تبحث حركة النهضة بعد انعقاد ندوتها السنوية الأولى في نهاية الأسبوع الفارط على امتداد يومين عن شراكة وتوافق أوسع مما هو موجود حاليا، شراكة تشمل كل الأطراف التي تقبل العمل بأطر وثيقة قرطاج وتحت سقف رئاسة الجمهورية مع التشديد على أن الحركة ليس لها أي خصوم سياسيين، فالمهم بالنسبة لها أن يكون التوافق عنوان المرحلة القادمة.
جملة من التوصيات انبثقت عن الندوة السنوية الأولى للنهضة سواء على المستوى السياسي أو الاجتماعي أو الاقتصادي على غرار تجديد دعوة الحزب السابقة إلى تنظيم حوار وطني اقتصادي واجتماعي والإسراع بوضع نظام داخلي للحزب يكون بمثابة الآلة التشغيلية لمختلف هياكله ومواصلة مؤسسات الحركة اهتمامها بملف العدالة الانتقالية والعفو العام وحفظ حقوق الضحايا المعنوية والمادية وتعزيز الحضور بالصفة للكتلة النيابية داخل مؤسسات القرار وكذلك دور المكتب السياسي المركزي والمؤسسة السياسية الجهوية، تكريسا لتوجّه التخصّص الذي أقرّه المؤتمر العاشر، وتثبيتا للطابع السياسي للعمل الحزبي إلى جانب وضع مدوّنة سلوك للممارسات الفضلى التي ينبغي أن يحتذيها مسؤولو الحزب في الدولة أو المؤسسات القيادية للحزب.
شراكة أوسع تحت سقف وثيقة قرطاج
سامي الطريقي عضو مجلس الشورى لحركة النهضة أكد لـ»المغرب» أن الندوة السنوية هي مؤسسة تمّ إحداثها منذ المؤتمر العاشر للحركة مهمتها متابعة ومراقبة وتقييم عمل جميع مكاتب الحركة من شورى ومكتب تنفيذي كل سنة على أن تعقد مع نهاية السنة بحضور جميع الهياكل المتمثلة في مكتبها الشوري ومكاتبها التنفيذية وكل الكتاب العامين المحليين ورئيس الحركة والكتاب العامين للمجالس الجهوية، مشيرا إلى أن هذه الندوة يتم التحضير لها عبر ندوات إقليمية تنبثق عنها جملة من التوصيات يتم النظر فيها خلال الندوة السنوية المركزية. وأضاف سامي الطريقي أن الندوة السنوية هي بمثابة سلطة استشارية وسلطة اقتراح تتولى إسداء توصيات فقط باعتبار أن أعلى سلطة بين المؤتمرين هي سلطة مجلس الشورى، فهي ترسم السياسات وتضعها وتسهر على تنزيلها بمراقبة المكتب التنفيذي.
يتم خلال الندوة السنوية النظر في جميع الأعمال وتقييمها والتثبت من مدى تطبيق كافة هياكل الحزب لمقررات المؤتمر وتسدي التوصيات في ذلك ويبقى لكل من مجلس الشورى والمكتب التنفيذي فيما بعد إمكانية الالتزام بتلك التوصيات من عدمه، وفق الطريقي الذي شدد على أن جميع هياكل الحركة خلال انعقاد الندوة السنوية أقروا مرة أخرى الخط السياسي للحركة وضرورة إبقائه في ذات المسار أي الشراكة والتوافق يعني يبقى هو عنوان المرحلة المقبلة ولا مفرّ دون ذلك مع تثمين عمل الهياكل ضمن هذا الإطار وبالتالي فإنه لا تغيير في سياسات الحزب بل العمل على توسيع أفق هذا التوافق بقدر الإمكان ضمن وثيقة قرطاج، وذكر بأن التوافق قد انطلق بين القيادات الكبرى للحزبين أي النهضة والنداء في إشارة إلى الباجي قائد السبسي وراشد الغنوشي ثمّ تطور إلى الحوار الوطني تحت رعاية الرباعي الراعي للحوار ثم إلى حكومة ائتلافية بمقتضى أحزاب الائتلاف ثمّ توسع إلى حكومة الوحدة الوطنية التي انبثقت عن وثيقة قرطاج وعلى ذلك الأساس فقد أقرت الندوة السنوية هذا التوافق الموسع وتدعو إلى مزيد توسيعه بمن يلتزم بوثيقة قرطاج ويرى نفسه بإمكانه العمل تحت هذا السقف ما لم تقع تغييرات في الفترات المقبلة، فالندوة تصدر توصياتها بالمحافظة على التوافق بمقتضى وثيقة قرطاج وما يمكن أن يتطور بعدها.
