اليوم العالمي لحقوق الإنسان: أمام اختبار الشارع ؟

تهيمن التناقضات على المشهد السياسي التونسي وتتعاظم في هذه الفترة لتدفع وتجعله بين منزليتين فلا هو مستقر ليخضع لنسق السلطة وهيمنتها

ولا هو متحرر منها قادر على توليد دينامكية تدفع بالأحداث لمرحلة جديدة تعيد تشكيل التوازنات السياسية وثقل كل لاعب.
وضعية باتت فيها العملية السياسية التونسية نتيجة تقاطع عدة عناصر وتداخلها مع توتر المناخ الاجتماعي الذي ينظر اليه اليوم كعنصر محدد في المعادلة السياسية من قبل السلطة ومن قبل خصومها على حد سواء.
إدراك السلطة التنفيذية لوقع المناخ الاجتماعي المتوتر على استقرارها وقدرتها على استكمال مسارها الذي بلغ اليوم محطة الانتخابات التشريعية التي تراهن السلطة التنفيذية على ان تكون نسبة المشاركة فيها مرتفعة حتى تحصنها من موجة الارتدادات.
في المقابل يراهن خصوم السلطة على ان يكون التوتر الاجتماعي العنصر المفقود في معادلتها اي ان يقود توتر المناخ الاجتماعي الى تغيير كلي في منحى العملية السياسية ينطلق بتأكيد انحسار شعبية الرئيس ومساره السياسي وهذا لا يمكن قياسه قبل يوم الاقتراع في 17 ديسمبر الجاري.
هنا تتقاطع خطط جملة من الاحزاب في تحديد الخطوات التي تمهد الارضية امامها لتغنم من بلوغ التوتر الاجتماعي درجة تسمح بالتغيير الجذري للمعادلة السياسية. والتقاطع هنا يقودها الى ان تجعل موعد 10 ديسمبر الجاري موعدا لجس النبض، وليس المقصود هنا قدرتها على التعبئة فقط بل قدرتها على أن تجعل انصارها على «خصومتهم» يتشاركون الشارع دون حاجة الى تحالف سياسي او أن يؤدي ذلك إلى صدام.

فمجموعة الاحزاب التي دعت بشكل صريح ومباشر للتظاهر يوم السبت القادم تضم مجموعتين بارزتين الاولى مجموعة الاحزاب الخمسة والثانية جبهة الخلاص، ومناصرو الطرفين سينطلقون من مكانين مختلفين لكن في ذات التوقيت ولذات الوجهة وهي شارع الحبيب بورقيبة.
شارع لا يراهن كلا الطرفين على ان يحشدا جموعا غفيرة فيه، بل يراهنان على كسر جموده اولا وعلى قدرتهما على تقاسمه دون تسجيل اي انحراف ينجر عن تجميع خصوم الامس.
رهان لا يمكن كسبه دون توفير حد من التنسيق حتى وان كان غير مباشر بهدف توفير ارضية تقوم على الحد الادنى المشترك وهو ان التحدي الذي تواجهه هذه الاحزاب منفردة او بشكل جماعي هو خطر هيمنة السلطة على الفضاء العام بشكل نهائي وغلق كل مساحات الفعل الحزبي او السياسي.
هذا التحدي هو ما تبحث هذه الاحزاب عن كسبه لتقطع اولى خطواتها في مسار تريده ان ينتهى بتقاطع بينها وبين الشارع يسمح بتوليد موجة من الاحتجاجات التي تؤطرها هذه الأحزاب وهذا بدوره رهين نسبة المشاركة في الانتخابات التشريعية.
العنصر المحدد ايضا في معادلة الاحزاب على اختلافها هو موقف الاتحاد وخياراته القادمة، فالنهج الذي ستسلكه المركزية النقابية في تعاطيها مع مستجدات المشهد السياسي والاجتماعي سيكون مؤثرا في المعادلة، واول اختبار لتموقع المركزية النقابية كخصم صريح للسلطة سيكون في قرار الاتحاد حول موعد نزوله بثقله في الشارع وتعبئة انصاره.

اختيار اما ان يثبت الحالة الراهنة باختيار التماهي مع الاحزاب وتجنب التقارب معها او اختيار تصدر المشهد وقيادة الاحزاب السياسية في المرحلة القادمة بشكل مباشر او مبطن وسيكون ذلك اعلانا عن دخول مربع جديد في اللعبة السياسية اليوم.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115