الحكومة المقترحة من قبل رئيس الحكومة المكلف، على أن يمكن هذا التعديل ومحاولات تأجيل جلسة منح الثقة من حشد دعما برلمانيا للحكومة بعد إعلان أغلب الكتل البرلمانية عن عدم منحها الثقة للحكومة المقترحة على غرار قلب تونس والكتلة الديمقراطية التي تضمّ كل من التيار الديمقراطي وحركة الشعب وكتلة ائتلاف الكرامة والحزب الدستوري الحر وكتلة المستقبل..
بعد يوم من انعقاد مجلس الشورى، عقدت حركة النهضة مساء أمس مكتبها السياسي خصص للتداول في الإشكال القائم حول تركيبة الحكومة المقترحة، وفق تصريح عضو المكتب السياسي لحركة بلقاسم حسن لوكالة تونس إفريقيا للأنباء، مشيرا إلى أن الاتصال والتشاور مع رئيس الحكومة المكلّف الحبيب الجملي متواصل من أجل تعديل تركيبة حكومته المقترحة أو الالتزام بالتعديل بعد منح الثقة للحكومة. وشدد على أنه يجب على الجملي أن يصغي إلى كل الآراء ويتفهّم مواقف كل الكتل في البرلمان، وإذا اقتضى الأمر أن يقوم بمراجعات فليكن ذلك.
مأزق بين النهضة والجملي
لم تنكر قيادات حركة النهضة خلال تصريحاتها الإعلامية بوجود مأزق بين الحركة ورئيس الحكومة المكلف الذي لم يأخذ بالمقترحات التي قدمتها له، فسمير ديلو اعتبر أن الحركة لم تنجح في إقناع الجملي بقبول مقترحاتها، وهناك شخصيات اقترحتها النهضة لتركيبة الحكومة لكن لم يقبل بها الجملي كما أنّ هناك بعض الأسماء عيّنها الجملي في حكومته والحال أن النهضة لم تقتنع بها، أما معز بالحاج رحومة فقد تحدث عن الوزراء التي تتحفظ عليهم الحركة وهم كل من وزير التربية كمال الحجام ووزير الفلاحة حسن الشورابي ووزير الثقافة فتحي الهداوي ووزير الدفاع الوطني عماد الدرويش ووزير الشؤون الاجتماعية السيد بلال ووزير التجارة البشير الزعفوري إلى جانب تحفظها على بعض كتابات الدولة والتي تراها غير ضرورية.
تكثيف المشاورات
في الوقت الذي صرح فيه الحبيب الجملي تمسكه بالتركيبة المقترحة، فإن حركة النهضة مازالت تصر على دعوته إلى تكثيف المشاورات مع كل الأحزاب والمجتمع المدني والجمعيات حتى تنال الحكومة ثقة البرلمان، فحكومة الجملي إلى حد كتابة هذه الأسطر ضمنت فقط تصويت كتلة حركة النهضة التي دعت بعد اجتماع مجلسها الشورى نهاية الأسبوع المنقضي الكتلة البرلمانيّة للحزب وبقية الكتل إلى منح الثقة لصالح حكومة الجملي مراعاة للمصلحة الوطنيّة والتزاما بالمسؤولية السياسيّة مع تسجيل التحفظ على خيار استبعاد الكفاءات الحزبية واقتراح بعض الشخصيات التي لا تستجيب لإنتظارات الكثير من التونسيين.
حركة النهضة دعت أيضا رئيس الحكومة المكلف إلى تكثيف مشاوراته مع مختلف الكتل البرلمانيّة وكافة أعضاء مجلس نواب الشعب لتوفير الحزام السياسيّ الضروري للحكومة وضمان الانطلاقة المناسبة لها، وذكرت أن دعم الحركة للحكومة ولأعضائها مرتبط بقدرتها على الوفاء بمقتضيات الدستور وإنفاذ الإصلاحات الضرورّية ومكافحة الفساد والفقر وإعطاء الأولوّية للتشغيل والتنمية الجهويّة تحقيقا لأهداف الثورة.
في موقف محرج
وضع الحبيب الجملي حركة النهضة في موقف محرج من خلال سعيها للبحث عن دعم برلماني وسياسي للحكومة المقترحة بالرغم من تحفظاتها عليها، لتتالى الاجتماعات في الأيام الثلاثة الأخيرة للحركة بين مجلس الشورى والمكتب السياسي، ووفق تصريح القيادي بالحركة وعضو مجلس الشورى سامي الطريقي لـ«المغرب» فإن المكتب السياسي في اجتماعه أمس أيّد قرار مجلس الشورى بدعم حكومة الجملي لكن مع دعوته لبذل مزيد الجهود من أجل إقناع بقية الكتل البرلمانية للتصويت بمنح الثقة لها مراعاة للمصلحة الوطنية بالرغم من اعتراض الحركة على صيغة الحكومة المستقلة والتي وضعت النهضة في إرباك باعتبار أن الحكومة المستقلة عنوان لم ترفعه الحركة في أي مرحلة من مراحل المشاورات بل تحدثت فقط عن حكومة سياسية بشخصيات متحزبة مع إقحام بعض الشخصيات المستقلة لتطعيم الحكومة ولكن يبدو أن رئيس الحكومة المكلف كان له رأي مخالف لحركة النهضة.
البحث عن مخرج لتجاوز الاحراج
الحركة وفق الطريقي باتت في حرج من خلال بحثها عن الدعم السياسي لهذه الحكومة وهذا ليس بالمعقول، فمن جهة هذه الحكومة مستقلة ومن جهة أخرى النهضة تبحث لها عن الحزام الداعم لها داخل مجلس نواب الشعب، ليشدد على أن هذه الحكومة في عنوانها وفي شعارها المرفوع وهويتها حكومة مستقلة وتحاول الحركة البحث عن كيفية تجاوز هذا الإحراج بتكثيف الجهود من أجل تمرير هذه الحكومة في ظلّ التصريحات والبيانات المتعددة لأغلب الكتل البرلمانية والتي تؤكد فيها عدم منحها الثقة لحكومة الجملي، ومن هنا فإن كل من المجلس الشورى والمكتب السياسي للحركة يطالبان الجملي بمزيد بذل الجهود لإقناع الكتل البرلمانية لاسيما الكتل المتوقع أن تدعمه في مرحلة ما.
كما أشار الطريقي إلى أنه لم يتم تأجيل جلسة منح الثقة للحكومة المقررة يوم 10 جانفي الجاري وقد فهم تصريح النائب بلقاسم حسن خطأ وهو أراد فقط أن يؤكد أنه في صورة عدم تمرير الحكومة فإننا سنجد أنفسنا في وضعية صعبة، وبين محدثنا أن الجملي قد قطع العلاقة اللازمة مع الحركة والاستقلالية ليست في تعيين الوزراء بل في إثبات ذلك عند عمل الحكومة بما تقدمه من خطوات واليات ومبادرات لإنجاح كل المحطات التي ستعترضها وأول محطة لها ستكون جلسة منح الثقة لها في البرلمان.