في المشهد الختامي لأشغال المؤتمر العاشر لحركة النهضة، أعلن ضمنيا أنّ الصلاحيات التي منحت لرئيس الحركة، مرة أخرى، راشد الغنوشي لا تعني أن لا معارضين له ولسياسته. فالغنوشي الذي ظلّ لأربعين سنة الرجل الأول في الحركة والحاكم الفعلي لها حتى وان تخلى عن رئاستها لسنوات، أصبحت قبضته على الحركة تنفرد وتفقد تماسكها الحديدي.
ثلاث من ابرز محركي المؤتمر العاشر للنهضة يقفون على المنصة ماسكين بأيدي بعضهم البعض لأخذ الصور التذكارية والقول أن «النهضة مركب يتّسع للجميع» وفق تعبير راشد الغنوشي، رئيس حركة النهضة وهو يغالب دمع عينه المنهمر، أثناء كلمته الموجهة لـ 1200 مؤتمر، وبجواره يقف، بطول منه، كلّ من عبد الحميد الجلاصي وعبد اللطيف المكي.
هذه الصورة تختزل ما حدث في مؤتمر النهضة وتحدّد هوية الفاعلين فيه، وان غاب عن الصورة كلّ من فتحي العيادي وعلي العريض، فأشغال المؤتمر وعلى مدى يومين لم يكن جوهرها صراع على المرجعية الفكرية للحركة ولا الفصل بين الدعوي والسياسي او كما يسوق في أوساط النهضاويين «التخصّص» ولا الخيارات السياسية العامة والتفصيلية بل من يحكم قبضته على تسيير الحركة.
إذ انّ الجيل الخمسيني الملتحق بحركة النهضة في الثمانينات، بات تواقا لان يكون فاعلا في تسيير الحركة ويعدّ نفسه لمرحلة ما بعد راشد الغنوشي. رهانان يفسران تطورات الساعات الأخيرة من أشغال المؤتمر العاشر في ملفين أساسيين : المكتب التنفيذي، انتخاب رئيس الحركة.
لكن الحفاظ على آلية تعيين أعضاء المكتب التنفيذي من قبل الرئيس لم يمر بسلاسة، فلو لا «لي الذراع» والتلويح بعدم الترشح من قبل راشد الغنوشي لآل الأمر إلى غير ما هو عليه الآن، رئيس حركة يمكنه القانون الأساسي للحركة الجديد من صلاحيات واسعة تجعله صاحب المبادرة والقرار.
تدخل راشد الغنوشي، رئيس حركة النهضة، وتعديل الكفة بالترهيب جاء لإدراكه أن سحب بساط تعيين أعضاء المكتب التنفيذي سيضعه في الزاوية نسبيا في ظلّ توسع نفوذ الجيل الخمسيني المتزعم من قبل ثلاثة من قادة الحركة، فتحي العيادي، عبد الحميد الجلاصي وعبد اللطيف المكي، صاحب الانتقادات الحادة لرئيس الحركة والمدافع عن الحد من صلاحياته، عبر بوابة انتخاب أعضاء المكتب التنفيذي.
ولان أوراق اللعب باتت مكشوفة في الساعات الاخيرة للمؤتمر قرّر الكل ان يدافع عن خياره، راشد دافع عن صلاحياته من اجل تطبيق سياسته و«جرّ الحركة» الى الحقل السياسي الجديد الذي يريده لها، فصلاحياته الحالية تدّل .....