للانتخابات تحققت المخاوف من ان تكون الانتخابات التشريعية غارقة في المحلي دون افق ولا مشروع وطني.
فما كان ينظر اليه على انه استنتاجات متشائمة او مخاوف غير مبررة، تجسد بشكل كامل وصريح في كلمات المرشحين التي بثت على القناة الوطنية2 الى غاية أمس. كلمات كان القاسم المشترك بينها ان القائل حرص اولا على عدم تقديم وعود ثم أطنب في الدفاع عن جهته قبل ان يعد بالعمل على تحسين اوضاعها وافتكاك مكاسب لها.
خطاب انتخابي غارق في التفاصيل المحلية يقدم برامج وحلولا لمشاكل خاصة بدائرة انتخابية ويعد بمشاريع تنموية ضخمة إذا وقع انتخابه مع تطعيم الكلمة بتقديم حلول لمشاكل وطنية لكن من زاوية المحلي كمعالجة ازمة البطالة التي يتعهد بها كل مرشح لسكان دائرته او تحسين الطرقات والبنية التحتية للنقل والتي يعد بها جلهم.
هذا التناقض في تقديم برنامج انتخابي محلي بحت يعد بمعالجة ازمات وطنية يغفل المتحدثون عن انها ازمات تستوجب وضع سياسات عمومية ذات بعد وطني وليس جهوي تأخذ بعين الاعتبار الاولوية والتكلفة والنجاعة والمردودية وغيرها من العناصر المتدخلة في رسم السياسات العمومية على مستوى وطني.
سياسات يبدو ان المرشحين للانتخابات لا يدركون ان يدهم مغلولة ولا قدرة لهم على إطلاقها، وهذا يبين ان جل من بثت كلمته في التعبير المباشر لم يدرك بعد البناء الدستوري للسلطة وكيفية توزيعها ولم يستوعب مضمون وثيقة التزكية التي الزمته بوضع برنامج محلي لدائرته من مقاربة وطنية هو عاجز عن التأثير فيها.
هذه الصورة التي قدمتها حصص التعبير المباشر التي بثت الى غاية امس، متنافسون على شغل مقعد في البرلمان القادم يبدو ان جزءا هاما منهم لم يستوعب حقيقة الرهان ومحدودية صلاحيات المقعد الذي ينافس عليه مما جعله يتقدم ببرنامج انتخابي غير قابل للتنفيذ او ان بعضهم يتجاهل الامر.
فما يوعد به جل المترشحين الى غاية امس هو معالجة لازمات وطنية كأزمة التعليم، ازمة بيئية، ازمة النقل والبنية التحتية، وهذه الازمات لا تعالج على مستوى محلي ضيق بل على مستوى وطني، ، ترسم فيه السياسات والخيارات العمومية من منظور مغاير مختلف كليا عن ادارة الشان المحلي والجهوي ورسم سياساته.
هنا تتجسد المخاوف وتصبح حقيقة سنتعايش معها في البرلمان القادم، اذ ان هذا البرلمان سيكون اقرب الى «مجلس لممثلي محليات وبلديات» وهو ما يعنى محدودية قدرته على رسم سياسات وطنية عمومية او التدخل لتعديلها او حتى التاثير في عملية وضع هذه السياسات بحكم تركيبته اضافة الى البناء الدستوري.
فالمرشحون اليوم والمنتظر ان يفوز منهم 154 ليكونوا أعضاء في البرلمان القادم، سيصعدون الى الوظيفية التشريعية برنامج تنفيذي/حكم اي وعود ومشاريع تنموية وتنقيح لنصوص قانونية وغيرها من الوعود التي لا قدرة لهم على تحقيقها والاسباب عدة، فما يتقدمون به هو برنامج لمجموعة او تيار او طرف يراهن على الفوز باغلبية تسمح له بالحكم، والحال ان البناء الدستوري للبرلمان ينسف هذا الدور كليا.
في حصص التعبير المباشر: جبل من التناقضات...برامج حكم لبرلمان مقيد الصلاحيات
- بقلم حسان العيادي
- 10:32 28/11/2022
- 1274 عدد المشاهدات
كلّما تقدمنا خطوة في المسار السياسي والانتخابي لـ25 جويلية إلا و اتضحت الصورة العامة للمسار ومخرجاته والآن ومع انطلاق حصص التعبير المباشر للمترشحين