اعتراض هذه القيادات لصالح الغنوشي الذي يختار مكتبه التنفيذي ليتم فيما بعد تزكيته من المجلس، وهي من أبرز الأسباب التي خيرت فيها القيادات أن تكون خارج المكتب رغم محاولات «الشيخ» لثنيهم عن قرارهم.
الجلاصي يرى نفسه في موقع غير المواقع التنفيذية
القيادي عبد الحميد الجلاصي أكد لـ«المغرب» أنه منذ أشهر وقبل انعقاد المؤتمر العاشر للحركة كان قد صرح أن المؤتمرات هي فرصة للحركة لتقييم مساراتها وفق عمل مؤسساتها وكذلك هي فرصة للأشخاص والقيادات لتقييم أيضا مسارهم، مشيرا إلى أن له حاليا خبرة لـ30 سنة في المكتب التنفيذي للحركة، منذ أواخر الثمانينات، وتبعا لذلك ولأسباب متعددة يرى نفسه في موقع غير المواقع التنفيذية لاسيما وأنه كما سبق أن أشار إلى أنه شغل هذه المهمات لمدة 30 سنة وبذلك فإن هذه المسألة تعتبر حسب تعبيره فرصة لإتاحة المجال لقيادات أخرى لإبراز قدراتهم وكذلك فرصة لقيادات أخرى لإفادة الحركة من مواقع أخرى غير المواقع التنفيذية.
الجلاصي أوضح أيضا أن هذا الأمر قد عبّر عنه في مناسبات عديدة، قبل المؤتمر وفي المؤتمر وبعده، وأنه يرى نفسه سيفيد الحركة في مجلس الشورى أكثر منه من المكتب التنفيذي، وبالنسبة لباقي القيادات الأخرى، قال إن في العمل الحزبي العصري والمتطور، التواجد في المواقع هو نوع من التعاقدية والالتزام، فالشخص يجد نفسه أحيانا يفيد في موقع آخر غير الموقع المعروض عليه، بمعنى أن ما يقدر عليه يتحمله ومن لا يرى نفسه فيه قد يفيد الحركة والبلاد من مواقع أخرى.
خيار وليس مجاملة
عضو المكتب التنفيذي لحركة النهضة المكلف بالثقافة العجمي الوريمي كان قد صرح لـ«المغرب»، أن رئيس الحركة راشد الغنوشي يعمل على إقناع عبد الحميد الجلاصي للقبول بمهمة تنفيذية، فالموضوع هو حاليا بينهما هما الاثنين. وأضاف الوريمي أنه تمّ الاختيار على أن يكون هناك توازن بين المكتب التنفيذي ومجلس الشورى وهذا التوازن يكمن في شخص الجلاصي بالنظر إلى خبرته، مشددا على أنه حتى وإن قاوم الجلاصي جاذبية الاضطلاع بمهمة تنفيذية فإنه مع الوقت سيستجيب لذلك، مسألة اعتبرها الجلاصي شرفا له غير أنه أفاد في الوقت ذاته أن الأمر لا يمكن أن يندرج في إطار الأخذ بالخاطر والمجاملة بل هي خيارات وقناعات وقد سبق ...