على الأطراف الإجتماعية والسياسية للنقاش والإثراء، وكذلك كان هدف «المغرب» من نشرها وإطلاع الرأي العام عليها.
هذه الوثيقة الّتي تضمّنت كتابة شرح أسباب المبادرة مع ترتيب الأولويات الّتي سبق الإعلان عنها في الحوار الّذي بثته التلفزة الوطنية في02جوان الجاري ، وُضعت على طاولة الحوار لوضع معالم البرنامج الّذي سيقع العمل به ،و لكشف ملامح متطلبات التشكيلة الحكومية الّتي ستتولّى إنجاز مهام الخروج من الوضع المتأزم الّذي تعيشه البلاد.
واعتماد وثيقة مكتوبة يوحي بأن رئيس الجمهورية أراد تقديم تعهّد لا للأطراف المشاركة في الحوار فحسب، بل أراد من خلال هؤلاء التعهّد للشعب بالعمل على إنجاز الأولويات الّتي تضمنتها المبادرة إذا وجدت الدعم من الأطراف الفاعلة في الحياة الإجتماعية والسياسية. و بالتّالي يمكن اعتبار هذه الوثيقة، إن صح التعبير، «وثيقة حسن نوايا»، أراد رئيس الجمهورية من ورائها:
أوّلا / التأكيد على أنه في هرم المسؤولية على دواليب الدولة وهو يباشر هذه المسؤولية لتجاوز المصاعب، ولو بتجاوز الشكليات، مع احترام المسافات اللاّزمة عن كل الأطراف السياسية.
ثانيا/ إخلاء ذمّته من مسؤولية عدم الإنخراط في هذه المبادرة ومما سينجم عن ذلك من تبعات.
ثالثا/ إن الباب مفتوح لكل من يرغب في الإنخراط في إطار هذه المبادرة ، لمجابهة الأوضاع الصعبة الّتي تمرّ بها البلاد والمرشحة للتفاقم ما لم تتوفر «الإرادة الجماعية» لتجاوزها.
لذلك يلاحظ المتمعن في الوثيقة أنها أضافت لما سبق التصريح به ،بعض التفاصيل والرسائل البرقية لكل الأطراف، بالتأكيد على «أن فرص نجاح تونس لا تزال متوفّرة وهي لم تتحقّق إلى حد الآن، لأنه لم يتم تحديد الأولويات المشتركة» مع التشديد على أن «قيام حكومة وحدة وطنية تتميّز عناصرها بالكفاءة والنزاهة والتناغم» بعد مصادقة البرلمان على الأوليات المتفق عليها ،هي الضامنة لنجاعة أدائها معطيا مضمونا عامّا لمفهوم الوحدة الوطنية ، فإعتبرها تلك الّتي «ترتكز على أهداف مشتركة وآليات عمل واضحة قادرة على الإسراع في الإستجابة لإنتظارات المواطنين و إعادة الأمل لهم وهي الّتي تضمن الإنخراط الواسع لكل الفئات الإجتماعية والشعبية في البرامج المحدّدة سلفا .» ودعا رئيس الدولة «إلى البدء في حوار واسع مع كل الأطراف المنخرطة في هذا التوجه والمتبنية لهذه الأرضية».
والواضح أن تعديل بعض التفاصيل وعدم التعرض لحكومة الصيد إلا ببعض التلميحات عن عدم تحديد الأولويات المشتركة، جاءت بعد الوقوف على بعض ردود الفعل، والرغبة في توسيع تأييد المبادرة لإنجاحها.
ولكن ما لا يغيب عن أحد أن تحرير الوثيقة وتوجيهها إلى الأطراف الإجتماعية والسياسية المشاركة في الحوار حول تشكيل حكومة وحدة وطنية رغم وضعها لبعض النقاط على الحروف، لا يهدف إلى إقناع المقتنعين بها، بل يرمي إلى توسيع دائرة المؤيّدين لها، لذلك شكّل نقص تحديد أطر «الحوار الواسع» الّذي تمّت الدعوة له، فراغا في منهجية تأطير المبادرة .
وبالإضافة إلى ذلك، خلت الوثيقة من الإشارة إلى بعض المسائل العاجلة الّتي تهمّ جوانب تخص تنقية المناخ الإجتماعي والمصالحة الإقتصادية و إجرءات الإنعاش السريعة المتصلة بالجباية والديون والإصلاحات الهيكلية والتشريعية المتأكّدة.
والإيجابي في وضع الوثيقة و نشرها، أن ذلك قد يرتقي بالحوار من معضلة الجدل حول توزيع الحقائب الوزارية والمحاصّة الحزبية إلى التباحث حول الأولويات الوطنية الكفيلة بتغيير الأوضاع نحو الأفضل ، و لعلّ مزيد تأطير الحوار الموسع وتوفير آلياته، وتجنّب سلبيات المعالجة السابقة للأوضاع السياسية ، سيثري الوثيقة ويحوّلها بالفعل إلى «ميثاق إنقاذ وطني عاجل».