التحرّر من الشمولية
الندوة السنوية كما في المؤتمر والأعمال التي توصلت إليها من قبل مجلس الشورى والمكتب التنفيذي، تقرّ بسياسة التوافق والشراكة مع ضرورة دعمها حسب مقتضيات المرحلة وكلما اقتضت الحاجة لذلك ضمن الأفق الأولي وهي وثيقة قرطاج، فالنهضة ليس لديها خطوط حمراء في قبول الأطراف وليس لها خصوم سياسيين بل كل الأطراف التي تقبل العمل ضمن أطر وثيقة قرطاج وتحت سقف رئاسة الجمهورية معنية بالتعامل والتفاعل والشراكة معها. وبالنسبة إلى توصية التحرّر من الشمولية وتكريس التخصّص في العمل السياسي تحت سقف الدولة المدنية والديمقراطية، قال عضو مجلس الشورى إن الندوة السنوية أكدت في نقطة ثانية لها على مسألة التخصص وقد عاينت الندوة بمقتضى الكتاب العامين المحليين والجهويين وكل الهياكل وجود بعض الاخلالات والنقائص في تنزيل هذا القرار ولئن كان هذا يعدّ أمرا طبيعيا باعتبار أنه أحدث انعطاف في إستراتيجية الحركة والعمل الشمولي كان مرتبطا بالعمل السري قبل الثورة، فإن مقتضيات المرحلة أجبرت الحركة على مراجعة سياساتها وتخصصها في المجال الدعوي والتوجه خلال المؤتمر العاشر إلى التخصص في الجانب السياسي.
لجنة لترشيح كفاءات لمواقع المسؤولية في الدولة
مجمل الاخلالات التي تمّ تسجيلها نظرت فيها الندوة السنوية لتقرّ وتثبت مسألة التخصص في الجانب السياسي والقطع مع مبدأ الشمولية وقد كلفت المكتب التنفيذي بمتابعة ذلك، حسب الطريقي، الذي أشار إلى أنه تمّ التشديد على مزيد الحرص والالتزام بهذا القرار التاريخي. أما بالنسبة لتوصية إنشاء لجنة لترشيح كفاءات الحزب لمواقع المسؤولية في الدولة، والاعتماد على لجان مجلس الشورى المختصة، لمتابعة تلك الملفات على مستوى السياسات والتنزيل، فيقصد بها الحوكمة الرشيدة والتفاعل مع الدولة، حسب تعبير عضو مجلس الشورى وستتولى هذه اللجنة المشتركة بين مجلس الشورى والمكتب التنفيذي متابعة السير الذاتية للأسماء والكفاءات المقترحة لمناصب الدولة لتفادي أي عنصر مفاجئ من شأنه أن يقلق الحركة.
نقطة هامة أيضا ركزت عليها الحركة خلال الندوة السنوية وهي تنظيم حوار وطني اقتصادي واجتماعي وذلك لتعميق التوافق حول الإصلاحات الكبرى المتأكدة ورسم خريطة طريق للتنزيل وتدقيق الحوكمة الشاملة والرشيدة للملف الاقتصادي والاجتماعي، وقد أكد الطريقي في هذا الصدد أن رئيس الحركة قد سبق أن دعا إلى مثل هذا الحوار وتمّ تجديد الدعوة خلال الندوة وذلك من أجل توسيع التوافق السياسي إلى توافق اقتصادي واجتماعي بمشاركة جميع الأطراف المتداخلة من حكومة وأحزاب ومنظمات وطنية، مسألة ستعكف الحركة على الاشتغال عليها في الفترة القادمة.