تنامي مؤشرات التضييق على حرية الإعلام: السلطة رسخت مناخا عاما معاديا للصحافة

مرة أخرى نقف على التناقض الرسمي للدولة التونسية وممارسات بعض من أجهزتها خاصة اذا تعلق الأمر بحرية التعبير

والإعلام بين خطاب سياسي يتعهد بحماية هذه الحقوق والحريات وتعزيزها ممارسات عنوانها الأبرز اليوم ملاحقة الصحفيين أمام القضاء بتهم عديدة.

الصحفيان المنضمان الى قائمة الملاحقين امام القانون والقضاء هما الزميلان الياس الغربي وهيثم المكي اللذين مثلا يوم أمس امام فرقة مكافحة الإجرام بالقرجاني على خلفية شكاية تقدم بها عون امن ضدهما ساءه ما تضمنته حلقة يوم الاثنين الفارط من تعليق ادلى به الزميل هيثم المكي .هنا تحدث الرافضون بوجود خطر يحدق بحرية التعبير والاعلام وان ما حدث مع الزميلين امتثال للقانون وتطبيقه وان الأخير فوق الجميع ولا احد له حصانة او يمكنه الإفلات من العقاب ان اخطأ.

قول حسن يراد به خلق سياقات مغايرة للسياقات التي حفت بقضية الحال فالزميلان أحيلا امام فرقة مكافحة الإجرام بالقرجاني بعد اقل من اسبوع من بث الحصة محل التتبع .

صورة مفادها اليوم اننا لسنا امام خطاب سياسي يعلنه بشكل صريح بانه يستهدف حرية الإعلام او امام سلطة تتخذ خيارات سياسية عمومية تقلص من هوامش الحرية وتضيق على عمل الصحفيين الا أننا امام سلطة وفرت كل المناخات العامة لاستهداف الصحافيين وحرية التعبير بوجه عام

خطاب سياسي رسمي معاد للصحافيين ومخونا لهم يتهمهم بالضلوع في مؤامرات على الشعب وعلى قوته والترويج لاكاذيب من بينها أكذوبة ان لا وجود لتضييق على حرية الإعلام وحجة الرئيس ان لا صحفي سجن على خلفية مقال اي انه لا يوجد تتبع للصحافيين على مضمون عملهم الصحفي بل هناك ملاحقة قانونية وقضائية ضدهم على خلفية جرائم حق عام او فساد وغيرها من الجرائم التي لا تندرج في بند التضييق على حرية التعبير.

مقابل هذا الخطاب نجد ممارسة من قبل النيابة العمومية تثير الانتباه اذا تعلق الامر بسرعة الإجراءات والنظر في الشكايات التي ترفع ضد صحفيين او ضد نشطاء حقوقيين وسياسيين على خلفية تصريحات او تدوينات او عمل صحفيس .

خلال الأيام القليلة الفارطة كنا أمام حالات متعددة كملاحقة أستاذ قفصة احيل على القضاء بسبب تدوينة نشرها مضمونها كاريكاتور ينتقد الرئيس قيس سعيد كذلك الشبان الذين نشروا أغنية على منصات التواصل ينتقدون فيها الأمن كذلك الزميلان الياس وهيثم اللذين يلاحقان حول مضمون تعليق صحفي تناول حدثا سياسيا عاشت على وقعه تونس خلال الأسبوع الفارط.

القضايا تتقاطع في عدد من النقاط من بينها سرعة الإحالة وسرعة البت وسرعة اتخاذ الإجراءات القانونية والقضائية ضد المشكتى بهم .ففي حالة الزميلين الياس وهيثم تقدم عون أمن بشكاية ضد الصحفيين يوم الثلاثاء ووجه إليهما الاستدعاء للمثول أمام فرقة مكافحة الإجرام بالقرجاني يوم الأربعاء وكان موعد جلسة الاستماع الأولي يوم الجمعة الفارط.

وتم تأجيل جلسة الاستماع ليوم الاثنين وهو ما تم ليمثلا يوم أمس امام الفرقة للاستماع إليهما كمشتكى بهما في قضايا كيفت على مضمون المجلة الجزائية التونسية والتمسك بملاحقة الصحفيين والمدونين والمواطنين على معنى المجلة الجزائية أو المرسوم 54 يشكلان صورة مفادها الآتي أن الجهات الامنية والقضائية تستخلص من الخطاب السياسي ومن المناخ العام التونسي أن المزاج العام اليوم في تونس سياسيا وشعبيا ومضاد للصحافيين منتقدا لهم بحدة وغير مستبطن لمبادئ الحقوق الحريات.

وعليه فإننا نصل إلى استنتاجات عنوانها الأبرز أن المزاج العام مع استهداف كل تلك الأصوات التي تغرد خارج السرب .

ووفق هذه الاستنتاجات يقع التحرك بهدف نيل رضا السلطة مما يحمل السلطة السياسية اليوم مسؤولية وضع حد لهذا الفهم ولكل محاولات بعض أجهزة الدولة مسايرة مزاجها إذ تتمثل المسوؤلية اليوم في تنقية المناخ العام ووضع حد لهذا الانزلاق.

 

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115