بعد فشل المحاولة الإنقلابية تركيا أمام رهان ديمقراطي جديد ...

المحاولة الإنقلابية في تركيا كشفت أن التجربة التركية بقيادة حزب العدالة والتنمية، لا تلقى كل التأييد من بعض المؤسّســات الهامّة في الدولـة التركية، مثل الجيش والقضاء، بالرغم من أن إرتقاء الحزب إلى السلطة كان عبر إحدى الآليات الديمقراطية المتمثّلة في الإنتخابات،

ورغم النتائج الإيجابية الّتي حققّتها تركيا في المجال الإقتصادي.

وما تأكّد هو أن الوسائل الّتي تدرّج حزب أردغان في تكريسها لتقليص نفوذ الجيش و إحكام سيطرته على مختلف المؤسّسات ، لم تدعّم مناهج التعامل الديمقراطي بتوسيع قاعدة الإنخراط فيها ، بل خلقت بؤرا للتوتر السياسي وعدّة جبهات معارضة لسياسته ،ممّا خلق مناخا اجتماعيا اتسم في أكثر من فترة بالإحتجاجات و التوتّر، يضاف لها بعض التوتر الّذي سببته السياسة الخارجية على الصعيد الإقليمي والدولي.

ولكن فشل هذه المحاولة ، الّتي لاقت شجبا ورفضا من المجتمع الدولي، لإعتبارها تضرب «الممارسة الديمقراطية»، ستزيد في شعبية رجب أردوغان على الأمد القصير، وهو ما سيستعمله لتبرير سياسة «العصى الغليظة» في مجال الحريات العامة و الفردية ، ولمواصلة منهجية «التقليم الناعم» لنفوذ بقية مؤسسات الدولة على حساب مزيد تدعيم نفوذ أوسع لسلطاته .

و لكن ما قد يحقّقه أردوغان من «نصر « آني له و لحزبه، لن تنعم به الدولة التركية في المستقبل، في منظار المجتمع الدولي، والمنظمات الأممية و الحقوقية الناشطة في مجال حقوق الإنسان ودعم الحريات الأساسية .

فلتركيا وزن هام على المستوى الإقليمي والدولي، لاستراتيجية موقعها ولتموقعها الجيو سياسي والعسكري والإقتصادي، ولكن كثرة التقلبات السياسية فيها وتعرّض الدولة لمحاولات انقلابية، أو دخولها في مواجهات مع الأكراد وفي خلافات مع دول المنطقة، ودعمها لمعارضات هنا وهناك، ستجعلها محل مخاوف الدول الأوربية ومحل ضغط ومتابعة لصيقة لأمريكا وحلف الناتو عموما، وكذلك محل تخوّف من الدول الإسلامية التي كانت لها إرتباطات تاريخية بالدولة العثمانية المنحلّة، من جهة ومن جهة أخرى، من روسيا أيضا بحكم مصالحها الإقليمية .

إذن الخطر أن تشكّل المحاولة الإنقلابية الفاشلة، ذريعة لضرب الحريات وتصفية الحسابات السياسية مع المعارضة والخصوم ....

اشترك في النسخة الرقمية للمغرب ابتداء من 25 د

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115