بعد الاختلافات الحاصلة في وجهات النظر بين أعضاء مجلس الشورى حول الصيغة الحالية لمشروع قانون المصالحة بين رفضه أصلا والقبول به ورغم محاولات زعيم الحركة راشد الغنوشي إقناع الأغلبية بقبول المشروع، فإن مجلس الشورى اهتدى إلى حلّ وسطي كون الصيغة الحالية المعروضة تحتاج إلى مزيد من التحسينات، وسط التشديد على أن الحركة لم ولن تطالب بسحب القانون بل فقط بادخال التعديلات الضرورية واللازمة بالاستناد إلى تأكيدات مستشاري رئاسة الجمهورية خلال الاستماع لهم في لجنة التشريع العام بأن المشروع منفتح على كل التعديلات والمقترحات.
الانسجام مع أحكام الدستور والعدالة الانتقالية
قرّر مجلس شورى حركة النهضة عدم قبول مشروع قانون المصالحة المالية والاقتصادية في صيغته المعروضة حاليا على لجنة التشريع العام في مجلس نواب الشعب، داعيا إلى ضرورة إدخال تعديلات جوهرية عليه ليكون منسجما مع أحكام الدستور ومنظومة العدالة الانتقالية، ذلك أن كل المتدخلين أكدوا أهمية المصالحة الاقتصادية في إطار مصالحة شاملة وأن باب العدالة الانتقالية لا يمرّ من عنوان واحد وإنما يمكن أن يمرّ من عدة عناوين ومسارات مختلفة لكن تبقى الصيغة المقدمة هي الإشكال، صيغة لم يطمئن إليها الشارع التونسي ولم تحظ بإجماع النخبة السياسية، وقد توقف مجلس الشورى في جانب كبير منه عند هذه المسألة خاصة مع اختلاف المواقف بين الأعضاء، حيث أن البعض يرون أن هذه الصيغة يمكن أن تكون مقبولة في حين البعض الآخر يعتبرها غير مقبولة أصلا.
سامي الطريقي عضو مجلس الشورى للحركة أكد لـ«المغرب» أن الحركة مع مبدأ المصالحة ولكنها ترفض مشروع القانون المعروض في صيغته الحالية وهي تدرس مختلف التعديلات الممكن إدخالها عليه، مشيرا إلى أن وفد رئاسة الجمهورية خلال الاستماع إليه في لجنة التشريع العام عبّر بدوره عن قناعاته بإدخال بعض التعديلات على المشروع، فالصيغة الحالية المقدمة فيها بعض الاخلالات منها أن قرارات اللجنة باتة بينما المسألة يمكن أن تكون محلّ طعن، إضافة إلى ذلك فإن الأوضاع القائمة في البلاد والاحتجاجات وحالة الاحتقان في اغلب الجهات ليست مناسبة لتمرير القانون في الوقت الحالي، ذلك أن هذه العملية قد تساهم في مزيد تأجيج الوضع بالنظر إلى عدد الرافضين له.
تمرير بالمغالبة
مسار المصالحة الاقتصادية ينبغي أن يكون بإقناع كل الأطراف ويطمئن له الجميع وألا يكون مسقطا وبالمغالبة أي بالأغلبية البرلمانية ولكن عبر محاولة تجميع أكثر ما يمكن من التوافقات لتمرير القانون في مناخات سياسية تعود على البلاد بالمردودية المطلوبة، وفق عضو مجلس الشورى، الذي أشار أيضا إلى أن مشروع المصالحة الاقتصادية هو مشروع يبحث عن المصالحة لكن دون الالتفاف على المردودية والنجاعة السياسية وعليه فإن القانون بهذه الطريقة المطروحة وبعد......